نسائم الإيمان ووقفه فى حياة السيده أم كلثوم بنت الإمام على (الجزء الأول)

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

هي السيده أم كلثوم بنت الإمام علي بن أبي طالب، وأمها هى فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وتسمى أيضا زينب الصغرى تمييزا لها عن أختها زينب الكبرى إذ تشتركان بالاسم واللقب، فهي بذلك حفيدة رسول الله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وهي خامس مولود للإمام علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء، وهي أخت الحسن والحسين، رضي الله عنهم أجمعين، ولأرجح أنها وُلدت في حياة جدها رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فرأته ورآها قرابة خمس سنين، ولكنها لم تروى عنه حديثا.

ويُقال أنها حين بلغت أشدها كانت أفصح بنات قريش، وقد تزوجت من عمر بن الخطاب، ثم ابن عمها محمد بن جعفر بن أبي طالب، فهى صحابية شابة، وقد تزوجت كهلًا من الصحابة ولكن ليس أي كهل، إنه عمر بن الخطاب، وربما لا يعرف كثير من الناس أن أم كلثوم كانت زوجة لعمر بن الخطاب، ربما يندهش بعضهم ويقول متسائلًا، كيف يزوج علي بن أبي طالب ابنته لعمر بن الخطاب رغم الخلاف المعروف الذي بينهما، ولكن منذ البداية كيف تم هذا الزواج؟ دخل عمر بن الخطاب يوما على علي بن أبي طالب.

وسأله أن يزوجه ابنته أم كلثوم، فقال له: أنكحنيها يا علي، فو الله ما من الناس أحد يرصد من كرامتها ما أرصده وأنتظره، ولمس علي في عمر بن الخطاب رغبته الصادقة في الزواج من ابنته فقال له: سوف أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتها لك، هذا ما قاله علي لعمر رضي الله عنهما، فكيف بعثها؟ أعطاها بردًا أي قطعة من قماش وقال لها: اذهبي إلى أمير المؤمنين عمر وقولي له هذا هو البرد الذي أرسله إليك والدي، فلما قالت أم كلثوم ذلك لعمر قال: قد رضيت به، رجعت أم كلثوم إلى بيت والدها مندهشة.

فقد رضي عمر بالبرد دون أن يمسه أوينشره، لم تدر أن البرد كان مجرد طرفة حكيمة ذكية، الغرض منها أن يراها أمير المؤمنين وتراه عن قرب قبل أن يتزوجا، إذن رضي عمر ورضي علي ورضيت أم كلثوم وتم الزواج المبارك، وكانت فرحة عمر بهذا الزواج كبيره، فقد خرج على أصحابه وهو يقول هنئوني هنئوني زفوني، فتعجب أصحابه من فرحه، فقد عهدوا أن يروا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مهمومًا لأمر رعيته، وقد زال ذلك التعجب عندما علموا السبب، فقد باح لهم به فقال: لقد تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب.

وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” كل سبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا سببي وصهري” فقد جمعت إلي السبب فأردت أن أجمع إليه الصهر، وقيل أنه حين كان الزوج يجوب مشارف المدينة المنورة، فسمع صوت امرأتان، فتقدم من مصدر الصوت فإذا به يرى بيتا من الشعر في خيمة، استغرب الصحابي أن يضرب أحد من الناس بيته في هذا المكان الموحش المقفر الخالي من الجوار، لم لا يشد رحاله إلى المدينة المنورة التي لا تبعد سوى بضعة أميال.

رأى على باب البيت رجلا يرعى المكان جيئة وذهابا بخطوات مطربة وهو يفرك يديه ببعضهما، وقد علا وجهه الهم والحزن والغم، كان صوت أنين المرأة صادرا من داخل الخيمة، وكان يعلو تارة ويخمد أخرى، اقترب الصحابي من الرجل وسأله: من أنت؟، فقال: أنا رجل من البادية جئت أمير المؤمنين أسأله من فضله، وما هذا الصوت الذي أسمعه من داخل البيت يا أخا العرب؟ امتعض الرجل من هذا السؤال الفضولي وقال للصحابي: انطلق لحاجتك يرحمك الله، ولكن ذلك الصحابي كرر السؤال .

ولم يبال بما قد يواجهه من غضب صاحب البيت وما قد يتهم به من الفضولية، أجاب الرجل على مضض: هي زوجتي، قد دب فيها الطلق ولست أدري ما أفعل، سأله الصحابي: هل عندها أحد؟ أجابه: لا، ليس عندها أحد، فاستأذن الصحابي الرجل وهرول نحو بيته، ونادى زوجته على عجل وهو يقول لها: هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ سألته: وماهو؟ قال: امرأة غريبة تضع وليدها وليس عندها أحد، أجابته بلهفة: نعم، نعم إن شئت، لملمت الصبية الفتية بعض الأغراض التي تصلح لولادة المرأة، بينما حمل الرجل معه قدرا وحبوبا.

وقليلا من الشحم، ثم أسرعا يحثان الخطا إلى ذلك البيت على مشارف المدينة، وعندما اقتربا من البيت كان أنين المرأة يئن في الأفق، أسرعت الصحابية إلى الداخل بينما بقي زوجها مع الرجل صاحب البيت ينتظران في الخارج، وبدأ الصحابي يجمع بعض الأعواد المبثوثة حول البيت وهو يقول لصاحب البيت، تعالى يا رجل فأعني حتى نوقد النار، وماهي إلا دقائق حتى أشعل الصحابي النار، ثم وضع فوقها القدر المملوءة بالحبوب والماء والشحم، لحظات صامتة حرجة مضت ومضى معها صوت المولود وهو يستهل صارخا.

وقد أعقبه صوت الصحابية الشابة وهي تقول: يا أميرالمؤمنين بشر صاحبك بغلام، ذهل الرجل عندما سمع ما قالته المرأة، أمير المؤمنين؟ أيعقل أن يكون الكهل الذي أمامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، بدأ العرق يتصبب من جبينه، فانتبه أمير المؤمنين عمر لذلك، وأحب أن يكسر قلقه وخجله، فقال: مكانك كما أنت، لم يفهم الرجل مراد أمير المؤمنين، حتى رآه يحمل القدر من فوق النار ويضعه أمام الباب وهو ينادي: يا أم كلثوم، هرعت أم كلثوم وهي تقول: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال لها: خذي فأشبعي المرأة من الطعام.

ففعلت أم كلثوم ما طلبه منها زوجها، ولما شبعت المرأة أخرجت أم كلثوم القدر ووضعته أمام الباب، فقام أمير المؤمنين، ووضعه بين يدي الرجل وهو يقول: كل يا رجل كل، فقد سهرت من الليل حتى أنهكت، اغرورقت عيناه بالدموع وهو يشكر أمير المؤمنين على معروفه، وعقله لا يصدق أن من أمامه هو أمير المؤمنين، وأن من بالداخل هي زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ابنة فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين، ولم ينس أمير المؤمنين وهو يودع الرجل أن يقول له: إذا كان الغد فأتنا نأمر لك بما يصلحك، وليس غريبًا أن تكون أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء أهلًا لكل خير وعونًا لزوجها على كل خير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *