الدكروري يكتب عن الوفاء أشكال وأنواع بقلم / محمـــد الدكـــروري (العمق نيوز)
الدكروري يكتب عن الوفاء أشكال وأنواع بقلم / محمـــد الدكـــروري (العمق نيوز)
ينبغي علي الإنسان في كل زمان ومكان الوفاء للوطن الذي يعيش فيه، وكما ينبغي علينا أيها المصريون ذلك أيضا، وذلك بالحفاظ على معالمه وآثاره ومنشآته العامة والخاصة والحفاظ على مياه نيله التي تربينا عليه وروينا منها أكبادنا وعدم الإفساد في أرضه أو تخريبه وتدميره وعدم قتل جنوده وحراسه الذين يسهرون ليلهم في حراستنا وحراسة أراضينا والذين تمتد إليهم يد الغدر والخيانة بين الحين والحين، فعن الأصمعي قال إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه” ولنا الأسوة في نبينا صلى الله عليه وسلم ووفائه لوطنه مكة فقال وهو يودعها وفاء لها ” والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت” رواه الترمذي.
وأيضا الوفاء بإعطاء الأجير أجره، فكثير من الناس يبخس حق الأجير ويماطله فيه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقة ” رواه ابن ماجه، وأيضا وفاء العامل بعمله وذلك بأن يعمل العامل، ويعطي العمل حقه باستيفائه خاليا من الغش والتدليس، ففي دفن أحد الصحابة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” سووا لحد هذا” حتى ظن الناس أنه سنة، فالتفت إليهم، فقال طأما إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره، ولكن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن” رواه البيهقي، وإن خلق الوفاء بالعهد في حياتنا المعاصرة بين الواقع الذي نعيش فيه والمأمول الذي نرجوه وإنك لو نظرت إلى واقع الأمة اليوم، ستجد كم من الناس من يتكلم.
وكم من الناس من يَعد، وكم من عهود مسموعة ومرئية ومنقولة ولكن أين صدق الوعود؟ وأين الوفاء بالعهود؟ فقد كثرت في زماننا هذا الوعود، وأكثر منها عدم الوفاء بها، فإذا أراد أحدنا التهرب من أخيه، وعده بشيء وهو يعلم أنه لن ينفذ ما وعد به، فقيل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قد استأجر فرسا من يهودي ليذهب به إلى بلاد الشام فخرج عمر بن الخطاب ومعه غلامه وصرة فيها طعامه وشرابه وزاده، وأثناء عودته وقعت منهما الصرة فأخبرهما رجل بأن الصرة وقعت في مكان كذا فنزل عمر وقال لغلامه أمسك بلجام الفرس وقف هنا حتى أرجع ماشيا لأحضر الصرة، فلما رجع عمر ماشيا عجب الناس وقالوا لم لم ترجع بالفرس؟ فقال عمر لأنني لم أتفق مع صاحب الفرس في العقد أنه إذا وقعت مني صرة أرجع لها بالفرس.
فانظر إلى فعل أمير المؤمنين، وقارن بين ذلك وبين ما يحدث في الواقع المعاصر، كم من المسلمين في دنيا اليوم من يحدث وهو كاذب وكم من المسلمين من يَعد وهو خائن وكم أعطى من الوعود والعهود وبعدها غدر بأصحابها فأين الوفاء بالعهد؟ وقال الحريري أنه تعامل القرن الأول فيما بينهم بالدين زمانا طويلا حتى رقّ الدين، ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء، ثم تعامل القرن الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم صار الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة، ولقلة وجود خلق الوفاء بالعهد في الناس قال الله تعالى فى سورة الأعراف ” وما وجدنا لأكثرهم من عهد” وقد ضُرب به المثل في العزة والندرة فقالت العرب “هو أعزّ من الوفاء”