( بالغضب يحفرون قبورهم )

بقلم الأديية والكاتبة اللبنانية / سامية خليفة
متابعة المستشار الإعلامى والثقافى / سامح الخطيب

 

غضبٌ مستعرٌ بأنيابِ جرّافةٍ تفتكُ ببقايا ظلٍّ أعلنَ الانسحابَ إلّا أن الجثَّةَ هامدةٌ والقرارَ معدمٌ،والجرافةَ تدكُّ العظامَ وتطحنُ المطحونين. البراري في الجهةِ المقابلةِ شراراتٌ من غضبٍ ، أسمع خلجاتِ الصدورِ وهي تهلِّلُ لاستقبالِ نبتةٍ جديدةٍ اسمُها المواجهةُ وأمامَها نبتةٌ أخرى اسمُها الثّورةُ حتى النّصر ،نصرٌ نطق بلسانِه الذي لا يكلُّ ليدحض الباطل باليقين فالنّصرُ قادمٌ.
ها أني ألمحُ ابتسامةً واسعةً على وجهِ صبيَّةٍ تواجِهُ الغضبَ بغضبٍ أقوى…بابتسامةٍ عريضةٍ اسمها التّحدي.يا من تظنّونَ أنَّ في القتل زوالٌ أو أنَّ في دفنِ الأحياءِ بطولةٌ أقولُ لكم خسئتم . ألمحُ عنْ بعدٍ علامةَ النَّصرِ وقد أنبتتْ عزَّةً ومجدًا من بينِ الحطامِ ،إصبعانِ يقاومانِ من تحتِ الأنقاضِ ! لا بل هي الروح التي تقاوم.
يتكشَّفُ أمامي طائرٌ منتفضٌ يحلِّقُ بأجنحةِ العودةِ، الظلمُ وليدُه ثورة لا محالة،قالت لي الرّؤيا أنَّهم يحفرون قبورهُمْ بأياديهِم،وأنَّ الظلمَ ستُشعلُ ثمارُهُ نارَ غضبٍ يواجهُ أساطيلَ منْ غضبٍ منتشرٍ على امتدادِ ابتسامة تلك الصبية.
تقول لي الرّؤيا أنَّ الغضبَ الماكرَ في أوْجِ سلطانِهِ المشمرِ عن زنودِه ِ سيقتلعُ السِّلْمَ بمنجلِ التَّعدي سيستشرسُ سيدمِّرُ دمارًا يظنُّ أن فيه سقوطٌ لدعائمِ النّورِ، إلّا أنَّهم يجهلونَ ما يخبّئ النورُ بين أصائصِ البنفسجِ. ليتك يا نداءات المستضعفين فككْتِ عن حنجرتِكِ السَّلاسلَ وتوحَّدْتِ في اجتيازِ وجهة بوصلة القلب تشير نحوها.ما أسرعَ تحويلَ البنيانِ بينَ أضراسِ غضبِ المحتلِّ إلى حطامٍ وما أسرعَ العاصفةَ وهي تأخذُ في دروبِها حصادًا غريبا ،هنا جثَّةٌ لدمعةٍ وهناكَ بسمةٌ تيبَّست في الشفتينِ،الغضبُ شيطانٌ لا وقتَ لديه كي يحلِّلَ العواطفَ كي يصنِّفَ المشاعرَ ،فيه انهماراتٌ لضرباتِ فأسٍ تُداوي تمزُّقاتَ حطّابٍ موسوم بجريمةِ الاحتطابِ، فيه انتحارٌ والسّمُّ زعافٌ على خنجرٍ مسنونٍ إنْ سألتَهُ لِمَ تمعنُ في الطَّعنِ مع أنَّ الموتَ تحقَّقَ من الطَّعنةِ الأولى وأنَّ لا مبرّرَ لعددِ الطَّعناتِ فأوَّلُها قتلٌ وآخرُها قتلٌ أجابَ: هو الغضبُ يريدُ افتراشَ دربِهِ كما يحلو له .لحظةَ رانَ أمامي النَّهرُ دماءً تساءلْتُ: تُرى لِمَ الأرضُ العطشى لا تمتصُّ الدِّماءَ رغمَ اشتدادِ اللَّظى عليها ؟ فتجيبني الدماء بأن في تكوينِها ما يمنعُ مساماتَ الأرضِ من أنْ تمتصَّها الدِّماءُ وأنَّ مصيرَها أن تعودَ إلى النَّهرِ .ربَّما ستحيا من جديد أسطورة تشبهُ أسطورة أدونيس إلا أنها ستكونُ الأسطورةَالحقيقيّةَ الوحيدةَ فكم فطرتْ دماءُ الشُّهداءِ قلوبَ الأمهاتِ الثّكالى كما فطر مقتلُ أدونيس قلبَ معشوقتِهِ عشتارَ !

بقلمى / سامية خليفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *