نسائم الإيمان ومع الحسنه فى الميزان
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
إن الله سبحانه يحب من عباده المؤمنين معاملة الناس بالجود والكرم، ومعالي الأخلاق ، ومهما كان عندك من الأموال فإنك لن تَسع الناس، وستجد الذامّين أكثر من المادحين، أما الأخلاق الحسنة، والتبسّم في وجوههم في وجوه الناس، ففي مقدور كل أحد ، ففضل حسنِ الخلق يأتي مباشرة بعد الصلاةِ المفروضة، والإصلاحِ بين الناس .
وإن العبد لا يدري متى تخرج روحه من جسده، ولكنه إذا كان كثير التوبة، متبعا للسيئة الأعمال الحسنة، أوشك أن يختم له بتوبة، فعلى العبد أن يعوّد نفسه كلما أذنب ذنبًا أحدث بعده توبة، وكلما أحدث توبة، أحدث بعدها حسنة، فالحسنات يذهبن السيئات .
وعن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” مثل الذي يعمل السيئات، ثم يعمل الحسنات، كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته، ثم عمل حسنة فانفكت حلقة، ثم عمل حسنة أخرى، فانفكت أخرى حتى يخرج إلى الأرض ” رواه احمد .
وإن كثيرا ممن يقوم الليل، ويكثر من الصلاة والصوم والنوافل والتطوعات يدركهم في درجاتهم ومنازلهم يوم القيامة ، ذوو الأخلاق الحسنة، والآداب الكريمة، فالأعمال الصالحة الخالية من الأخلاق الحسنة ناقصة غير كاملة، وقد تصل إلى الفساد بفساد الأخلاق .
ولقد خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته وأسمعهم مرارا قوله: “والذي نفسي بيده، لَو لم تُذنِبوا، لذهَب اللَّه بكُم، ولجاء بقوم يُذنِبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم”، لكنهم رضي الله عنهم كانت لهم قلوب حية، ونفوس زاكية بتعظيم الله وإجلاله، فيزعجهم ألم المعصية، وتقلقهم حرارة الخطيئة.
إن المؤمن في هذه الدنيا يتقلب بين الحسنة والسيئة، فالدنيا مليئة بالفتن والشهوات، كما هي مليئة بالأعمال الصالحات، والعبد من خروجه من منزله ورجوعه إليه، تمر به مناظر وفتن يبتلى بها، فناجٍ برحمة الله، ومفتون بخذلان الله له، فما موقف المسلم مع تلك السيئات التي كُتبت على ابن آدم كل يوم؟
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي، قال: ولم يسأله عنه؟ قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه رجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم في كتاب الله، قال : ” أليس قد صليت معنا؟ ” قال: نعم، قال: ” فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك ” .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ” رواه الترمذى ، فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “وأتبع الحسنة السيئة تمحها” وكلّما كانت الحسنة من جنس السيّئة كان ذلك أبلغ في التكفير والإذهاب .
فإن كانت السيئة من خطايا اللسان، فليكثر العبد من طاعة الله بلسانه، وإن كانت خطيئته سماع حرام، فليشنف سمعه بالذكر والقرآن ، فقال شيخ الإسلام: “وينبغي أن تكون الحسنات من جنس السيئات؛ فإنه أبلغ في المحو”.
وليس المعنى من الحديث إباحة الذنوب للناس، ولكنه رفع للقنوط عنهم، وبيان أن الذنوب قد قُدّرت على الناس، وأن عليهم أن يتوبوا إلى الله مباشرة، وأن يلتزموا التقوى، فالتقوى هي وصية الله لجميع خلقه، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وكان صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرا .
ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “كلّ أمتي معافًى إلاَّ المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يَعْمَل الرجل بالليل عملا، ثم يُصبِح وقد سَتَره الله، فيقول: يا فلان: عمِلْتُ البارحة كذا وكذا، وقد باتَ يستُره ربه ويصبح يكشِف سِتْرَ الله عنه”. رواه البخاري
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ ” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ” إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط، فذلكم الرباط ” .
وعن أبي هريرة رضى الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: ” أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى:
عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب؛ اعمل ما شئت فقد غفرت لك، قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة “اعمل ما شئت” رواه مسلم .