رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن تأديب النفس وتهذيبها
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن تأديب النفس وتهذيبها
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
مما لاشك فيه أن القرآن الكريم والسنة المطهرة هما مصدرا التربية الإسلامية في إطارها الفلسفي والتطبيقي، والتصور الإسلامي للحياة بشقيها المادي والروحي، ينسحب على برنامج التربية الإسلامية؛ “فقد اهتم الإسلام بالتربية الروحية التي تُعتبر طريق التّعرف على الله سبحانه وتعالى، والطريق الذي رسمه الإسلام كله عبادة، عبادة لا تكون مظهراً من مظاهر الحياة، بل لا بد أن تكون عميقة ذات أثر واضح في حياة الإنسان وفي سلوكه، فتكون قائمة على أساس إيجاد الصلة القوية بين الروح وبين الله سبحانه وتعالى، كما تكون قائمة على أساس خطة سلوك وعمل وفكر وشعور بحيث تدفع البشر إلى الرجوع إلى الله في كل لحظة “[1].
لذلك نجد بأن التربية القرآنية تدعو إلى تزكية النفس بالمجاهدة كي لا تقع في الانحراف أو الجنوح عن القيم الفاضلة، وإتباع الشهوات وأهواء النفس، لذلك جاءت الدعوة إلى التقشف، والتربية على حياة الخشونة في أكثر من حديث. قال صلى الله عليه وسلم: ” اخشَوشِنوا فَإِنَّ النِعَمَ لا تَدُومْ ” [2].
“ويكفي الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة في تقلبه في حياة الخشونة والتقشف في المطعم.. في الملبس.. في المسكن.. لتتأسى الأجيال المسلمة به، وتمشي على هديه وسننه ومن الملاحظ أن أمة الإسلام حينما تتقلب في النعيم، وتسترسل في الملاذ والطيبات، وتنام على الحرير، وتغريها الحضارة المادية ببريقها ومظاهرها فسرعان ما تنهار، وتستسلم لضربات الأعداء، وسرعان ما تخمد في نفوس شبابها روح المصابرة والمرابطة والجهاد في سبيل الله”[3].
” خُلق الإنسان وله ضرورات لا يستغني عنها لمتابع حياته، كالطعام والشراب واللباس، إضافة إلى الشهوات المتأصلة في نفسه، والنزعات بمختلف ألوانها، ولا تتحقق إنسانية الإنسان لمجرد كونه ينتمي إلى فصيلة الإنس، ويأكل الطعام، ويرتوي بالشراب، ويمشي في الأسواق، وإنما تتحقق تلك الإنسانية بارتقائه في النواحي الروحية والأخلاقية، وبمقدار امتثاله لتبعات التكليف، وأمانة الاستخلاف، مع ما يتداخل في ذلك من تعرُّض الإنسان للابتلاء والفتنة،… ولكي تتحقق مسؤولية الإنسان على أفضل وجه، كان خَلْقُ هذا الكائن يجمع بين الروح والجسد، ويهتمُّ بعقيدة الروح، لكنه في الوقت نفسه لا يُعطِّل عقول المؤمنين، ولا يبخس الروح حقوقها، ولا يهتم بمطالب الجسد ليوفي الروح مقتضياتها، فلا إفراط ولا تفريط، ولا جنوح ولا شطط، وذلك من خلال وسطية معتدلة، وهي الفطرة التي فُطر الإنسان عليها وفيها تتحقق العادة للفرد والمجتمع فلا تناقض بين الروح والجسد، ولا تنازع بين الدنيا والآخرة، فالإنسان مُطالب بتجسيد متطلبات المعيشة، والتمكين في الحياة الدنيا مع العمل لعمارة الآخرة “[4]. وهنا يأتي دور التربية الاقتصادية في تأديب النفس وتصفية الروح، فيشعر الإنسان بأن امتلاك النعم من الله سبحانه وتعالى وحرمان بعضها عنه ابتلاء من الله أيضا، فيشعر المسلم بأن الملك كله لله، فيسعى لكسب الطيبات من الرزق، وينفق منه دون إسراف ولا تقتير.
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].
” وبالتربية الاقتصادية؛ يتحرر الناس من مخاطر كنز المال وحبسه عن مصارفه، ويتحرون من الخوف على أموالهم من الإسراف والتبذير، ويتعلمون أن إمساك المال إنما يكون لجزء منه يسد الاحتياج، وبذلك يحققون لأموالهم ومجتمعاتهم الأمن والأمان.
والتربية الاقتصادية تحرر الناس في المجتمع كله من استغلال بعض الأغنياء لبعض الفقراء؛ أي تحررهم مما حرَّم الله تعالى عليهم، وتوجههم إلى قرض المحتاج قرضاً حسناً فائدته أكبر من أي فائدة يحققها الربا، لأن فائدته عند الله تعالى، وما عند الله خيرٌ وأبقى. وعندئذ يسود المجتمع الأمن والسلام، بدل الكراهية والحسد والحقد التي تمتلئ بها نفوس الفقراء على الأغنياء”[5].
والتربية الاقتصادية لا تقتصر الاقتصاد على الجانب المادي فحسب بل تُربي الفرد على أن يكون اقتصادياً في جميع علاقاته: مع ربه في العبادة، ومع نفسه، ومع مجتمعه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنْ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. صمْ وَأَفْطِر، وَصلِّ وَأْتِ أَهْلَكَ، وَأَعْطِ كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّهُ. “[6] ” والعناية بالجسم تكون مادية ومعنوية. فالإنسان في شطريه، جسمه وروحه، وحدةٌ لا تتجزأ، إنها تتناول الفكر فتنقيه بالإخلاص والعقل وتنوره بالعلم والتأمل، والضمير وترهفه بالعفة والعدل. ثم تتناول الجسد فتحيطه بما يتطلب من نظافة ومطعم ومشرب وراحة ورياضة وهواء نقي، وتلتزم به الاعتدال، فيقوم بين الجسم والروح توازن يساوي بين باطنه وظاهره، وبهذا التوازن تتم الحياة الفاضلة”[7].
________________________________________
[1] مصطفى، فهيم، منهاج الطفل المسلم، 11.
[2] العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي (ت1162هـ/ 1728م)، كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، بيروت، دار الكتب العلمية، ط3، (1408هـ/ 1988م)، [1- 2]، 1، حديث (157)، 68.
[3] علوان، عبد الله ناصح، تربية الأولاد في الإسلام، القاهرة، دار السلام، ط 35، 1430هـ / 2009 م، [1- 2]، 1، 166.
[4] علوان، عبد الله ناصح، تربية الأولاد في الإسلام، 146.
[5] محمود، علي عبد الحليم، التربية الاقتصادية الإسلامية، 277 وما بعدها.
[6] البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى (ت 458هـ / 1066م)، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، مكة المكرمة، مكتبة دار الباز، 1414هـ/ 1994م، [1- 10]، 4، باب صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه، حديث (8128)، 275.
[7] رضوان، شفيق، الطاقة الخفية والحاسة السادسة، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1425هـ/2004م، 239.
أعجبني
تعليق
مشاركة