سوريون في لبنان قلقون..”لن نعود إلى جهنم”

سوريون في لبنان قلقون..”لن نعود إلى جهنم”

رحمه محمود

يستأنف لبنان ابتداءً من الأسبوع المقبل تنفيذ خطة “العودة الطوعية” للنازحين السوريين إلى بلادهم بعدما توقفت منذ عام 2019 مع أزمة كورونا والأزمات المتتالية التي شهدها لبنان.

وستنطلق الدفعة الأولى من النازحين خلال أيام وتضمّ 1600 عائلة سورية قدّمت طلباً بالعودة لدى مراكز الأمن العام في مختلف المناطق اللبنانية، فيما تسعى السلطات اللبنانية إلى إعادة نحو 15 ألف لاجئ شهرياً.

غير أن شهادات عدد كبير من النازحين تُجمع على أن ظروف العودة ليست متوفرة حتى الآن، حيث لا توجد مناطق آمنة في سوريا على عكس ما يُقال وأيضاً هناك شريحة كبيرة من اللاجئين السوريين في لبنان هم سياسيون معارضون للنظام ومطلوبون لأجهزته الأمنية.

العودة إلى جهنم

وفي السياق، أكد حسين (اسم مستعار) وهو سوري من حمص لجأ إلى لبنان، وتحديداً إلى البقاع أوائل العام 2012 بسبب الحرب، “أنه لا يُفكّر أبداً بالعودة لأنه أولاً معارض للنظام السوري، وفي هذه الحالة يعني رحيله العودة إلى جهنم، وثانياً لأن كل عائد سيلتحق مُجبراً” بالجيش من أجل القتال، ومصيره سيكون الموت حتماً”.

كما أضاف قائلا إن “اثنين من أعمامه وأخواله توفّوا في سوريا، لأنهم أجبروا على الالتحاق بالجيش.”

كذلك، أكد أن الوضع الأمني السيّئ لا يقتصر على المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بل أيضاً على مناطق المعارضة مثل إدلب، لافتا إلى أن “ابن عمه مثلاً قرر ترك إدلب والهجرة إلى الخارج غير أن الجيش التركي منعه على الحدود وأعاده “مُرغماً” إلى إدلب”.

وبالإضافة إلى الأسباب الأمنية والسياسية، تقف الظروف المعيشية المُزرية في سوريا عائقاً أمام عودة اللاجئين.

المحروقات في لبنان أفضل

وفي هذا السياق، أوضح حسين أن “لبنان ورغم ظروفه الاقتصادية والمالية الصعبة جداً يبقى أفضل بكثير من سوريا.”.

وقال “على الأقل أستطيع هنا تأمين كلفة المازوت والحطب على أبواب الشتاء لتدفئة عائلتي، على عكس سوريا حيث أسعار المحروقات نار، فضلاً عن ارتفاع معدّلات السرقة هناك، لاسيما سرقة الحطب”.

إلى ذلك، أوضح ألا أحد يجبره على العودة إلى سوريا أقلّه في المنطقة البقاعية التي لجأ إليها، لكنه أشار إلى أنه يعرف بعض اللاجئين في مناطق لبنانية محسوبة على أنها من ضمن حلفاء النظام السوري يتعرّضون لضغوط من قبل السكان”.

مفوضية اللاجئين لا تُشجّع

من جهتها، اعتبرت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ظروف العودة بشقّيها، الأمني والمعيشي غير مؤمّنة. وأوضحت في تصريحات”أنها لا تُشجّع العودة الطوعية على نطاق واسع للاجئين”.

وفي السياق، نقلت المفوضية عن لاجئين قولهم “إنهم ما زالوا “قلقين” بشأن مجموعة من العوامل بما في ذلك: السلامة والأمن؛ تأمين المسكن مع الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش”.

كما أكدت أن العودة الطوعية تبقى الحل المفضّل للاجئين أنفسهم، لكن مع ذلك من المهم أن يتمكنوا من اتّخاذ القرار المناسب لهم”. ودعت إلى “احترام حق الإنسان الأساسي للاجئين في العودة “بحرية وبشكل طوعي إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي يختارونه”.

سنواصل الحوار مع الحكومة

إلى ذلك، أكدت “أنها ستواصل الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية بما في ذلك مع الأمن العام في سياق رحلات العودة التي يُسيّرها”.

في المقابل، أوضحت مصادر رسمية “أن مسار العودة الطوعية الذي انطلق في العام 2018 لم تشبه أي شائبة لجهة التعرّض للاجئين الذين عادوا،

كما أكدت “أن الجانب اللبناني أصرّ على تطبيق مسار العودة بكل شفافية، بحيث لا يتم توقيف أي لاجئ سوري فور دخوله إلى بلده”. وأشارت إلى “أن الدفعة الأولى من النازحين التي بمعظمها تتشكّل من عائلات ستنطلق من عدة مخيمات في مناطق مختلفة على أن تتوجّه إلى سوريا عبر معبر المصنع الحدودي، وستتبعها دفعات أخرى لاحقاً”.

إلى ذلك، أوضحت المصادر الرسمية “أن كل لاجئ سوري قرر طوعياً العودة إلى بلده لن يعود إلى لبنان مجدداً قبل 5 سنوات، لأنه عندما يُقدّم طلباً بالعودة لدى الأمن العام تتم تسوية وضعه على أساس أنه نازح مُسجّل رسمياً لدى مفوضية اللاجئين”.

الاعتقالات التعسّفية

من جهته، أكد محمد حسن مدير مركز وصول لحقوق الإنسان،”أن سوريا ما تزال غير آمنة، والظروف الحالية ليست مواتية للعودة الطوعية بأمان وكرامة، حيث تواجه خطر العمليات العسكرية والاعتقالات التعسفية، مع غياب الاستقرار الأمني كأحد المرتكزات المهمة والممكِنة للعودة الآمنة للاجئين والنازحين”.

وقال “إن مركز “وصول” يتلقى بشكل دوري مكالمات من لاجئين سوريين في لبنان يرفضون العودة إلى بلدهم، وذلك لأسباب أبرزها سياسية وأمنية، بسبب مخاوفهم من الاعتقال التعسفي من قبل النظام السوري”. وأضاف “هناك عيّنة من اللاجئين الذين يملكون الرغبة بالعودة إلى سوريا بسبب سوء أوضاعهم المعيشية وسوء الخدمات الأساسية التي يتلقونها في لبنان، وذلك ضمن ما يُسمّى بعوامل الضغط من قبل الحكومة اللبنانية لإجبارهم على اتّخاذ قرار العودة إلى سوريا بما لا يتلاءم في الحقيقة مع ما يتطلعون إليه لاستقرار حياتهم، بالإضافة إلى عدم وجود أي أفق واضح بما يرتبط بحماية أمنهم في لبنان”.

يشار إلى مليونين و80 ألف سوري يتواجدون حاليا في لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، وسط تدني قيمة العملة المحلية، وارتفاع نسب الفقر والبطالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *