سموتريتش يتراجع عن تصريحه بشأن “محو” بلدة حوارة، والمئات يحتجون على زيارته إلى الولايات المتحدة

سموتريتش يتراجع عن تصريحه بشأن “محو” بلدة حوارة، والمئات يحتجون على زيارته إلى الولايات المتحدة

هدوى محمود

وزير المالية يقول مجددا خلال خطاب ألقاه في واشنطن إن دعوته لتدمير البلدة الفلسطينية “خلق انطباعا خاطئا

في زيارة إلى الولايات المتحدة لم تحظ بكثير من الترحيب، اعتذر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في حديثه أمام مستثمرين أمريكيين عن دعوته إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية وقال إنه ملتزم بـ”حماية كل حياة بريئة، يهودية أو عربية”، بينما تظاهر المئات من الأمريكيين اليهود والمغتربين الإسرائيليين احتجاجا على مشاركته في الحدث في خارج الفندق حيث أقيم.

تحدث سموتريتش إلى حوالي 150 من قادة منظمة “إسرائيل بوندز” في حفل عشاء خاص، في محاولة لحشد الدعم المستمر للاقتصاد الإسرائيلي على الرغم من التقارير التي تتحدث عن فرار أموال الاستثمار من البلاد بسبب الاضطرابات حول خطة الإصلاح القضائي التي تدفع بها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة.

في منتصف الكلمة التي ألقاها باللغة الانجليزية في الحفل الذي أقيم مساء الأحد، سعى سموتريتش إلى التطرق إلى ما أسماه “الفيل في الغرفة”.

وزعم “كما قلت وكتبت وأكرر الآن بأسف بالغ، لقد خلقت تصريحاتي بشأن حوارة انطباعا خاطئا تماما. أنا أقف أمامكم الآن وأنا ملتزم كما هو الحال دائما بأمن دولة إسرائيل، وبقيمنا المشتركة، وبأعلى التزام أخلاقي لقواتنا المسلحة لحماية كل حياة بريئة، يهودية أو عربية”.

قبل أقل من أسبوعين، سُئل سموتريتش عن سبب “إعجابه” بتغريدة نشرها رئيس المجلس الإقليمي السامرة دافيدي بن تسيون دعا فيها إلى “محو قرية حوارة اليوم”، في إشارة إلى البلدة الفلسطينية التي قُتل فيها شقيقان إسرائيليان في هجوم نفذه مسلح فلسطيني، وحيث نفذ مئات المستوطنين اعتداء داميا على القرية بعد ساعات من ذلك.

ورد سموتريتش: “لأنني أعتقد أن قرية حوارة يجب أن تُمحى. أعتقد أن دولة إسرائيل يجب أن تفعل ذلك”، مضيفا أن المهمة لا ينبغي أن يقوم بها مواطنون عاديون “لا سمح الله”.

التصريحات أثارت على الفور ضجة دولية، حيث وصفتها الولايات المتحدة بأنها “بغيضة” وطالبت نتنياهو ووزراء إسرائيليين آخرين بالتنصل منها.

بعد ثلاثة أيام، تراجع سموتريتش عن تصريحاته، ووصفها بأنه “زلة لسان” حدثت في “عاصفة من المشاعر”، وأشاد نتنياهو بتوضيحه.

لكن بالنسبة للكثيرين – لا سيما في الجالية اليهودية الأمريكية – كان الضرر قد حدث بالفعل. وقّعت 73 منظمة يهودية ليبرالية على تعهد بعدم استضافة سموتريتش، ودعت ثلاثة منها إدارة بايدن إلى رفض منحه التأشيرة اللازمة لدخول البلاد. نظمت عدة مجموعات احتجاجا خارج فندق “جراند حياة” يوم الأحد حيث تحدث سموتريتش في الداخل أمام مؤتمر “إسرائيل بوندز”، الذي يبيع سندات الحكومة الإسرائيلية للمستثمرين في الخارج.

من جهته، اكتفى البيت الأبيض بالإعلان في الأسبوع الماضي عن عدم عقد لقاءات بين مسؤولين في الحكومة الأمريكية ووزير المالية خلال تواجده في البلاد.

من بين المنظمات التي تجنبت لقاء سموتريتش منظمات رئيسية من التيار السائد مثل “مؤتمر الرؤساء”، و”الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية”، و”اللجنة اليهودية الأمريكية”، و”إيباك”، و”رابطة مكافحة التشهير”، لكن هذه المنظمات تجنبت التوقيع على بيانات تدعم مقاطعة سموتريتش. كما أكد “الإئتلاف اليهودي الجمهوري” و”مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” هما أيضا عدم وجود لقاءات مقررة لهما مع سموتريتش.

وذكر سموتريتش الأسبوع الماضي أنه كان من المفترض أن يلتقي بمدير صندوق النقد الدولي وممثلين من غرفة التجارة الأمريكية، لكن كلا الاجتماعين أُلغيا وسط الضجة حول تصريحاته بشأن حوارة ، حسبما أفادت هيئة البث الإسرائيلية “كان”.

فقط “الاتحاد الأرثوذكسي” و”المنظمة الصهيونية في أمريكا” اليمينية أعلنتا عن اجتماعات مخططة مع سموتريتش خلال الأيام الثلاثة التي سيقضيها في واشنطن ونيويورك.

بينما كان سموتريتش يتحدث في الداخل، نُظمت عدة احتجاجات متزامنة ضد وزير المالية خارج فندق جراند حياة. على الجانب الغربي من المبنى، لوح عدة مئات من المغتربين الإسرائيليين واليهود الأمريكيين بالأعلام الإسرائيلية ورددوا شعارات ضد سموتريتش، وخطط الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية وسياسات الحكومة تجاه الفلسطينيين.

على الجانب الشمالي من المبنى، قادت منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” اليسارية المتطرفة مظاهرة  شارك فيها أكثر من 60 شخصا دعو فيها إلى مقاطعة إسرائيل واتهموا الدولة اليهودية بالإبقاء على نظام فصل عنصري (أبارتهايد) ضد الفلسطينيين.

وتجمع عدد مشابه من المتظاهرين من منظمة يهودية ذات توجه مماثل، وهي “If Not Now” (إن لم يكن الآن) اليهودية بالقرب من البيت الأبيض قبل أن يسيروا نحو فندق جراند حياة حيث تمركزوا على الجانب الغربي من الفندق، على بعد سيارتي شرطة فقط من المظاهرة المؤيدة لإسرائيل.

تمكن ما يقرب من 12 عضوا من المجموعة من التسلل إلى المبنى، في محاولة لتعطيل خطاب سموتريتش، لكنهم لم يتمكنوا من دخول القاعة. وقالت If Not Now إنه تم اعتقال سبعة من أعضائها.

وأعرب متحدثون ومشاركون في المظاهرة التي نظمها مغتربون إسرائيليون ويهود أمريكيون ليبراليون عن تضامنهم مع مئات آلاف المتظاهرين المناهضين لنتنياهو الذين يخرجون إلى الشوارع في جميع أنحاء إسرائيل احتجاجا على خطة الإصلاح القضائي التي تقترحها الحكومة. وتبنى المتظاهرون في واشطن عبارة “دي-مو-قرا-طية” التي سُمعت خلال الأسابيع العشرة الماضية على بعد حوالي 6000 ميل.

وصرحت سوزي غلمان، رئيسة مجلس إدارة “منتدى السياسات الإسرائيلية” اليساري الوسطي، “لأخواتنا وإخوتنا الإسرائيليين، نقول: ’نحن معكم في كل لحظة في نضالكم ضد العنصرية، وضد رهاب المثلية، وضد التطرف ومن أجل الديمقراطية، والتسامح، والمساواة في حقوق الانسان”، وأضافت “نحن هنا هذا المساء لأن عنصرية بتسلئيل سموتريتش وعدائه للمثليين وتطرفه لا يمثلون ولا ينبغي أن يمثلوا قيم الإسرائيليين والشعب اليهودي حول العالم”.

سموتريتش لديه تاريخ طويل من التصريحات ضد مجتمع الميم والعرب والفلسطينيين واليهود غير الأرثوذكس، والتي تراجع عن بعضها.

ولقد نجحت تصريحاته الأخيرة بشأن حوارة بتوحيد الصهاينة الذين رفعوا الأعلام الإسرائيلية والمناهضين للصهيونية الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية خارج فندق جراند حياة مساء الأحد.

حرصت كلتا المجموعتين على انتقاد معاملة إسرائيل للفلسطينيين، لكن مثل هذه الهتافات في المظاهرة التي رُفعت فيها الأعلام الإسرائيلية لم تبرز بقوة وتم التعبير عنها إلى حد كبير من قبل المتحدثين اليهود الأمريكيين الليبراليين، وليس المغتربين الإسرائيليين، الذين ركزوا على معارضتهم لخطة الإصلاح القضائي.

وقال أوفير غوتلزون، وهو إسرائيلي-أمريكي مقيم في منطقة خليج سان فرانسيسكو، “أنا أعلم أنكم تنضمون اليوم لأنكم تعلمون أنه حتى هنا، في أمريكا الهادئة… حيث يمضي الجميع في حياته اليومية، في المنزل، في الكنيس و[في مراكز الجالية اليهودية]… تنفذ حكومة إسرائيل انقلابا قضائيا عدائيا وعنيفا وغير قانوني”. مؤخرا أسس غوتلزون ومغتربون آخرون مجموعة UnXeptable للاحتجاج على الحكومة الإسرائيلية وساعدوا في تنظيم احتجاج يوم الأحد.

وأضاف غوتلزون إن “التظاهر ضد الحكومة الإسرائيلية بالنسبة للكثيرين من الإخوة والأخوات في أمريكا – أنا أعلم أنه أمر غير طبيعي، ويتعارض مع حامضنا النووي، ولكن كما نعلم جميعا هذه حالة طوارئ”، في إشارة كما يبدو إلى التقليد السياسي الإسرائيلي القديم بتجنب نشر الغسيل القذر في الخارج.

ركز المتظاهرون الإسرائيليون في البلاد أيضا على جهود الإئتلاف لتقييد سلطة المحكمة العليا بشكل جذري، ووجهوا انتقادات إلى أولئك الذين حضروا مسيراتهم وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى ابعاد الإسرائيليين الذين يميلون إلى اليمين وامتناعهم عن الانضمام للاحتجاجات.

لكن المتحدثين في المسيرة المؤيدة لإسرائيل في واشنطن ضد سموتريتش أظهروا الطبيعة الأكثر حمائمية لليهود الأمريكيين، وكثير منهم لم يكونوا على استعداد لفصل دعمهم لحقوق الفلسطينيين عن دعمهم لديمقراطية إسرائيلية قوية.

وقالت جيل جيكوبس، رئيس منظمة “تروعاه” الحاخامية لحقوق الانسان: “عندما نتحدث عن الديمقراطية، فإننا نتحدث أيضا عن الاحتلال وعن الحقوق الفلسطينية”.

على الرغم من الخلافات السياسية حول القضية الفلسطينية، اجتمع المغتربون الإسرائيليون واليهود الأمريكيون الليبراليون في وقت لاحق من ذلك المساء للاحتجاج معا، أما في الداخل، أشاد سموتريش بفضائل الوحدة وتحدث بنبرة أكثر تصالحية من نبرته المعتادة.

وقال سموتريتش: “لطالما عرفت اليهودية الخلافات. يمكننا حتى القول إنها بنيت على الخلافات. الخلاف ليس شيئا يجب أن يخيفنا. على العكس من ذلك، فهو يثرينا”.

“يوجد بيننا أناس متدينون وعلمانيون، إصلاحيون، محافظون، غير منتسبين، وغيرهم. في إسرائيل، لدينا اختلافات كبيرة، لكن للحظة واحدة يجب ألا ننسى أننا إخوة”.

“على الرغم من كل الاختلافات، على الرغم من الألوان العديدة التي تشكل الفسيفساء اليهودية، إلا أننا شعب واحد” ، مشيرا إلى أن للجميع هدف واحد وهو “تيكون عولام”، أو إصلاح العالم، وهو شعار للعديد من اليهود التقدميين الأمريكيين الذين استخف بهم ذات مرة.

وأضاف: “معا ليس لدي شك في أننا سننجح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *