الدكروري يكتب عن الصحابي الذي أوصي بعد مماتة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
سبجان الله العظيم الواحد الأحد، الباقي فلا باقي غيرة، الحي الذي لا يموت، فإن كل إنسان يموت لا يمكن أن يوصي، إلا ثابت بن قيس، فقد أوصى بعدما مات، وهذه كرامة من الله تعالى له، ولنقرأ الآن كيف حدث ذلك لما كان يوم اليمامة، فقد خرج ثابت مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة، فلما التقوا، انكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة، فثبتا وقاتلا حتى قتلا، وكان على ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم، إذ أتاه ثابت في منامه فقال له إني أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين.
فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله يتحرك في طول الحبل المربوط به وقد كفا على الدرع بُرمة قدر، وفوق البرمة رحل، فأت خالد بن الوليد، فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فقل له إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيق عتيق، فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره فبعث إلى الدرع فأتى به، وحدث أبا بكر الصديق رضي الله عنه، برؤياه فأجاز وصيته بعد موته، ولقد كان هذا الصحابي الجليل من الذين بشّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالجنة في حياتهم، وكذلك يتضح في الحديث حسن أخلاق الصحابى الجليل ثابت رضي الله عنه.
عندما امتنع عن الذهاب إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، خوف أن يجهر بصوته ويرفعه فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لأن طبقة صوته كانت مرتفعة، حتي لا يستحق النار التي وعد الله سبحانه وتعالى، الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فبشّره النبي صلى الله عليه وسلم، بالجنة، ومما يذكر في سيرة حياة الصحابى ثابت بن قيس أن أحد اليهود واسمه الزبير القرظي من بني قريظة وقد كان له دين في رقبة ثابت بن قيس، فأراد ثابت رضي الله عنه أن يرد له دينه عندما وقعت بني قريظة بيد المسلمين، فكان الزبير من الذين وقعوا في الأسر، فراجع ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم، الزبير.
فعفا عنه ثابت، ثم طلب الزبير أولاده وامرأته، فراجع ثابت بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياهم، ثم طلب ماله فكذلك راجع فيه ثابت النبي صلى الله عليه وسلم، فوهبه إياه فأعطاه للزبير، وهنا سأله الزبير عن بعض أشراف اليهود وساداتهم، فأجابوه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله, ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين, ولكن أكره الكفر في الإسلام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اقبل الحديقة وطلقها تطليقة” رواه البخاري.
اترك تعليقاً