رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإرهاب
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإرهاب
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
ففي الآونة الأخيرة اشتغل الناس شعوبًا ودولاً بالحديث عن الإرهاب، حتى عُقدتْ له المؤتمرات وعلى مستوى الدول؛ إلا أن موضوع هذه المؤتَمرات اقتصر على كَيل الاتِّهامات للمسلمين – أفرادًا ودولاً – حيث أُقرَّت الصيغة عند من يتزعَّم الأمور أنه لا إرهاب إلا من جِهة المسلمين، وهكذا يكون الأمر عند مَن يفتح عينًا ويُغمض الأخرى.
أما الإرهاب مِن قِبَل الدول المسيطرة وبعض شعوبه، فلا يُعدُّ إرهابًا؛ فاليهود الغاصِبون في فلسطين وفي لبنان منذ عشرات السنين يدكُّون ويَقصِفون العُزَّل والمدنيِّين من أطفال ونساء وشيوخ، ويَهدِمون المساكن على مَن يعيش فيها، وروسيا تَدكُّ مدن وقرى الشيشان على مَن فيها مِن مدنيين في حرب غير متكافئة وغير عادلة، ولا يعدُّ ذلك إرهابًا؛ لأنه رسمي، وعند ذلك يصمُت العالم أجمع؛ لأن هذه المجازِر رسمية مِن وجهة نظر هؤلاء الإرهابيين!
وأمام كل هذا الظلم والتجبُّر في الأرض مِن قِبَل أعداء الله، ما حيلة الشعوب المغلوبة على أمرها، والتي تقول: ربي الله، وتُريد أن تتفرَّغ لعبادة ربها الخالق الرزاق لها، وتسعى في أرضه بما يكفل السعادة للبشرية ما دام الإرهاب من بعض الدول الظالمة لا يعدُّ إرهابًا؛ وإنما يعدُّ دفاعًا عن النفْس وتأمين حدود،كما في فلسطين ولبنان، وأمرًا داخليًّا كما في الشيشان؟
وهؤلاء الأعداء لا يُسمُّون الإرهاب إرهابًا إلا ونسبوه إلى البلاد الإسلامية، وهذا قولهم في كل حين وكل مناسَبة.
إذًا الحرب بين كفْر وإسلام، ولا حلول إلا بالعدل الذي أنزله الله، فالحاكمية لله بإقامة عدله وشرعه على جميع خلقه، وليس لأهواء البشر، والمسلم الذي يعتقد أن الله هو خالقه ورازقه وهو المستحِقُّ للعبادة وحدَه، فلا سُلطةَ لأحد عليه إلا بالإسلام وتعاليمه السامية التي تضمَن له السعادة في الدنيا والآخرة، وليس ذنبًا أن يقول: ربي الله.
والكافر بربِّه الذي خلقه ورزقه وخضَع لغيره؛ فإنما أُتيَ مِن قِبَل نفسِه، والله يولي بعض الظالمين بعضًا.
إن الأمر واضح، والمغالطة والمكابرة لا تُجدي شيئًا، وإنَّ حلَّ هذه المشكلات البشرية لا يكون إلا بما شرَع خالقها؛ لأنه هو الذي يُصلحها في كل مكان وزمان.
فهلَّا فكَّر أعداء الله فيما شرع الله، وحكَّموا أمر الله في خلقه وأراحوهم؛ فقد كفاهم ما جرَّبوا مما يخالف أمر الله وشرعه.
بقي أن يعرف المسلمون – حكومات وشعوبًا – أنَّ عليهم مسؤوليةً كبرى مما تُعانيه البشرية؛ حيث أضاعوا واجبهم بما يجب أن يكون في أيديهم، وهو القوة المُرهِبة لعدو الله وعدوهم التي أمر الله بإعدادها.
يقول جلَّ وعلا: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، والقوة: هي جميع ما يُتقوَّى به من أسلحة ووسائل نقْلٍ ومصانع لذلك، وتعلُّم وتعليم.
فإن القوة إذا كانت في أيدي المسلمين الصادِقين مع الله، الحُكَماء في أفعالهم، فإنها تكون صلاحًا للبشرية.
فالمسلمون أعقل مِن الكفار؛ فالمسلم يَستعمِل قوَّته وعقله في صالح البشر وإن كانوا كفارًا، ومعلوم مِن حروب المسلمين أنهم لا يَقتُلون النساء ولا الصِّبيان ولا الضعفاء ممن ليس له رأي في محاربة المسلمين، حتى الأسرى مِن المُحارِبين يُعامَلون معاملةً حسنةً، وقد يكون أسْرهم سببًا في سعادتهم إذا أسلموا، كما أنهم لا يَستعمِلون من القوة التي يجب أن تكون في أيديهم ما يُهلِك الحرْث والنسْل، بخلاف الكفار الذين يفعلون ما يُهلِك الحرث والنسْل، ويُخرِّب البلاد، ويفسد الأرض، ويُنفقون المليارات في صنع وسائل الهدْم والتدمير، ثم يُنفقون المليارات للتخلُّص منها، مع أن الكثير من البشر يموتون جوعًا، ويُشرَّدون في الصحاري بسبب الحروب والإرهاب المبرَّر له بالإرهاب.
فهل يُبرَّر للإرهاب بالإرهاب؟
وإذا كان البعض من المسلمين يُتَّهم بأعمال تُخالِف تعاليم الإسلام، فهلا اقتصرت العقوبة على المخطئ وحده؟ ولماذا تنسب أعماله للإسلام؟
وكيف يَتباكى أعداء البشرية على حقوق الإنسان وهم يَقتُلون الإنسان؟ إن هذا والله لهو التناقُض والمُغالَطة! فهل يقال: إن هؤلاء عُقلاء؟
وقد أخبرنا الله – جل وعلا – عن الكافرين بقوله: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: 7]، قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره: “فلا يُبصرون هدى، ولا يَسمعون ولا يَعقِلون” اهـ.
فقد كفروا بالله؛ فأعمى أبصارهم، فالعمى الحقيقيُّ هو عمى البصيرة لا عمى البصر، فأين العدل والإنصاف؟
ولا غرابة أن يتساكَت أعداء الإسلام والمسلمين على ما يفعله بعضهم بالمسلمين؛ فالكفْر مِلَّة واحدة، والمسؤولية تقع على المسلمين أنفسِهم، ولا بدَّ لهم من العودة الصادقة إلى الإسلام وتعاليمه؛ حتى يُنصروا، وليَنصُرنَّ الله مَن يَنصره إن الله قوي عزيز.
وصلى الله على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.