نسائم الإيمان ومع عمرو بن ود
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
هو عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العامري القرشي ، وهو من أشجع الفرسان العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، وقد كان قاتل يوم بدر ولم يشهد أحدا وكان قائد المشركين في غزوة الخندق ” الاحزاب ” .
وكان يسمى فارس يليل ولهذا اللقب قصة وهي أنه كان في إحدى الليالي يسير بفرسه مع عدد من أصحابه فهجم عليهم عشرة فرسان في واد ، فهرب جميع أصدقائه وثبت هو لوحده يصارع الفرسان وكانوا عصابة من قطاع الطرق وانتصر عليهم لوحده فسمي من ذلك اليوم فارس ياليل وكان معروفا في الجزيرة العربية بقوته وكانت العرب تهابه وتخاف منه.
وعمرو بن ود هو المشرك الوحيد الذي عبر الخندق في غزوة الخندق ” الأحزاب ” وقد قتل في غزوة الخندق على يد الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، وكان عمرو بن ود يطالب المسلمين بأن يخرج له أحد يقاتله ولم يجبه أحد حتى انبرى علي بن أبي طالب بعدما أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فبعد أن نقضت بنو قريظة صلحها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانضمت إلى صفوف المشركين، فتغير ميزان القوى لصالح أعداء الإسلام ، فتحزّبت قريش والقبائل الأُخرى، ومعهم اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين.
وكان يقود الأحزاب أبوسفيان بن حرب ، فقاموا بتطويق المدينة بعشرة آلاف مقاتل ، مما أدى إلى انتشار الرعب بين صفوف المسلمين، وتزلزلت نفوسهم، وظنوا بالله الظنونا، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أصحابه في ذلك وكيف يواجهون تلك الأعداد الكبيره من المشركين فكان الرأى هو الجلوس فى المدينه وحفر الخندق حول المدينه .
وبدأوا بحفر الخندق حول المدينة باتجاه العدو، وخرج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، مع المسلمين ليشاركهم في حفر هذا الخندق، وتقسيم العمل بينهم، وكان يحثهم ويقول: ” لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة “.
ولم يدع المنافقون والمتقاعسون تثبيط العمل برغم الهمة والحماس الذي أبداه المسلمون، لقد استطاعت مجموعة من العدو عبور الخندق، وكان من بينهم عمرو بن عبد ودٍ، فراح يصول ويجول، ويتوعد ويتفاخر ببطولته، وينادي: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد حتى كررها كثيرا وتكلمت بشجاعته ومهارته فى القتال .
فقام الإمام عليّ رضى الله عنه وقال: أنا له يارسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، اجلس إنه عمرو، فقال الإمام علي، رضي الله عنه وأرضاه، وإن كان عمروا، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعطى له سيفه الشهير ذا الفقار، وألبسه درعه، وعممه بعمامته ، ثم قال صلى الله عليه وسلم، ” إلهي أخذت عبيدة منّي يوم بدر، وحمزة يوم أُحد، وهذا أخي، وابن عمّي، فلا تَذَرني فردا، وأنت خير الوارثين ” .
ونزل الإمام عليَّ رضى الله عنه الميدان، ويمتلكه الثقة بالله، والنصر المبين، ثم خاطب ابن عبد ودٍ بقوله: يا عمرو، إنك كنت تقول لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها ، فقال عمرو: أجل ، فقال عليّ، فإني أدعوك أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتسلم لرب العالمين.
فقال : يا ابن أخي أخر عنّي هذه ، فقال له: أما أنها خير لك لو أخذتها ، ثم قال عليّ: وأخرى ترجع إلى بلادك، فإن يك محمد صادقا كنت أسعد الناس به، وإن يك كاذبا كان الذي تريد ، فقال: هذا ما لا تتحدث به نساء قريش أبدا.
ثم قال عليّ رضى الله عنه، فالثالثة، أدعوك إلى البراز ، فقال عمرو: إن هذه الخصلة ما كنت أظن أن أحدا من العرب يرومني عليها، ولم يا ابن أخي؟ إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك لي نديما ، فرد عليه الإمام على وقال لكني أحب أن أقتلك.
فاقتحم عن فرسه فعقره، وسلّ سيفه كأنه شعلة نار، وأقبل عمرو مهاجما عليًا، فصدَه برباطة جأش، وأرداه قتيلا، فعلا التكبير والتهليل في صفوف المسلمين ، وحينما قتل عليَّ عمروا أقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجهه يتهلل، فقال له عمر بن الخطاب: هلاّ سلبته يا علي درعه، فإنه ليس في العرب درع مثلها؟ فقال عليّ: إني استحييت أن أكشف سوءة ابن عمي .
ولما رجع سيدنا علي ظافرا، استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ” لمبارزة على بن أبى طالب لعمرو بن ود أفضل من عمل أمتى إلى يوم القيامه ” وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم ” ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين “.
فكان بفضل الله الموقف البطولي للإمام علي رضى الله عنه، ولولاه لاقتحم جيش المشركين المدينة على المسلمين بذلك العدد الهائل، وهكذا كانت بطولته في غزوة الخندق ، فكانت أهم عناصر النصر لمعسكر الإيمان على معسكر الكفر والضلال، وقد أقام المشركون بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم وبين المسلمين حرب إلا الرمي بالنبل والحصى .
ولكن بعد عبور أحد صناديد الشرك والكفر، وهو عمرو بن عبد ود العامري الخندق، ومبارزة عليّ بن أبي طالب، وقتله لعمرو، تحقّق النصر للإسلام والمسلمين في الثالث من شوال وفى السنه الخامسه هجريا .