إزواجية الإمارات إزاء السودان
إزواجية الإمارات إزاء السودان
سمير باكير
لم تأل الإمارات جهدا للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وخلق التوتر وانعدام الأمن، لا سيما في السودان حيث باتت غارقة في مستنقع الصراعات الداخلية المستعرة في هذا البلد.
وفيما ما تزال قوات الردّ السريع، التي حاولت الإطاحة بالحكومة عبر إنقلاب، تخوض صراعاً مسلحاً مع جيش السلام السوداني، والجدير بالذكر في خضم هذه التطورات الحساسة هو دور الدول الأخرى في تذكية نيران النزاع في السودان.
من الطبيعي أن تقوم مجموعة عسكرية مثل ميليشيا الدعم السريع، بطريقة أو بأخرى، بتوفير الأسلحة التي تستخدمها في صراعها، وتزداد أهمية هذه القضية بالنظر إلى الهزيمة الفادحة التي منيت بها هذه الجماعة عندما خسرت مقر الإذاعة والتلفزيون.
كان مقر الإذاعة والتلفزيون أحد الأماكن الموجودة في “أم درمان” حيث خزنت الميليشيات المتمردة ذخائرها، واضطرت إلى الفرار بعد حصار الجيش لهذا المكان لمدة شهر.
واتهم ممثل السودان في الأمم المتحدة الإمارات بدعم هؤلاء المتمردين ثلاث مرات في اجتماع عام للمنظمة. وأكد أن الإمارات لا تقوم بتهريب الأسلحة لهؤلاء المسلحين فحسب، بل تنقل جرحاهم إلى مستشفى الشيخ زايد في أبو ظبي لتلقي العلاج.
في هذا الصدد أنشأت دولة الإمارات مستشفى ميدانياً في مدينة أبشي في في الوسط الشرقي لجمهورية تشاد بهدف معالجة المصابين بشكل أسرع.
وطبعا الإمارات تدعي أن هذا المستشفى تم بناؤه للاجئين السودانيين بتكلفة 20 مليون دولار.
لكن التقارير الميدانية تشير إلى أن المسلحين المصابين يخضعون للعلاج في أقسام مختلفة بهذا المستشفى.
حيث تعد جمهورية تشاد إحدى أدوات الدعم الكبرى لقوات الرد السريع، ولا تعد هذه الدولة مكانًا لعلاج الجنود الجرحى فحسب، بل تقوم الإمارات أيضًا بنقل الأسلحة والمرتزقة إلى السودان عبر هذه الدولة.
وأعلن الجيش السوداني حتى الآن أن هناك مرتزقة عسكريين من تسع جنسيات مختلفة في الميليشيات المتمردة، تم نقلهم جميعا إلى السودان عبر الإمارات. وأكد فريق خبراء الأمم المتحدة في دارفور أن الرحلات الجوية المنظمة تقوم بنقل الجرحى بانتظام.
كما أعلن جهاز المخابرات السوداني أن لديه وثائق تثبت أن أسلحة وقوات عسكرية أرسلت إلى السودان من جمهورية أفريقيا الوسطى.
كما يكشف مسح الخطوط الملاحية أنه في ظل الانقلاب وضعف أجهزة المراقبة السودانية، ترسل الإمارات سفنا تحمل ذخيرة لقوات الرد السريع. وتظهر هذه المواد، إلى جانب ادعاء الإمارات الحياد في هذه الحرب، أن أبو ظبي لا تريد الإعلان رسميا عن دعمها لقوات الرد السريع، لكن لها مصالح لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال قوات الرد السريع.