عيد تحرير سيناء .. قطعة من قلب الوطن

الصحفى / مدحت مكرم

مدير عام جريدة اليوم التامن

 

من أجمل الأعياد الوطنية هو عيد تحرير سيناء وعودة كل شبر من أرض هذا الوطن الحبيب فقد عاد القلب النابض والجزء الغالى إلى حضن الوطن وعودة سيناء قصة كفاح ونضال للرجال المصريين الشرفاء يتناقلها ويحكيها الأجيال القادمة على مر العصور.

الخامس والعشرون من إبريل هو تاريخ المشهد الأخير في سلسلة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية، حيث قام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، فى مثل هذا اليوم من ٣٦ عاما.

وﻷجيال لم تشهد تاريخ الصراع ومعركة الحرب والسلام نقدم رحلة تحرير سيناء في أبرز محطاتها بين معارك ومفاوضات..

الكفاح المسلح:

– شهدت الخطوات الأولى على طريق التحرير، والتى بدأت بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 قبل بحرب استنزاف ضارية، أعادت للجندية المصرية شرفها، وتسببت فى خسائر فادحة للمحتل الصهيونى ولم تتوقف نيرانها إلا بلجوء المعتدى الغاشم لاستهداف المدنيين فى مصنع أبو زعبل، بل واﻷطفال فى مدرسة بحر البقر الابتدائية.
– مبادرة روجرز كانت محاولة أمريكية لتثبيت واقع محتل ﻷرضنا، لكن وافقت القيادة السياسية، لتكون الهدنة التى تسبق الطوفان، لتكمل بناء حائط الصواريخ وتستعد بتدريبات ومعدات لاسترداد اﻷرض..
– مرت ست سنوات كاملة على الهزيمة قبل أن تندلع الشرارة ـ”بدء حرب أكتوبر ” ، الثانية وخمس دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973م حيث انطلقت القوات المصرية معلنة بدء حرب العبور والتي خاضتها مصر في مواجهة إسرائيل واقتحمت قناة السويس وخط بارليف كان من أهم نتائجها استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975، كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمي والمحلي من بينها: ـ انقلاب المعايير العسكرية في العالم شرقاً وغرباً.
ـ تغيير الإستراتيجيات العسكرية في العالم، والتأثير على مستقبل كثير من الأسلحة والمعدات.
ـ عودة الثقة للمقاتل المصري والعربي بنفسه وقيادته وعدالة قضيته.
ـ الوحدة العربية في أروع صورها، والتي تمثلت في تعاون جميع الدول العربية مع مصر.
ـ جعلت من العرب قوة دولية ـ لها ثقلها ووزنها.
ـ سقوط الأسطورة الإسرائيلية.
علاوة على ذلك مهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذي عُقد في سبتمبر 1978 م على أثر مبادرة “السادات ” في نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس.

المفاوضات السياسية:

-بعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض عن طريق المفاوضات السياسية، حيث تم إصدار القرار رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءًا من 22 أكتوبر 1973م ، وذلك بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، والذي قبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار، إلا أن خرق القوات الإسرائيلية للقرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قراراً آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والذي التزمت به إسرائيل ووافقت عليه، ودخولها في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات الأمر الذي أدى إلى توقف المعارك في 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.
-مباحثات الكيلو 101 ( أكتوبر ونوفمبر 1973) تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع في 11 نوفمبر 1973 م على اتفاق تضمن التزاماً بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، واعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية مهمة في إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط.
اتفاقيات فض الاشتباك الأولى (يناير 1974) والثانية ( سبتمبر 1975)
-يناير 1974 تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية.. وفي سبتمبر 1975 م تم التوقيع على الاتفاق الثاني الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية.
-مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة القدس ( نوفمبر 1977)، حيث أعلن الرئيس أنور السادات في بيان أمام مجلس الشعب أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، وقام بالفعل في نوفمبر 1977 بزيارة إسرائيل وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي طارحاً مبادرته التي كان من أبرز ما جاء فيها أنه ليس وارداً توقيع أي اتفاق منفرد بين مصر وإسرائيل في سياسة مصر، مؤكداً أن تحقق أي سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لن يحقق أبداً السلام الدائم العادل الذي يلح العالم كله عليه، ذلك الموقف الذى سبب ليس شقاقا فقط بين مصر والدول العربية، لكن داخل مصر، خاصة القوات المنتصرة التى ضحت بدمائها لتستعيد اﻷرض، ورأت فى خطوة السادات ليس جرأة قرار لكن خيانة، فهل كان هناك سبيل آخر لاسترداد اﻷرض؟

ثم طرحت المبادرة بعد ذلك خمسة أسس محددة يقوم عليها السلام وهي:

ـ إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967.
ـ تحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته.
ـ حق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة.
ـ تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية.
ـ إنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة.
– وفى مؤتمر كامب ديفيد (18 سبتمبر 1978) في 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر من ذات العام، والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوي الاتفاق على وثيقتين مهمتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.

الوثيقة الأولى؛ إطار السلام في الشرق الأوسط:

نصت على أن مواد ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولي والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول.. وتحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338.
الوثيقة الثانية؛ إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل: وقعت مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقاً لقراري مجلس الأمن 242 و 238 وتؤكدان من جديد التزامهما بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد.

معاهدة السلام في 26 مارس 1979
– وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وأيضاً المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

عودة سيناء:

-أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلي من سيناء على النحو التالي: في 26 مايو 1979: رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش / رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام. ـ في 26 يوليو 1979: المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع ) من أبوزنيبة حتى أبو خربة. ـ في 19 نوفمبر 1979: تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام.

ـ في 19 نوفمبر 1979: الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء.وفي يوم ‏25‏ إبريل‏1982‏ تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصرى المكثف‏.

عودة طابا:

خلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن ارض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية والتي تنص على:
1- تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات.
2- إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.. وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق.
وفي 13 يناير م1986 م ، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى”مشارطة تحكيم” وقعت في 11 سبتمبر 1986م ،والتي تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف.
وفي 30 سبتمبر 1988 م، أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، والتي حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية.
وفي 19 مارس 1989م ، رفع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا المصرية معلناً نداء السلام من فوق أرض طابا.

سيناء قطعة من قلب الوطن ولا تفريط فى حبة رمل واحدة من أى شبر من هذا الوطن وتحيا مصر برجالها الشرفاء اللى بيحموا تراب هذا الوطن.
تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

وللحديث بيننا بقية مادام فى العمر بقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *