نسائم الإيمان ومع الصحابى أبو إمامه ( الجزء الأول )

إعداد / محمـــد الدكــــرورى

هو صُدَيّ بن عجلان بن وهب أبو أمامة الباهلي، وكنيته أبو أمامة، وهو من قبيلة باهلة من قيس عيلان، وهو صحابي فاضل زاهد روى علماً كثيراً، أرسله الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى قومه فأسلموا، وسكن الشام وهو آخر من مات فيها من الصحابة وهو أحد من بايع تحت الشجرة، ويقال أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو أمامة إلى قومه، فأتاهم وهم على الطعام، فرحّبوا به وقالوا :تعالى فَكُل، فقال :إني جِئْتُ لأنهاكم عن هذا الطعام، وأنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتيتكم لتُؤمنوا به.

فكذّبوه وزَبروه وهو جائع ظمآن، فنام من الجهد الشديد، فأتِيَ في منامه بشربة لبن، فشرب وروي وعَظُم بطنه، فقال القوم: أتاكم رجل من أشرافكم وسراتكم فرددتموه، اذهبوا إليه، وأطعموه من الطعام والشراب ما يشتهي، ويقول أبو أمامة: فأتوني بالطعام والشراب فقلت: لا حاجة لي في طعامكم وشرابكم، فإن الله عز وجل أطعمني وسقاني، فانظروا إلى الحال التي أنا عليها. فنظروا فآمنوا بي وبما جئتُ به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال سليم بن عامر : سمعت أبا أمامة : سمعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع ، قلت : لأبي أمامة : مثل من أنت يومئذ ؟ قال : أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة، وروي أنه بايع تحت الشجرة، وعن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة، قلت : يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة، فقال : اللهم سلمهم وغنمهم، فغزونا، فسلمنا، وغنمنا، وقلت : يا رسول الله، مرني بعمل، قال : عليك بالصيام فإنه لا مثل له، فكان أبو أمامة ، وامرأته ، وخادمه لا يلفون إلا صياما .

ويقول أبو أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر به وهو يحرك شفتيه، فقال: “ماذا تقول يا أبا أمامة” قال: أذكر ربي تعالى، قال: “أفلا أخبرك بأكبر وأفضل من ذكر الليل مع النهار والنهار مع الليل تقول: سبحان الله عدد ما خلق، وسبحان الله ملء ما خلق، وسبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول الحمد لله مثل ذلك”.

وكان من تعليمه أنه قال محمد بن زياد الألهاني: كنت آخذًا بيد أبي أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفت معه إلى بيته فلا يمر بمسلم ولا صغير ولا أحد إلا قال: سلام عليكم سلام عليكم، فإذا انتهى إلى باب داره التفت إلينا ثم قال: أي ابن أخي أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، أن نفشي السلام، وقد أتى أبو أمامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أمرتني بأمر أرجو أن يكون الله قد نفعني به، فمُرْنِي بأمر آخر عسى الله أن ينفعني به، قال: “اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة” أو قال حطّ عنك بها خطيئة.

وعن محمد بن زياد رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده ويدعو ربه فقال أبو أمامة: أنت أنت لو كان هذا في بيتك، وعن سليمان بن حبيب المحاربي دخلت على أبي أمامة مع مكحول وابن أبي زكريا فنظر إلى أسيافنا فرأى فيها شيئًا من وضح، فقال: إن المدائن والأمصار فتحت بسيوف ما فيها الذهب ولا الفضة فقلنا: إنه أقل من ذلك، فقال: هو ذاك أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم، وكانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه، قال: فقال مكحول لما خرجنا من عنده: لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل.

ويقول سليمان بن حبيب المحاربي قال: دخلت مسجد حمص فإذا مكحول وابن أبي زكرياء جالسان فقال مكحول: لو قمنا إلى أبي أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدينا من حقه وسمعنا منه قال: فقمنا جميعًا حتى أتيناه فسلمنا عليه فرد السلام ثم قال صلى الله عليه وسلم : إن دخولكم علي رحمة لكم وحجة عليكم ولم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من شيء أشد خوفًا على هذه الأمة من الكذب والعصبية، ألا وإياكم والكذب والعصبية، ألا وإنه أمرنا أن نبلغكم ذلك عنه، ألا وقد فعلنا فأبلغوا عنا ما بلغناكم.

ويقول أبو أمامة الباهلي: شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم حجة الوداع فقال قولاً كثيرًا حسنًا جميلاً وكان فيها: “من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا، ومن أسلم من المشركين فله أجره وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا” وسمع أبو أمامة الباهلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، واقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما.

واقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة” ويروي أبو أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “ثلاثة كلهم ضامن على الله تعالى، رجل خرج غازيًا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل “.

وعن أبي أمامة الباهلي قال: قلت: يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به، قال صلى الله عليه وسلم،: “عليك بالصيام فإنه لا مثل له” ويحدث أبو أمامة الباهلي فيقول: جاء رجل إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا شيء له” فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا شيء له” ثم قال: “إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *