نسائم الإيمان ومع الصحابى خالد بن الوليد ( الجزء الأول )

إعداد وتقديم / محمــــد الدكـــــرورى

إنه قائد من القاده العظماء الذين ذاع صيتهم فى الإسلام وقبله ، فيحيا الإنسان في عالم متسارع فيه كثير من الصعوبات التي تعترض طريق التقدم والنجاح، لذلك لا يستطيع أحد المضي فيه، إلا إن تميز بالقوة التي تساعده على ذلك، فهذا العالم لا يعترف بالضعفاء الهزيلين، وإنما يعترف بالأقوياء النابهين.

وعلى الإنسان أن يُنمّي مهاراته، ويهتم بذاته، ويتحلى بالصفات التي تجعله قائدا ناجحا في حياته، حتى يمضي بطريقه نحو القمة بهمة عالية، والقائد هو الإنسان المبدع الذي يأتي بالطُرق الجديدة، ليعمل على تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل، والقائد الناجح هو الذي تظهر مهاراته في وضع وإعداد الخطة، وفي طريقة تنفيذها، وهو مُتميز في بث روح الحماسة والمثابرة عند الآخرين.

وهذا القائد كان فارس الإسلام، وليث المشاهد، وقائدَ الجند المجاهدين، فقد هاجر مسلما في السنة الثامنة للهجرة، فلقيه عمرو بن العاص في الطريق، فقال له: إلى أين أبا سليمان؟ قال: أذهبُ الى المدينه إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى أشهد ألا اله إلا الله وأن محمد رسول الله .

وهذا القائد قد شهد مؤتة والفتح وحنينا، وحارب أهل الردة، وغزا العراق، وشهد حروب الشام، وهدم العُزّى فلا عُزى بعدها، وقاتل الأعداء من كل الأجناس، وصارع الأبطال، وبارز الشجعان، ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء، ثم بعد ذلك ما مات إلا على فراشه، فلا نامت أعين الجبناء.

إنه القائد أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق رضي الله عنه، إنه القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، الذى لم يتخلف عن غزوة منذ أسلم، وكان في طليعة جيوش المسلمين الجرارة.

وكان من أبرزهم حضورا في المعارك الحاسمة، حتى شغله الجهاد عن كثرة قراءة القرآن، ونعم الشاغل الجهاد في سبيل الله تعالى، وقد قال قيس ابن أبي حازم: سمعت خالدا يقول: منعني الجهاد كثيرا من القراءة، ولقد قوي إيمانه حتى بلغ من قوته أنه أُشرب حب الجهاد في سبيل الله تعالى وخدمة دينه، وكان همه الأكبر الجهاد في سبيل الله، وتعلق به قلبُه دون كل محبوب.

وأمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، ويقال أنه كان قريبا من سن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وينتمي خالد بن الوليد إلى قبيلة بني مخزوم، وهى أحد بطون قريش التي كانت إليها القبة والأعنة، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.

وكان منهم الكثير من السابقين للإسلام؛ فمنهم: أبو سلمة بن عبد الأسد، وكان في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، والأرقم بن أبي الأرقم الذي كانت داره أول مسجد للإسلام، وأول مدرسة للدعوة الإسلامية، ولقد كان رضي الله عنه جديرا بمقولة أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين : عجز النساء أن يلدن مثل خالد.

وكانت أسرة خالد ذات منزلة متميزة في بني مخزوم، فعمه أبو أمية بن المغيرة ، هو أبو السيده أم سلمه زوج النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان معروفا بالحكمة والفضل، وكان مشهورا بالجود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحكيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتتلون، وقد مات قبل الإسلام.

وكان عمه هشام بن المغيرة ، وكان من سادات قريش وأشرافها، وهو الذي قاد بني مخزوم في حرب الفجار، وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم: العاص وأبو قيس وعبد شمس وعمارة وهشام والوليد، واثنتين من الإناث هما: فاطمة وفاضنة، وأما أبوه فهو عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في قريش، وكان معروفا بالحكمة والعقل.

فكان أحد حكام قريش في الجاهلية، وكان ثريًا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام، وقد ولد خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي في مكة، وأبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب.

وكان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير” وقد ولد خالد لأب شديد الثراء ورفيع النسب والمكانة هو الوليد بن المغيرة الذي قال فيه القرآن: “ذرني ومن خلقت وحيداً”، وأمه هي لبابة بنت الحارث الهلالية.

وكان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبه، وأمّه عصماء، وهي لبابة بنت الحارث وهى أخت أم الفضل بنت الحارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكما يمتد نسب خالد بن الوليد إلى الجد السابع للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

وكان له ستة إخوة وأختان، نشأ معهم نشأة مترفة، وتعلم الفروسية منذ صغره مبديا فيها براعة مميزة، جعلته يصبح أحد قادة فرسان قريش، وكان خالد بن الوليد مترددا في النظر للاسلام، وحارب المسلمين في غزوتي أحد والاحزاب ولم يحارب في بدر لانه كان في بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الاولى بين المسلمين ومشركي قريش ، غير أنه بدأ يميل إلى الإسلام وأسلم بعد صلح الحديبية.

رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسلمين في غزوة أحد في نهاية الغزوة بعد ان قتل من بقي من الرماة المسلمين على جبل احد و التف حول جيش المسلمين و طوقهم من الخلف و قام بهجوم ادى إلى ارتباك صفوف جيش المسلمين، فحقا إنه عظيم من عظماء الإسلام، وفارس من فرسان الميدان، وبطل من أبطال الصحب الكرام.

وإنه أحد رجالات التاريخ الذين ضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والإقدام، ولم يشارك في معركة في جاهلية ولا في إسلام إلا انتصر فيها، فكان بحق أعجوبة من أعاجيب الزمان، إنه أسد الإسلام ومهندس انتصارات المؤمنين، إنه سيف الله خالد بن الوليد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *