الدكرورى يكتب عن إتساع أبواب الخير “

الدكرورى يكتب عن إتساع أبواب الخير
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع إتساع أبواب الخير، فإن الخير هو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، والخير نسبي منه ما يقابل الشر، ومنه ما يقابل خيرا آخر لكونه أفضل منه، ويعتبر العمل الخيرى في الإسلام من أهم الأعمال شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة، وقد أكثر الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير، وجعله أحد عناصر الفلاح والفوز، كما أمر سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله، ونجد كذلك في القرآن الكريم ربطا بين الصلاة وإطعام المساكين، وروى ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير” وإن الله تعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا، وأعظم ذخرا، وأجدر باهتمام الإنسان.

وخير له في الدنيا والآخرة، وإن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وفعل الخير الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالا دون سابق إخبار فقال لهم “من أصبحَ منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال “فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا، قال “فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة” رواه مسلم، والملاحظ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادا أن يبادر أيامه الخوالي بالاستكثار من الباقيات الصالحات، وأن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة، وأن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيماني، حيث قال تعالى كما جاء فى سورة الحشر ” وؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” أى يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة، ويطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة، ولا ينتظرون منهم أى مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحى الالهي ودخل علي زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها ويقول زملوني، زملوني، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سبب في حفظ الله تعالى له، فقالت “كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”

فإن فعل الخير هو استسلام لأمر الله تعالى، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة القصص ” وأحسن كما أحسن الله إليك” وهو أمر قرآني أن يقابل الإنسان إنعام الله عليه بالمال، أو بالصحة، أو بالوقت، بالإحسان على الآخرين، وتقديم الخير لهم، سواء بالمال، أو بالمشورة الصادقة، أو بالمواساة، وإن فعل الخير يعطي الخيرية لأصحابه، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة البينة ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريه” وقد سأل نبى الله موسى عليه السلام يوما يارب أنت أرحم الراحمين، فكيف جعلت نارا ستدخل فيها الناس؟ قال يا موسى كل عبادي يدخلون الجنة إلا من لا خير فيه” وكذلك فإن فعل الخير يسبب الراحة النفسية، فتقول الدراسات العلمية إن الإكثار من فعل الخيرات يؤثر إيجابيا على الحالة النفسية للإنسان بل وتقي من أمراض القلب، وإن الخير الذي أشار الله إليه، ينتظم في كل بر، ويشمل كل عمل صالح، فطاعة الله خير والإحسان إلى الناس خير والإخلاص والنية الطيبة خير.

والإحسان إلى الناس خير وبر ذوى القربى خير والقول الجميل خير، ونظافة الجسد خير، وإماطة الأذى عن الطريق خير، وغراس الأشجار خير، والمحافظة على البيئة من التلوث خير، واحترام الآخر خير، والصدق خير والالتزام بالوعد والعهد خير، وبر الوالدين خير وإغاثة الملهوف خير، ورعاية الحيوان خير، والرياضة البدنية خير، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالمجتمع فهو خير، والدعوة إلي الله تعالى خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرخير، والعدل خير والسلام العالمي خير، والاستزادة من العلم والحكمة خير، وأنه قد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، ففى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قَال” لقد رأيت رجلا يتقلب فى الجنة فى شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين” ولقد كان منادى الخير وهو ينادى كل ليلة فى رمضان من قبل المولى تبارك وتعالى فيقول يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر.

لهو واعظ متكرر، ومذكر دائم وداعم مستمر، يرشد المؤمنين أن يقبلوا على فعل الخير ما فيه ربحهم ويكفوا عن فعل الشر وما فيه خسارتهم، وكيف لا والمسلم مطالب أن يغتنم ويتزود ما دام على قيد الحياة، فليكن الخير همك الدائم، وشغلك الشغال بأن تنويه وتعزم على فعله، فإن يسره الله لك وأعانك على أدائه فقد تحقق أجر ما فيه رغبت وإليه سعيت، وإن لم تتمكن من فعله وحيل بين العمل والنية فلك أجر ما نويت، وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه يوما أوصني يا أبتي، فقال يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، وهذه وصية عظيمة وفاعلها ثوابه دائم مستمر لدوامها واستمرارها، فإذا أحسن العبد القصد ولم تتهيأ له أسباب العمل فإنه يؤجر على تلك النية وإن لم يعمل، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعلمها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إِلَى سبعمائة ضعف إِلى أضعاف كثيرة، هذا ما أخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

وكما أن التفكر في الخير وإعمال الخاطر فيه دافع إِلى اغتنام أعمال الخير والتزوج منها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال التفكر في الخير يدعوا إِلى العمل به، والندم على الشر يدعوا تركه، فليكن فكرك مشغولا دائما بفعل الخير وأجر صاحبه، وآثاره الحميدة التى تعود إليك، وفي المقابل على المرء أن يتندم ويتأسف على ما وقع منه من خطيئة وما عمل من سوء، فكفى بذلك رادعا عن ارتكاب الآثام، قال ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا إِلا أراه الله تعالى إياه، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته، فيغفر الله من سيئاته ويثيبه بحسناته، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته، فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته، وأن صاحب الخير في هذه الدنيا وفي هذه المواسم المباركة خاصة، فإنه خير من تصاحبه وترافقه، فعن حاتم الأصم رحمه الله قال ورأيت لكل رجل صديقا يفشي إليه سرا ويشكوا إليه، فصادقت الخير، ليكون معي في الحساب ويجوز معي الصراط، فأكثر دوما من الخير إِنه هو النور في القبر لمن مات يحصل.

 

ونكمل الجزء الخامس مع إتساع أبواب الخير، فأكثر دوما من الخير إِنه هو النور في القبر لمن مات يحصل، وكن عبد الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، فالناس صنفان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن من علامات رضا الله عن العبد أن يجعله مفتاحا للخير فإن رؤي ذكر الله برؤيته وهو يتقلب في الخير، يعمل الخير وينطق بخير، ويفكر في خير، ويضمر خيرا، فهو مفتاح الخير حسبما حضر، وسبب الخير لكل من صحبه، والآخر يتقلب في شر ويعمل شرا وينطق بشر، ويفكر في شر، ويضمر شرا فهو مفتاح الشر، واعلم عبد الله أن إيمان العبد لا يكمل إِلا بتمني الخير لغيره من المسلمين، وما أعظم أن يكون المؤمن دليلا على فعل الخير، ليحظى بذلك الجزاء الوافر، وأنفع ما يقدمه المرء للناس إرشادهم وتعليمهم وبذل النصح لهم، ودلالتهم على فعل الخيرات، وحثهم على استثمار الأوقات، وتشجيعهم على اغتنام القربات، وسل الله الثبات على الدين وادعه أن يجعلك ممن يلزم طاعته وتقواه.

واستعذ بالله أن يردك على عقبيك فتترك الخير وتنقطع عنه، وتفعل الشر وتميل إليه نفسك، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال ولا تأمن لرجل أن يكون على خير فيرجع إِلى شر فيموت بشر، ولا تيئس من رجل يكون على شر فيرجع إِلَى خير، فيموت بخير، ولهذا يجب أن نحاسب أنفسنا، يجب أن نحاسب أنفسنا على التفريط في جنب الله، وندعو ربنا أن يثبتنا على فعل الخير حتى الممات، تأمل في قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وما تفعلوا من خير يعلمه الله” فهي تبعث في نفس العبد راحة وفي قلبه طمأنينة، ذلك أن المحسن إِلَى الخلق المخلص في ذلك لا ينتظر تقديرا ولا ثناء من الخلق، فإنه متى فعل الخير وأيقن بأن ربه يعلمه علما يثيب عليه هان عليه ما يجده من جحود نكران بعض الناس، للجميل الذى أسداه والمعروف الذى صنعه، فاعلم يا باغي الخير أن مفهوم الخير واسع وليس محصورا، فهو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، إِنها أيام وليالى إعتاق الرقاب وقبول المتاب.

ومضاعفة الحسنات، ورفعة الدرجات، فهلموا وأروا الله من أنفسكم خيرا في مواسم الخيرات، ولا تفرطوا في أوقاتها، فالعاقل لا يزهد في اكتساب الأعمال الصالحات، ولا يسوف ولا يتأخر في اغتنام القربات بل يلزم اليقظة ويتدارك ما فات، وعلى المسلم أن يتحرى الخيرات ويستكثر منها حتى يعتاد إليها، وتصير له سجية في النفس وعادة في الطبع، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال عودوا أنفسكم الخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين” والمسلم مأمور بأن يطلب الخير في دهره كله، لكنه مطلوب منه أن يجد ويعزم على استغلال الأيام الفاضلة، كفرصة هذا الشهر العظيم الذى انقضى الذى تفتح فيه أبواب الجنة، فما على المشمرين إِلا أن يقبلوا، وما على المتسابقين إِلا أن يبادروا، وقد تيقن المفلحون أن من الغبن والحرمان أن يحرم المرء فضل هذا الشهر، فهو زمن ليس كغيره من الأزمان كما قال ابن الجوزى رحمه الله.

شهر رمضان بين الشهور كيوسف بن إخوته، فكما أن يوسف أحب الأولاد إِلى يعقوب كذلك رمضان أحب الشهور إِلى علام الغيوب، وكان ليعقوب أحد عشر ولدا ذكورا، ولم يرتد بصره بشيء من ثيابهم، وارتد بقميص يوسف بصيرا، فكذلك المذنب العاصي إذا شم روائح رمضان، فإن شهر رمضان فيه من الرأفة والبركات والنعمة والخيرات والعتق من النَّار والغفران من الملك القهار ما يغلب جميع الشهور وما اكتسبنا فيه من الآثام والأوزار، فعلينا أن نتلافى ما فرطنا فيه في سائر الشهور، ونصلح فيه فاسد الأمور، فالله الله اغتنموا هذه الفضيلة في هذه الأيام المباركات، تعقبكم النعمة الجزيلة والدرجة الجليلة والراحة الطويلة إن شاء الله، وحتى يتحقق الاغتنام نحتاج إِلى أن نصون أوقاتنا في الأيام المباركه، ونحذر شياطين الإنس الذين يجتهدون في صرف المسلمين عما يكون فيه خيرهم ونفعهم وصلاحهم، وكما يجب علينا ألا تلهينا مواقع التواصل ولا غيرها عن اغتنام أوقات الأيام المباركات.

حيث يجد فيها بعض الناس تسلية ومتعة، فينشغلون بها وينصرفون عن الجد والاجتهاد في مواسم الخيرات، وأن الله سبحانه وتعالى قد سمى نفسه بالكريم، ووصف نفسه سبحانه بأنه ذو الجلال والإكرام، فسبحانه ما أكرمه، وما أعظم فضله على عباده، وإذا ذكر الكرام عد من أنبل صفاتهم وأكرم نعوتهم أنهم يفتحون أبوابهم ليدخل إليهم من يريدون القرى، وينشدون الفضل والإحسان، والله عز وجل، وله المثل الأعلى، قد علم أن بعباده إليه حاجة، وأنهم مفتقرون إليه، لا غنى لهم عنه، يريدون فضله، ويطمعون في عطائه ونواله، ويرغبون في القرب منه، والزلفى لديه، ففتح لهؤلاء العباد أبوابا كثيرة مشرعة ليدخلوا منها إلى فضله وإحسانه، وإلى رحمته ورضوانه، ولقد علم الكريم أن عباده الصالحين يحبون القرب منه، والزلفى لديه، ففتح لهم الأبواب الموصلة إلى رحمته، وبين لهم الطرق المؤدية إلى جنته، وعددها، ونوّعها لئلا يمل هؤلاء المحبون ويكلوا فيقطعوا، وسهّلها لئلا يتثاقلوا ويتركوا فيُحرموا.

وهذا من رحمته وتيسيره لعباده، إنه هو البر الرحيم، والناظر في كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم يجد هذه الطرق أكثر من أن تحصر، ومن رام عدها رام أمرا عسيرا، ولكن حسبنا أن نعمل بما نعلم، وأن نتذاكر فيما بيننا فيما لا نعلم، وأن نجتهد في ذلك، فمن اجتهد وجد، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حدّث أصحابه عن الزكاة، فسأله الصحابة عن الإبل والخيل، فأخبرهم بحقها وأجرها، ثم سألوه عن الحُمر، فقال صلى الله عليه وسلم “ما أنزل الله عليّ في الحُمر شيئا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” وهذا الجواب تقعيد مفيد لمسألة عظيمة ذات شعب متكاثرة، فبين للسائل أن الله عز وجل جعل على نفسه أن يعطي كل ذي حق حقه، فمن عمل صالحا فسوف يراه، ومن عمل سيئا فسوف يراه، وما ربك بظلام للعبيد، وفضل الله واسع، وعطاؤه جزيل، فربما عمل العبد عملا يظنه يسيرا ولكنه عند الله عظيم.

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها أى حذاءها فاستقت له به، فسقته، فغفر الله لها به” أنظروا امرأة زانية اشتهرت بالبغي والإفساد، عملت عملا صالحا أخلصت لله فيه فغفر الله ذنوبها، سبحانه هو الغفور الرحيم، فما ظنكم بمن رحم مؤمنا مسكينا ففرّج عنه أو أطعمه وسقاه؟ ومثل هذا ما أخرجه مسلم عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين” وفي رواية “مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة” ولا عجب فإن ذلك الرجل وتلك المرأة لم يتعاملا مع مخلوق يعتريه الضعف والفقر والبخل، وإنما كانت معاملتهما مع خالق كريم عظيم يحب من عباده أن يتقربوا إليه بالأعمال ولو قلت لينميها لهم، ويدخلهم بها جنات النعيم.

 

ونكمل الجزء السادس مع إتساع أبواب الخير، فإن الأعمال الصالحة تذكر بما عداها، وتدل على ما سواها، وتزيد المؤمنين إيمانا، وتبعث في نفوسهم الهمم ليرتقوا إلى أعالي القمم، فسلعة الله غالية، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر، فمن ذلك ما أدرك به الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه المنازل العالية في جنات النعيم، فقد جاء في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، سأل بلال فقال “يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام” لماذا سأله؟ إنما سأله ليعلم الأمر الذي أوصله إلى أعالي الجنان، فيقول صلى الله عليه وسلم “يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدى في الجنة” فقال بلال يا رسول الله، ما عملت عملا أرجى عندى من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي” وفي رواية لابن خزيمة عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم.

سأل بلال رضي الله عنه فقال “يا بلال، بم سبقتنى إلى الجنة؟ إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي” فما أسعد بلال إذ جاءته البشارة لا بدخول الجنة فقط وإنما بكونه سابقا إليها، ثم ما هذا العمل؟ وهل يعجز أحدنا أن يصلي ركعتين كلما توضأ تقربا إلى الله عز وجل؟ فيا له من عمل عظيم يورث صاحبه الجنة، مع سهولته ويسره على من أراده، ومن الأعمال الصالحة ذلك العمل الذى غفل عن عظيم أجره أكثرنا، ألا وهو الذهاب إلى المسجد والرجوع منه، فأكثرنا يظن أن الأجر يكون على الذهاب إلى المسجد فقط، أما الرجوع من المسجد فلا أجر فيه، وهذا من الجهل بفضل الله وإحسانه إلى عباده المقبلين على طاعته سبحانه، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال كان رجل من الأنصار لا أعلم أحدا أبعد من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاى إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلى.

فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال الرجل، فقال “قد جمع الله لك ذلك كله” رواه مسلم، ومن الأعمال الصالحة أيضا ذلك العمل الذى قلّ اهتمام الناس به وتسابقهم إليه، ألا وهو الأذان، فربما اجتمع قوم في مكان أو خرجوا في سفر ثم حضرت الصلاة فلم تجد بينهم من التنافس والحرص على التأذين ما يليق بهذا العمل العظيم، ولهؤلاء نسوق حديثا أخرجه البخارى في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدرى رضي الله عنه قال له يا عبد الرحمن، أني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن من حجر ولا شجر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما كان العمل واجبا على العبد بمقتضى الطبع والفطرة والعادة، ومع ذلك فقد جعل الله لصاحبه أوفر الثواب وأوفاه، ولعل أقرب مثال على ذلك إنفاق الرجل على زوجه وعياله، فإنه واجب عليه لا منة له فيه.

ولو لم يقم به لناله الذم، وربما العقاب ومع ذلك جعل الله لمن قام به، محتسبا، الأجر العظيم، والثواب الكريم، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته فى رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك” فالحمد لله الذى جعل لنا في ما لابد لنا منه أجرا، ويا لخسارة أولئك الذين ينفقون أموالهم ثم لا يحتسبون أجرها إذا صارت يوم القيامة هباءً منثورا، ثم إنها دعوة لكل مسلم أن يخلص نيته ويستحضر احتساب الأجر في جميع أحواله لئلا يحرم فضل ربه سبحانه، ومن هذا الباب ما جهله أو غفل عنه بعض المسلمين من ثواب من أحسن إلى بنياته واحتسب في ذلك فضل ربه، فمن فعل ذلك كانت بنيّاته سترا له من النار، كما جاء في الصحيحين حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وعن أنس مرفوعا “من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضمّ أصابعه” رواه مسلم والترمذى.

وفيه “من عال جاريتين كنت أنا وهو فى الجنة كهاتين” وقد جاءت إلى السيدة عائشة رضي الله عنها مسكينة تحمل ابنتين لها، فتصدقت عليها عائشة رضي الله عنها بثلاث تمرات، فأعطت المرأة كل واحدة من البنتين تمرة، ورفعت الثالثة إلى فمها لتأكلها، ولكن البنتين طلبتا تلك التمرة من أمهما، فرحمتهما الأم، وشقت التمرة نصفين، وأعطت كل واحدة نصفا، فتعجبت السيدة عائشة رضي الله عنها من صنيع هذه المرأة، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنعت المرأة فقال صلى الله عليه وسلم “إن الله قد أوجب لها بهما الجنة” أو “أعتقها بهما من النار” رواه مسلم، ومن أصلحِ الأعمال وأعظمها نفعا في العاجل والآجل ذلك العمل الذى كثر التفريط فيه إلا من رحم الله من المسلمين، إنه زيارة الإخوان فى الله من غير غرض ولا عرض إلا لمحبتهم في الله، وابتغاء مرضاة الله، ففي الحديث، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم “إن رجلا زار أخا له في الله، فأرصد الله على من مدرجته أو قال على طريقه ملكا.

فلما أتى عليه قال أين تريد؟ قال أريد أخا لي في هذه القرية، قال هل لك من نعمة تربها؟ قال لا، غير أني أحببته في الله، قال الملك فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه” رواه مسلم، فانظر وتفكر كيف كانت زيارة هذا الرجل لأخيه سببا في محبة الله لذلك الرجل وأى فضل وشرف أعظم من محبة الله للعبد؟ وماذا ستكون درجته في الآخرة؟ فنسأل الله من فضله ورحمته، فحرى بنا أن نعمل بما نعلم، وأن نتعلم ما لم نعلم، والله عنده أجر عظيم، فإن العبد المؤمن إذا سمع الآيات والأحاديث التي يذكر فيها عظيم فضل الله وعظيم ما أعده للعاملين من عباده فإن نفسه تتوق إلى العمل الصالح، وقلبه يشتاق إلى ما أعده الله لمن أحسن عملا، وذلك النشاط، وتلك القوة التى تنبعث عند سماع الذكر، دليل على الإيمان، ومحبة الرحمن، فمِن صفات المؤمنين أنهم يستمعون القول فيتبعون أحسنه، فبشّرهم الله بالخير، وذكرهم بأشرف الذكر، فما أسعد ذلك العبد الذى يستمع القول فإذا بك تجده أول العاملين به، المشمرين إليه، الداعين إليه.

فأجل أيها المسلم المحب نظرك، وتلفت يمينا وشمالا لترى فئاما من عباد الله كيف يتقربون له، ويتحببون إليه، فمنهم من يقوم الليل، يحرم نفسه لذة النوم والراحة لأنه سمع قول الصادق المصدوق “وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام” ومنهم من يصوم الهواجر صابرا على الجوع والعطش والتعب، لماذا؟ لأنه سمع قول من لا ينطق عن الهوى “من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا” وثالث لسانه رطب بالقرآن، ورابع لا يفتر من دعوة الناس إلى الخير وتعليمهم دين الله، وهكذا في صفوة من المتعبدين الطالبين فضل رب العالمين، فتأمل أنت حالَك كيف حالك؟ وأين أنت من تلك الأعمال؟ وأين أنت في أولئك الرجال؟ أم أن نصيبك سماع أخبار الأخيار، وقيام حجة الله عليك؟ فكم تنشرح النفس وتقر العين حين تسمع كلمة الخير، فهي كلمة واسعة الدلالة، عظيمة الأثر، فإن الخير يجتمع الناس جميعا على حبه والدعوة إليه والثناءِ على فاعله، وإن عمل الخير سواء كان قولا أو فعلا هو مقصد شرعى.

 

ونكمل الجزء السابع مع إتساع أبواب الخير، فإن الخير يجتمع الناس جميعا على حبه والدعوة إليه والثناءِ على فاعله، وإن عمل الخير سواء كان قولا أو فعلا هو مقصد شرعي، ومطلب إنساني، وهو من أسباب القرب من الله، وتحصيل الأجور والدرجات، وانشراح الصدور وسعتها، ودفع الهموم والأحزان، وقد أمر الله تعالى عبادَه المؤمنين بفعل الخير، وبين عز وجل أن كل عمل خير مهما كان صغيرا أو حقيرا فإنه يعلمه، ولقد بين الله تعالى في كتابه وأصل قاعدة أصيلة مفيدة في عمل الإنسان، وكل ما تعمله من خير ولو كان وزن ذرة تراه أحوج ما تكون إليه في الآخرة، وحينما يطرق عمل الخير يعتقد البعض ويسبق إلى ذهنه تلك الأعمال الكبيرة من الصدقات الكبيرة وبناء المساجد وكفالة الأيتام وعلاج المرضى من الفقراء فحسب، وهذا ضيق في الأفق، وتحجير لما وسعه الله، فالعمل الصالح واسع ميدانه شامل عنوانه، ينتظم أعمال القلوب والجوارحِ من الأقوال والأعمال والمقاصد في الظاهر والباطن.

وإن من المداخل التي يتسلل منها الشيطان علينا أنه يصرفنا أو يزهدنا في صغائر العمل، وأن مقامك وطموحك في معالي الأمور، فيتقاصر أحدنا عن المعالي، ويأنف مما يعده صغيرا من أعمال الخير والبر، وتمضي الأيام، وتطوى الأعوام، والإنتاج ضعيف، فيا ضيعة الأعمار تمضي سبهللا، ولكن دعونا نخوض هذا البستان وهو بستان الخيرات، نتفيأ في ظلاله، ونرتوي من نميره، ونشم من عبيره، ونقلب في خبايا كتب السنة الصحيحة عن هذه الثمار اليانعة، والأزهار الرائعة، فحينما ترطب شفتيك بتسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة فأنت فى صدقات لا تكلفك جهدا، ولا تنقصك مالا، واستمعوا إلى هذه القصة النبوية، التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له”

قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال ” في كل كبد رطبة أجر” رواه البخارى ومسلم، فقد شكر الله العظيم الجليل لهذا الرجل، ومنحه مغفرته التي يتنافس عليها المتنافسون مقابل ماذا؟ هل قاتل في سبيل الله حتى ذهبت روحه؟ كلا، وإنما من أجل حفنة ماء ملء الخف ليسقي بها كلبا من الكلاب، واستمع إلى هذا الخبر العجيب عن أبي هريرة عن النبي صلى لله عليه وسلم قال “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس” رواه مسلم، وفي لفظ في الصحيحين “بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له” رواه البخارى ومسلم، والشكر من الله والمغفرة والجنة لهذا الرجل مقابل ماذا؟ فقد أزاح غصن شوك يؤذى الناس من طريقهم، فما أعظم فضل الله، وما أوسع أبواب الخير، فإن عجزنا عن مكابدة الليل، وصيامِ النهار، والجهاد في سبيل الله لتكفير ما بدر من تقصيرنا وخطايانا، فثمة باب يسير من أبواب الخير يحصل به المراد في تكفير صغائر الذنوب.

وهو كثرة الوضوء لئن كان الماء ينظف البدن من الأوساخ فإن ماء الوضوء يطهر من أوساخ الذنوب، ومن أعمال الخير اليسيرة التي رتب عليها أجور كثير هو المشي إلى المسجد، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى لله عليه وسلم “من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة ذاهبا وراجعا” رواه أحمد وابن حبان، وأنه لا يخلو أحدنا أن استوقفه شخص في يوم من الأيام يستوصفه عن طريق أو معلم ما، لكن من يحتسب عمل هذا الخير ويعلم أنه صدقة في الإسلام، فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى لله عليه وسلم قال “دل الطريق صدقة” وعن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى لله عليه وسلم ” تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة.

وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة” رواه الترمذى، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى لله عليه وسلم قال “من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة” رواه الترمذى، فما أسهل أن تعمر لك بستانا من النخيل فى خمس دقائق، وكم يفوت من النخيل على أصحاب النوم الثقيل والعبث الطويل، وقال رسول الله صلى لله عليه وسلم ” لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض” رواه أحمد، ومن أعمال الخير هو المبادرة والمسارعة، فقد قال خالد بن معدان إذا فتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه، فإنه لا يدرى متى يغلق عنه، وقال ابن القيم ” إذا حضرت للرجل فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها.

والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله سبحانه يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبة له، وتذكر أن كل عمل خير ستجد نفعه أحوج ما تكون إليه، فهذا مما يبعث في النفس العزم والحماس في عمل الخيرات، فقال تعالى “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره” وأيضا الاجتهاد في فعل الخيرات كما وكيفا، فالنفس بطبعها تميل إلى الدعة والراحة والتسويف، لكن الحازم من يأطرها على عمل الخير، ويسوقها إليه، ويجاهد نفسه وهواه وشيطانه الذين يصدونه عن فعل الخيرات، ومن جاهد نفسه بنية صالحة فليبشر بالهداية، فقال تعالى فى سورة العنكبوت “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” وإن أبواب الخير كثيرة، وهي متاحة ويسيرة، والأعمار قصيرة، فالغنيمةَ الغنيمة قبل قدوم اللحظة الأخيرة، والمبادرة والمسابقة والمسارعة قبل هجوم الأجل.

وانقطاع العمل، فإن باب الله مفتوح، وفضله ممنوح، وعطاؤه يغدو ويروح، فأين العاملون وفي أبواب الخير متسابقون، واعلموا أن اجتماع الخير كله في عبادة الله وحده لا شريك له على ما وافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الإخلاص ومحبة الله تعالى، ومحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولن ينال أحد رضوان الله عز وجل ولن يدخل جنته ولن يسعد في حياته وبعد مماته إلا بعبادة الله تبارك وتعالى، وللعبادة خُلق المكلفون، فقال الله تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولرضا الرب عز وجل بالعبادة وفرحه بها وكثرة منافعها للمكلفين، وعموم بركاتها، وسبوغ خيراتها في الدارين أمر الله بها في الليل والنهار وجوبا أو استحبابا، مقيده أو مطلقة، ليستكثِر منها السابِقون، وليلحق بركب العباد المقصرون، وكمال العبادة هو كمال محبة رب العالمين، وكمال الذل والخضوع للمعبود سبحانه، مع موافقة هديى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن من أبواب الخير هو بر الخالة، وإن الخالة بمنزلة الأم.

 

ونكمل الجزء الثامن مع إتساع أبواب الخير، وإن من أبواب الخير هو بر الخالة، وإن الخالة بمنزلة الأم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رجل يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ قال “هل من أم لك؟ قال لا، قال “فهل لك من خالة؟ قال نعم، قال “فبِرها” رواه الترمذى، ومن لم يجِد مالا يتصدق منه فليعمل بيده وينفع نفسه ويتصدق، فعن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “على كل مسلمٍ صدقة” قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال “يعتمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق” قيل أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يعين ذا الحاجة الملهوف” قيل له أرأيت إن لم يفعل؟ قال “يمسك عن الشر فإنها صدقة” رواه مسلم، ألا ما أعظم نعم رب العالمين على العباد، وما أكثر أبواب الخيرات، وما أجل أبواب الحسنات، فاعمل بإخلاص واتباع للهديى النبوى ولا تزهدن في أى عمل صالح ولو كان قليلا، ولا تحقرن السيئةَ ولو كانت صغيرة فإن لها طالبا وحسابا.

واحرص على المسابقة إلى الخيرات، لتكون من الموعودين بالدرجات العلى، وإياك والتأخر عن الأعمال الصالحات، والتكاسل عن فعل الخير، فتعاقب بالتأخر عن رتبة الفائزين، وقد تعاقَب بدخول النار مع الداخلين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله” وفي رواية “لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله في النار” فكونوا على الحق أعوانا، وبأخوة الإسلام إخوانا، وتمسك أيها المسلم بالنصيحة، وهي محبة كل خير ونصرة وعز وتأييد للمنصوح له، والنصيحة شأنها عظيم، فعن أبى تميم الدارى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة” قلنا لمن يا رسول الله؟ قال “لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم” رواه مسلم، ومن حقوق المسلمين على المسلم هو الاهتمام بأمورهم، والقيام بحقوقهم، وإحاطتهم بالدعاءِ والحِرصِ على ما ينفعهم، وكف الأذى والضرر عنهم، ققال النبي صلى الله عليه وسلم.

” ليس منا من لم يوقر الكبير، ويرحمِ الصغير، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا “مثَل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثَل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى” فإن أسمى الغايات، وأنبل المقاصد أن يحرص الإنسان على فعل الخير، ويسارع إليه، وبهذا تسمو إنسانيته، ويتشبه بالملائكة، ويتخلق بأخلاق الأنبياء والصديقين، لذلك فقد أوصى الإسلام الحنيف الإنسان أن يفعل الخير مع الناس، بغض النظر عن معتقداتهم وأعراقهم، وإن غايات الناس مختلفة، وأهدافهم شتى فمنهم من تتحكم فيه الأنا والشهوات، كالجاه والتجبر والعلو في الأرض بغير حق، أما الإيمان فإنه يجعل وجهة المؤمن، متجهة إلى فعل الخير والمسابقة إليه، لذلك يجب أن يكون شعار المسلم وغاية المسلم في الحياة، فقال تعالى “وافعلوا الخير لعلكم تفلحون”

وإن من أهداف العمل الخيرى، هو إرضاء الله، والحصول علي الأجر والثواب، وأيضا دعوة الناس إلى الإسلام، وإن فعل الخير بما يضمن للآخرين حق الحياة الكريمة، والتنمية ومساعدة الآخرين، وكذلك نشر قيم التضامن والتسامح والتعاون، وإن دعوة الإسلام كانت دائما إلى فعل الخيرات والمسارعة إليها، حتى تكون رصيدا تسمو بالإنسان، وتصل به إلى أعلى الدرجات، لأن الشمس لا تنتظر أحدا، والزمن يمضي سريعا، والوقت هو الفرصة الذهبية التي وهبها الله للإنسان، ليعمرها بالخير والصلاح والفلاح، وإن البطء والتثاقل والتروى والـتأني ينبغي أن يكون بعيدا عن عمل الآخرة لأن عمل الآخرة طريق صحيح، لا يحتاج إلى تأمل وتفكر، ويحتاج إلى المبادرة قبل الفوات لأن كل يوم يمضي هو من الفوات، وبعد الفوات يكون الندم، والندم لا يغني عن العاقل شيئا، فالمسارعة والمسابقة والمنافسة لهم بعض السمات الأساسية منها أن المسارعة والمنافسة والمسابقة مطلب شرعي وأمر إلهي، ووصية نبوية.

فقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” وإن السابقون في الدنيا إلى فعل الخيرات والمتطوعون في خدمة الإنسان هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات، فقال السعدى “فمن سبق فى الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى الخلق درجة” وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم، فإن المسارعة والمسابقة في السير إلى الله تعالى، لا مجال فيها للروية والتؤدة والأناة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” التؤدة فى كل شئ إلا فى عمل الآخرة” رواه أبو داود، وقال وهيب بن الورد “إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل” وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة “ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له”

وإن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وذكر الله سبب استجابته لدعاء عبده زكريا أنه كان يسارع في الخيرات، وإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، وإن مقامات الناس في الآخرة مبنية على مقاماتهم في السير إلى الله تعالى في الدنيا، وإذا كان الناس يتفاوتون في طبقاتهم في الدنيا فإن تفاوتهم سيكون في الآخرة أكبر وأوضح، ولقد كان الصالحون ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق، فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى سورة طه ” وعجلت إليك رب لترضى” ولقد سادت روح المنافسة في الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، فعن أبي سروعة عقبة بن الحارث رضى الله عنه.

قال “صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العصر، فسلم ثم قام مسرعا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، قال ذكرت شيئا من تبر وهو الذهب المكسور عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته” رواه البخارى، فلقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تحبسه هذه الأمانة يوم القيامة، فبادر إلى توزيعها، والتصدق بها، وهذا أبو الدحداح الأنصاري، لما نزل قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله ليريد منا القرض؟ قال عليه الصلاة والسلام” نعم يا أبا الدحداح” قال أرني يدك يا رسول الله، فناوله النبي صلى الله عليه وسلم يده، فقال أبو الدحداح إني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي “أي بستاني، وكان فيه ستمائة نخلة” وأم الدحداح فيه وعيالها، فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك، قال أخرجي من الحائط، يعني أخرجي من البستان.

 

ونكمل الجزء التاسع مع إتساع أبواب الخير، وقد توقفنا عندما قال أبو الدحداح إني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي “أي بستانى، وكان فيه ستمائة نخلة” وأم الدحداح فيه وعيالها، فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك، قال أخرجي من الحائط، يعني أخرجي من البستان، فقد أقرضته ربي عز وجل، وفي رواية أخرى، أن امرأته لما سمعته يناديها عمدت إلى صبيانها تخرج التمر من أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم، تريد بفعلها هذا الأجر كاملا غير منقوص من الله تعالى، لذلك كانت النتيجة لهذه المسارعة أن قال النبي صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح “أى مثمر وممتلئ” في الجنة لأبي الدحداح” رواه احمد، وهذا هو أبو طلحة الأنصارى، فقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه كما جاء فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” وإن أحب أموالي إليّ بَيرحاء، وكانت حديقة يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم ويستظل بها، ويشرب من مائها.

فهي إلى الله عز وجل، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال صلى الله عليه وسلم” بخ يا أبا طلحة، ذاك مال رابح، ذاك ما رابح، قبلناه منك، ورددناه عليك، فاجعله في الأقربين، فتصدق به أبو طلحة على ذوى رحمه” رواه البخاري ومسلم، فكانت هذه صورة مشرقة، ولوحة رائعة يزيّنها مسارعة الصحابة، ومبادرتهم إلى فعل الخيرات، يوم أن عظم الخطب واشتد الأمر علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم تبوك الذي سماه الله تعالى يوم العسرة كما قال الله تعالى فى سورة التوبة ” لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة” فلقد فتح الرسول صلى الله عليه وسلم باب التبرع علانية حتى يحفز المسلمون بعضهم بعضا، وكان أول القائمين عثمان بن عفان رضي الله عنه، لقد قام فقال “علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله” فسُرّ رسول الله صلي الله عليه وسلم بذلك سرورا عظيما.

فهذا عطاء كثير ثم فتح باب التبرع من جديد، فقام عثمان بن عفان ثانية يزايد علي نفسه، قال”علي مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله” فسعد به رسول الله صلي الله عليه وسلم سعادة عظيمة، حتى إنه قال “ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم” ولكن هل سكن عثمان أو اطمأن؟ انظر إليه، لقد أخذ يدفع من جديد حتى وصل ما تبرع به إلي ثلاثمائة بعير، وفي رواية أخرى تسعمائة بعير، ومائة فرس، ثم ذهب إلي بيته، وأتى بألف دينار نثرها في حجر رسول الله صلي الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها متعجبا، وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتى بأربعة آلاف درهم، وقد يقول قائل إنها أقل بكثير مما جاء به عثمان لكنها تعتبر أكثر نسبيا من عطاء عثمان سبحان الله لأنها كل مال أبي بكر الصديق حتى إن رسول الله صلي الله عليه وسلم سأله “وماذا أبقيت لأهلك؟ قال له في يقين “أبقيت لهم الله ورسوله” وأتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله، وهو كثير، بل كثير جدا.

وكذلك عبد الرحمن بن عوف أتى بمائتي أوقية من الفضة، وهذا أيضا كثير، بل إن النساء أتت بالحلى فكان الكل يشارك، فكانت قضية إسلامية تشغل كل فئات الأمة حتى الفقراء الذين لا يملكون إلا قوت يومهم، جاءوا بالوسق والوسقين من التمر، تمر قليل يُجهزون به الجيش الكبير؟ نعم قليل، لكن هذا كل ما يملكونه، سيطعمون جنديا أياما، قد لا يعني هذا في نظر بعض الناس شيئا، لكنها تعني بالنسبة لهم الكثير، وتعني أيضا عند الله الكثير والكثير، حتى إن المنافقين كانوا يسخرون من هذه العطايا البسيطة فأنزل الله دفاعا عظيما في كتابه عن هؤلاء الفقراء المتصدقين فيقول تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم” وهذه صورة مشرقة لأب وابنه، لما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الخروج إلى عير قريش، قال خيثمة بن الحارث لابنه سعد “إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم فآثرني بالخروج.

وأقم مع نسائك، فأبى سعد، وقال لو كان غير الجنة لآثرتك به، إني أرجو الشهادة في وجههي هذا، فاستهما “أي اقترعا” فخرج سهم سعد، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقتل يومئذ” وهذا أبو مسلم الخولاني عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه ضربها بيديه قائلا ” ﻗﻮﻣﻲ ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻷ‌ﺯﺣﻔﻦ ﺑﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺯﺣﻔﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻞ ﻣﻨﻚ ﻻ‌ ﻣﻨﻲ، ﺃﻳﻈﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺄﺛﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﺩﻭﻧﻨﺎ، ﻭﺍلله ﻟﻨﺰﺍﺣﻤﻨﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺯﺣﺎﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﺧﻠﻔﻮﺍ ﻭﺭﺍﺀﻫﻢ ﺭﺟﺎﻻ‌” فهو يريد المنافسة ويريد أن يزاحم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، وهنيئا له بهذه المنافسة الشريفة، ولقد كان التنافس هو سبب لرفع الهمة، وإثارة الحماس، ويكشف معادن الرجال، والتنافس المحمود يثرى الحياة، ويجعل المسلم يطمح إلى السمو بنفسه والارتقاء بعلمه وعمله للسعى إلى الكمال، فلابد من التنافس في مبادرة الأعمال الصالحة قبل ظهور العوائق، وكما أن الصالحين تنافسوا في الخير والفوز به وتسابقوا في الوصول إليه.

فإن الطالحين وأهل الهوى والشهوات تنافسوا في المنكرات وتسابقوا في ارتكاب المحرمات والسقوط في حمأتها، فكان التنافس على الدنيا، وهذا ما حذر منه الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم وهو التنافس على الدنيا وزهرتها على حساب الآخرة وبهجتها، وإن التنافس في الدنيا قد أوقع الناس في الشح الذي حملهم على قطع الرحم وعقوق الآباء، والإساءة إلى الجيران، ولم يعد مسلم يعرف لأخيه المسلم حقا بسبب التنافس في الدنيا، ولذلك حذر الإسلام من التنافس في الدنيا لما فيه من المفاسد، ولذلك يقول أحد السلف “إذا رأيت من ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة” وكذلك المسارعة بالكفر والإثم والعدوان، وإن التنافس في أعمال الإثم سمة أساسية من سمات اليهود، كما قال تعالى عن اليهود كما جاء فى سورة المائدة ” وترى كثير منهم يسارعون فى الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون” وكذلك التنافس في تضليل المؤمنين والإفساد بينهم، وهذا التنافس ذميم وتسابق أثيم على قتل العفه فى بلاد المسلمين.

ونشر الرذيلة فى أوساط المؤمنين، وتطبيع السفور والانحلال، وفرضِ اختلاط النساءِ بالرجال، في ميادِين العمل والتعليم، فنجد كثير من الشباب يتنافس في نشر المخدرات والأفلام الإباحية وسط أقرانه، والبعض يتنافس في إظهار أحدث أنواع الموضة العالمية ويتفاخر بذلك، وفي طريقك إلى الله تعالى لن تجد لوحات تطالبك بتهدئة السرعة، وتحدد لك السرعةَ القصوى وتحذرك بمراقبة الرادار، بل ستجد مجموعة من اللوحات فى الطريق، مكتوبا على إحداها سابقوا، وعلى الأخرى وسارعوا، وعلى الثالثة فاستبقوا، ولذلك إن استطعت أن تسارع وتسابق وتبادر وتغتنم حياتك قبل موتك فافعل، واعلم بأنك ستجد أول الطريق مزدحما، وأما في آخره فلن تجد إلا قلة مختارة مصطفاة، فاحرص على أن تكون منهم ومن هنا يقول الحق تبارك وتعالى ” وفى ذلك فليتنافس المتنافسون” وقال صلي الله عليه وسلم ” من استطاع منكم أن يقى وجهه حر النار ولو بشق تمره فليفعل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *