نتنياهو يشبه المتظاهرين في تل أبيب بالمستوطنين الذين أشعلوا النيران في حوارة
هدوى محمود
المعارضة تستنكر “البيان الفظيع”؛ رئيس الوزراء يقول بدون دليل أن “عناصر أجنبية” تقف وراء بعض المظاهرات، ويدعي زورا أن احتجاجات فك الارتباط عن غزة عام 2005 كانت سلمية
مشبها بين أعمال شغب المستوطنين في بلدة فلسطينية والاحتجاجات في تل أبيب ضد خطة حكومته لإصلاح جذري لنظام القضاء في البلاد، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإسرائيليين يوم الأربعاء إلى “تهدئة التوترات، ووقف العنف”.
لكن يبدو أن مقارنته بين المجموعتين، التي أثارت غضب خصومه، قد طغت على دعوته إلى الهدوء.
أدلى رئيس الوزراء بتصريح مباشر من مكتبه خلال بث الأخبار المسائية بعد يوم من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد الإصلاح القضائي التي وصلت إلى مستويات جديدة من العداء.
وانتشرت الاحتجاجات في أنحاء إسرائيل، مما أدى إلى إصابة 11 شخصًا على الأقل واعتقال أكثر من 50 شخصًا، حيث اشتبك المتظاهرون مع الشرطة. وفي تل أبيب، تم التعامل مع المتظاهرين الذين حاولوا قطع طريق أيالون السريع بإجراءات عدوانية، بما في ذلك خراطيم المياه والقنابل الصوتية، وهي المرة الأولى التي استخدمت فيها هذه الوسائل في المظاهرات الأخيرة ضد التشريع المخطط له.
ويوم الأحد، قام مستوطنون بأعمال شغب في بلدة حوارة الفلسطينية انتقاما لهجوم فلسطيني أسفر عن مقتل شقيقين إسرائيليين في وقت سابق من اليوم في نفس البلدة. وأحرق مستوطنون متطرفون منازل وسيارات ومخازن واعتدوا على فلسطينيين، مما أدى إلى وقوع إصابات ووفاة فلسطيني في ظروف غامضة.
وقال نتنياهو “لن نقبل العنف في حوارة ولن نقبل العنف في تل أبيب”.
وقال رئيس الوزراء إنه في كلتا الحالتين، تجاوز المتظاهرون الخطوط الحمراء بالعنف والفوضى.
ولم يتضمن بيان نتنياهو دعوة منتظرة للتسوية والمحادثات، واتهم المتظاهرين بدلاً من ذلك بإثارة “الفوضى”.
وقال نتنياهو: “حرية التظاهر ليست رخصة لدفع البلاد إلى الفوضى”.
وقارن نتنياهو أحداث الأسبوع مع فك الارتباط عن غزة عام 2005، حيث انسحبت الحكومة بقيادة الليكود من جانب واحد من قطاع غزة وأربعة بلدات في شمال الضفة الغربية. ولا تزال الاحتجاجات جرحًا مفتوحًا للعناصر المؤيدة للاستيطان في المجتمع الإسرائيلي، وكانت متوترة ومثيرة للجدل، وأدت إلى صراعات بين من تم إخلائهم وقوات الأمن.
وقال نتنياهو عن النشطاء المناهضين لفك الارتباط “لقد خرجوا وقاموا باحتجاج قوي وحازم. لكنني سأقول شيئًا واحدًا، لم تتجاوز هذه الاحتجاجات الخطوط الحمراء”.
لكن تأكيد نتنياهو على أن تلك المظاهرات لم تشمل العنف كان كاذبا، مع وقوع اضطرابات واسعة النطاق قبل وأثناء الإخلاء، والتي شملت إغلاق الطرق واشتباكات عنيفة مع قوات الأمن. كما قام اثنان من معارضي فك الارتباط بتنفيذ هجمات دامية ضد العرب قُتل خلالها ثمانية أشخاص.
كما أخفى نتنياهو، الذي صوّت لصالح فك الارتباط ولكن ادعى لاحقًا أنه خضع لإكراه سياسي، حقيقة أن وزير المالية الحالي بتسلئيل سموتريتش قد تم اعتقاله واحتجازه من قبل الشاباك لمدة ثلاثة أسابيع في عام 2005، للاشتباه في التخطيط لتنفيذ حريق متعمد على طريق سريع مزدحم في تل أبيب.
وتم إطلاق سراح سموتريش، الناشط الاستيطاني اليميني المتطرف، دون توجيه تهمة إليه.
كما زعم نتنياهو بدون دليل أن “عناصر أجنبية” كانت وراء بعض الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي – وهو اتهام شائع ضد اليسار الإسرائيلي من قبل البعض من اليمين المتطرف.
وتناقضت مقارنة نتنياهو بشكل حاد مع خطاب ألقاه الرئيس هرتسوغ في وقت سابق من المساء، في محاولة للتوسط في محادثات بين الائتلاف والمعارضة للتوصل إلى إصلاح قضائي دقيق وتوافقي.
وأشاد هرتسوغ بالمتظاهرين باعتبارهم وطنيين مهتمين بمستقبل إسرائيل، وقال إنه يشاركهم مخاوفهم. “أرى الاحتجاجات والقلق والخوف الذي ينبع من أعماق قلوبكم – خوف عبرت عنه أيضًا من التشريع كما هو معروض الآن. أشعر بشدة بعمق الألم وعمق القلق على مصير البلاد”.
واختتم نتنياهو تصريحاته بترديد دعوات للدخول في حوار حول الإصلاح القضائي، لكنه لم يلتزم بوقف دفعة ائتلافه التشريعية – وهو شرط يؤكد عليه السياسيون المعارضون والرئيس.
وانتقد نتنياهو المعارضة، لكنه لم يشر إلى الدعوة في وقت سابق من اليوم لإجراء حوار فوري من زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس، الذي حذر من أن الحرب الأهلية قد تندلع وسط الانقسامات العميقة بشأن التشريع.
وندد غانتس بخطاب نتنياهو: “سامحني، ولكن لتنفيذ بوغروم في بلدة، إشعال النار فيها، قتل شخص، أخذ استراحة لأداء صلاة المساء، وثم الاستمرار في نشر الفوضى – هذا لا يشبه اغلاق الطرق”.
ورفض زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد، الذي أجرى مقابلة مع القناة 13 مباشرة بعد بيان نتنياهو، البيان ووصفه بأنه “سلسلة من التصريحات الصادمة”.
وقال لبيد: “تصريح مروع يعمق الخلاف من رجل ضعيف وخطير”.
وانتقد رئيس الوزراء لمقارنته احتجاجات تل أبيب بالهجوم على حوارة.
وقال لبيد: “كانت حوارة بوغروم نفذه إرهابيون. هل تشبه ذلك… بالناس الذين خرجوا اليوم إلى الشوارع، أفضل الناس في البلاد، وطنيون”.
كما أثير غضب زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي من المقارنة بين “الوطنيين الذين يقاتلون من أجل الديمقراطية والفوضويون الذين يحرقون المنازل في حوارة”.
ونفى لبيد عدم استعداده للتحدث مع نتنياهو للتوصل إلى حل وسط بشأن التشريع المثير للجدل، وأصر على أنه منفتح على إجراء محادثات “حقيقية وليست مخادعة”، وكرر مطالبته بتعليق تشريع التغييرات القضائية أولاً. وقال إن فترة التوقف يجب أن يحددها هرتسوغ، الذي عرض التوسط في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق حل وسط.
وقال لبيد إن أي حوار يجب أن يقوم على مبدأ وقف العملية أولا. أما عن مطلبه السابق بأن تكون فترة التوقف 60 يومًا، فقال إن ذلك كان مجرد اقتراح لفترة معقولة، وأن على هرتسوغ أن يقرر المدة المطلوبة.
وقبل إعلان نتنياهو مباشرة، أصدر أربعة نواب من حزب “الوحدة الوطنية” بزعامة غانتس وحزب الليكود بزعامة نتنياهو بيانًا مشتركًا دعا جميع الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق واسع.
وجاء في البيان الذي وقعه داني دانون ويولي إدلشتين من حزب الليكود مع غادي آيزنكوت وحيلي تروبر من “الوحدة الوطنية” أن “دولة إسرائيل تواجه حاليًا العديد من التحديات المعقدة في مجالات المجتمع والاقتصاد ومكانتها الدولية وتواجه هجمات وتحديات أمنية أكثر خطورة من أي وقت مضى”.
“وفوق كل هذا، مثل الظل المظلم، يغيم الجدل الخطير الذي يمزق ويقسم الجمهور في إسرائيل حول المقترحات المختلفة المتعلقة بنظام العدالة الإسرائيلي. ليس لدينا شك في أنه على الرغم من أن الخلافات كبيرة، علينا أن نتحرك بكل السبل للتوصل إلى اتفاقات واسعة النطاق”، ورد في البيان.
وحثوا جميع أعضاء الكنيست على دعم اقتراح المحادثات الذي طرحه هرتسوغ.
في غضون ذلك، قال وزير العدل ياريف ليفين ورئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست سيمحا روتمان إنهما مستعدان للرد على دعوة غانتس لإجراء محادثات، ولكن دون شروط مسبقة.
وفي بيان مشترك، قال ليفين وروتمان: “غانتس – لنحدد مكانا وزمانا ونجلس ونتحدث. بدون شروط مسبقة”.
لكن القناة 12 ذكرت أن أيا منهما لم يكن على استعداد لوقف العملية التشريعية لفعل ذلك، مع وجود خطط للمضي قدما بأقصى سرعة في مشاريع القوانين المختلفة
اترك تعليقاً