ماذا عن ليلة القدر
ماذا عن ليلة القدر
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
إن الأيام تمر وهكذا تستمر الحياه ولكن يجب علينا جميعا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاص لله ضال عن الطريق المستقيم ما ازداد في رمضان إلا بعدا وخسارا ، ولنعلم أن الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا.
وإن ليلة القدر هي أفضل الليالي، وقد أنزل الله فيها القرآن، وأخبر سبحانه أنها خير من ألف شهر، وأنها مباركة، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، وقيل سميت ليلة القدر من باب التعظيم لأنها ذات قيمة وقدر ومنزلة عند الله تعالى لنزول القرآن فيها ، وقيل سميت بليلة القدر لما يقع فيها من تنزل الملائكة ، ولما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة ، وأن الذي يحييها يصير ذا قدر ، ولأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة .
وقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه” ويجب أن تعلم ، كم سنة تعدل ليلة القدر؟ هوأكثر من ثلاث وثمانين سنة ، فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، واستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الاستغلال كقدوتنا وحبيبنا ونبينا ورسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم ، فقالت السيده عائشة رضي الله عنها:” أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله “.
وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بمزيد اجتهاد لا يفعله في العشرين الأول ، فقالت السيده عائشة رضي الله عنها، كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها ، فعن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وما أعظمها فى هذه الليله من دعوة مباركة ، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعفو عنا ،وما أجملها في ليلة القدر المباركة وهذه الدعوة مناسبة لليلة القدر غاية المناسبة لأن ليلة القدر يكتب فيها ما هو كائن إلى ليلة القدر الأخرى، فما أجمل أن يُقبل العبد في ليلة الكتابة على الله عز وجل ، ويسأله العفو العافية ومن أعطي العافية في هذه الليلة فقد أعطي الخير كله ، وأن السيده عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، أرأيت إن علمتُ ليلة القدر أي ليلة هي، فماذا أقول؟ قال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”. رواه الترمذى .
وإن شهر رمضان موسم جليل، ووقت فاضل، وسرعان ما يذهب، فينبغي علينا أن نستغل أوقاته الشريفة وساعاته المباركة بالجد والاجتهاد والإقبال على طاعة الله عز وجل ، وأن نتضرع إليه بالذكر والدعاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك” رواه البخارى .
وإن ليلة القدر لها شأن عظيم عند الله، ولها مكانة كبيرة في نفوس المسلمين، ومن فضائل هذه الليلة المباركة أن الله عز وجل اختصها بأن جعلها وقت نزول كلامه العظيم، وذكره الحكيم ، وإن العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وألف شهر ثلاثة وثمانون عاما وزيادة ، فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول ” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ” متفق عليه .
وإن من أعظم هذه الفرص فى شهر رمضان ، هو الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان ، والحرص يكون بقيامها ويكون بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير ، فقال صلى الله عليه وسلم:” تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان” ومن عظيم مكانة هذه الليلة أن الله عز وجل جعلها ليلة مباركة، وبركة هذه الليلة بركة في الوقت، وبركة في العمل، وبركة في الثواب والجزاء عند الله سبحانه وتعالى.
وإن الواجب علينا أن نقبل على الله عز وجل إقبالا صادقا، تائبين إليه من ذنوبنا، سائليه عز وجل العافية، راجين رحمته، طامعين في فضله وعظيم ثوابه ، وأن نرد الحقوق إلى أصحابها ، وأن نرد المظالم إلى اهلها وأن نتوب إلى الله ، فعن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه” رواه البخارى .
وليلة القدر هي ليلة ذات فضائل خاصة لا يمكن أن تجتمع إلا فيها، فقد جمعت مكارم العام كله بين أردانها وجمعت نسك الصالحين وتضرعات الداعين ونشاط العابدين وهمم الواصلين ، فيجب أن نراعيها حق راعيتها وأن نعمل لذلك ونقدم لها من أعمال ترضى الله عز وجل من صيام وصلاه وصدقه ، فعن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه ” و حتى تكون مثل الجبل ” رواه البخارى .