الغواص في عالم ” ابن المعتز ” فى حوار الخطابة و الشعر و النقد : الخطابة و الشعر فنان يشتركان في الأصل و لا تعارض بينهما

د . إبراهيم : ابن المعتز كان سيء الحظ في السياسة و الأدب

                 :  ( الحداثة ) هوة سحيقة لننسلخ من أنفسنا و عروبتنا و أمجادنا

                 :   عبد الصمد هو من شدّنى شدّا لساحة الشعر العامي 

حوار : محمود عاطف ياسين

 

هو واحد من عشاق لغة الضاد تملّك منه عشقها حتى صارت هي حياته فصار يغوص في بحورها قراءة و دراسة و تحليلا حتى انصاعت مفرداتها طواعية له ليطوعها حسبما يريد شعرا و خطابة و نقدا فهو خطيب مفوّه و شاعر مبدع – و إن لم تصدر له دواوين – و لعشقه للخطابة كانت رسالته للماجيستير ” عن الخطابة في القرون الهجرية الأولى ” و هو عاشق و متمسك جدا بالقصيدة العربية القديمة و شعراءها خاصة الذين لم ينالوا حظهم من الدراسة النقدية لذلك كانت رسالته للدكتوراة حول ” بناء القصيدة العربية في شعر ابن المعتز ” الشاعر و الخليفة السيء الحظ ، يرى أن الشعر و الخطابة لا تعارض بينهما و أن الحداثة هوة للانسلاخ من عروبتنا فهو متمسك بالشعر العربى القديم ، إنه ” د / إبراهيم على فرج ” من أبناء شربين أستاذ النقد العربى ، و الخطيب و الباحث في الشئون الإسلامية نبحر معه في عالمه بين الشعر و الخطابة و النقد و عالم ابن المعتز الذى لم يسبقه إليه أحد …


** عهدناك خطيبا مفوها و شاعرا متميزا فهل ترى أن هناك علاقة بين الشعر و الخطابة ؟

 

      الخطابة والشعر فنان عظيمان من فنون القول وبينهما وشائج قوية ويشتركان في الأصل حيث الإلقاء على الملأ ارتجالا وقد وصف العرب الخطيب المفوه بقولهم مِصقِع والشاعر المجيد بأنه فحل أو خِنذِيذ ، و كثر المبدعون في الفنين معا ؛ وأنا لا أرى ثمة تعارض بينهما فالخطابة لا تكون مؤثرة إلا إذا نبعت من الأعماق و انطلقت من الوجدان كما قال الجاحظ في ذلك : ( إن الكلام إذا خرج من القلب وصل إلى القلب وإذا خرج من اللسان لم يجاوز الآذان ) ، والشعر منبعه الوجدان فهما يلتقيان في بوتقة السمو الروحي والوجداني  .  

 

** كيف ترى القصيدة العربية الآن فى ظل الحداثة الشعرية و قضايا الشعر المعاصر و هل ترى أن الشعر مازال ديوان العرب ؟

 

       القصيدة العربية والشعر عموما كائن حي يعتريه ما يعتري البشرية من تضعضع و تفكك و صعود و انحدار و قد أصاب القصيدة العربية شر مستطير و ما يطلقون عليه ( الحداثة ) ما هو إلا هوّة سحيقة تجرنا إليها لننسى و ننسلخ من أنفسنا وعروبتنا وأمجادنا بما فيها من ماض مشرق و انتصارات وسمو و ننسى ما أبدعه العرب من فنون القول التي لم تشهدها أي حضارة في العالم قديمه وحديثه ؛ وإذا قلنا قديما إن الشعر العربي ديوان العرب فإن الحديث منه أستطيع أن أصفه بأنه مضيع العرب .  

 

** ما رأيكم فى النقاد الذين يطوعون مدارسهم و مذاهبهم النقدية لخدمة أهوائهم الشخصية ؟

  

     وهذا يلحق بالسؤال السابق من حيث التعامل مع الأدب كسلعة والأدب إذا جردوه من الإحساس والمشاعر أصبح تشدقات لا روح فيها وغمغمة لايفهمها إلا من كانوا على نفس الشاكلة الذين تجردوا من كل حس مرهف وشعور مفعم ؛ وأرى أن إنتاجهم كله زبد يذهب جفاء .  

  

** هل لديك مفهوم معين للشعر بعد أن اختلف اللغويين و النقاد و الأكاديميين على مفهوم محدد متفق عليه ؟

 

       للشعر عندي مفهوم مختصر بأنه تعبير عما يجيش في الصدر ويعتمل في الروح بصياغة معينة تساعد على إبراز ما في النفس وإخراجه وتوصيله للمتلقي ، وهذه الصياغة يجب أن تتم بطريقة جاذبة للنفوس محركة كوامن الحس عند المتلقي ؛ فالشعر عملية مزدوجة وتواصل حسي عاطفي بين طرفين

 

  ** فى فترة من الفترات كان لكم موقف من الشعر العامى فهل مازلت على موقفك ؟

 

        – صراحة كنت لفترة طويلة لا أعترف إلا بالشعر العمودي الذي ورثناه عن العرب الأقحاح وفحول الشعراء ومع ذلك كنت أقرأ نتفا من الشعر الذي يسمونه حرا وخاصة لكبار شعرائه وكنت أجد فيه أحيانا ما يستحق القراءة رغم عدم اعترافي بأنه شعر . أما الشعر العامي فكنت بعيدا عنه بعد المشرق والمغرب وأعترف أن من شدني شدا لساحة الشعر العامي الشاعر السيد عبد الصمد حينما دعاني ضمن لجنة رفيعة لمناقشة و نقد أحد دواوينه الشعرية ففوجئت بدفقة شعورية و حس مرهف و صياغة معبرة أضف إلى ذلك أن إلقاءه للشعر يكسبه ثوبا قشيبا لا يستطيع منكر لهذا اللون الشعري – مثلي سابقا – إلا أن يهتز طربا لما يسمع فما كان مني إلا الاعتراف بهذا اللون الشعري بسبب هذا الشاعر المُجيد .  

 

 

** حصلتم على الدكتوراة و كان موضوع الرسالة بناء القصيدة فى شعر ابن المعتز . فلماذا ابن المعتز دون غيره ؟

 

– ابن المعتز كان سيء الحظ في السياسة وسيء الحظ في الأدب فهو الخليفة ابن الخلفاء ويا لحظه العاثر لأنه لم يهنأ بلقب خليفة إلا لأربع وعشرين ساعة ؛ أما في الأدب والشعر فإنه شاعر مُجيد وله ديوان كبير مطبوع في مجلدين ورغم ذلك لم يحظ بالدراسة والنقد لأن كل من يسمع اسمه يتذكر علم البديع وربما لا يعرف الكثيرون أنه شاعر من الأساس من هنا كان اختياري لدراسة ونقد وتحليل هذا الديوان الدسم الذي ساعدني على إنتاج دراسة قيمة عن شعره 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *