نسائم الإيمان ووقفه مع سفينة نبى الله نوح عليه السلام

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

سفينة نوح هي سفينة صنعها نبى الله نوح عليه السلام لحماية المؤمنين والحيوانات وجميع الكائنات الحية من الطوفان العظيم بعدما كثر شر الناس، وهى سفينة صنعها نبى الله نوح بوحي من الله عز وجل وقد أمره الله تعالى بأن يحمل في السفينة من كل نوع من أنواع الحيوانات زوجين، ويحمل فيها أهل بيته إلا من سبق عليهم القول ممن لم يؤمن بالله كأبنه وامرأته، ويحمل فيها من آمن معه من قومه، ليهلك جميع من تبقى من المفسدين من قومه الذين كذبوا رسالته بطوفان عظيم، والنبي نوح عليه السلام هو من أنبياء في الإسلام، وقصته تعتبر عبرة لمن لم يتبعوه.

ولقد ذكر نبى الله نوح في عدة آيات قرآنية، وقد أمر الله نوح أن يحمل بالسفينة كل من آمن معه وأهله إلا من كفر منهم، وقد أمره كذلك أن يحمل زوجين من كل ما توفر لديه من حيوانات وبهائم من أجل بناء حياة جديدة بعد الطوفان، ولا يقتضي الأمر أن يحمل زوجين من جميع الأجناس الموجودة على الأرض خاصة إذا ثبت أن الطوفان لم يعم الأرض بأكملها وأن السفينة لا تتسع لحمل هذه الأجناس كلها وأن نوحا لم يكن مكلفا بأن يجوب العالم كله بحثا عن الأجناس، وقد ركبها المؤمنون ممن آمن بنوح والذين آمنوا بنبى الله نوح عليه السلام، وقيل أنه قد آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا.

وصعد أهله إلا امرأته التي كانت كافرة، وأحد أبنائه الذي قيل أنه كان يظهر الإيمان أمام والده ويخفي الكفر، وقد نادى نوح ابنه ان يركب معه فلم يجبه وقال أنه سيأوي إلى منطقة عالية لايصلها الماء فحال بين نوح وابنه الماء وغرق بذلك ابنه، وقد جاء وصف سفينة نوح في القرآن على أنها فلك كما جاء وصف آخر لها بأنها فلك مشحون للتعبير عن حمولتها الكبيرة، والفلك هو الشكل الوعائي، وهو شكل يعبر غالبا عن نوع خاص من السفن مثل شكل قوارب النجاة الذي لا يزال يسمى حتى الآن في بعض المناطق بـالفلوكة، والفلك في معاجم اللغة هو الشكل المستدير المرتفع عن الأرض.

فبالرغم من كونها سفينة لم يذكرها القرآن بلفظ سفينة إلا مرة واحدة في سورة العنكبوت وكان التعبير الغالب والمفضل لها هو الفلك، وقد جاء وصفها كذلك بأنها سفينة، وقد سميت السفن بذلك لأنها تقشر وجه الماء وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت مقدمة السفينة مدببة، وجاء وصفها كذلك بأنها جارية تعبيرا على جريانها فوق المياه، والجارية هي مفرد جواري كما جاء في سورة الرحمن ( وله الجوار المنشئآت فى البحر كالأعلام ) وأنها ذات ألواح ودسر، والألواح يقصد بها ألواح خشبية حيث أن نوح قام ببناء السفينة من ألواح الأشجار ويقال أيضا أن نوح كان نجارا، أما الدُّسُرُ فهي مسامير السفن وشُرطها التي تُشدُ بها .

وهو كما ورد في المعاجم اللغوية مثل لسان العرب وتاج العروس وحسب بعض المفسرين، ولكن البحارة العرب في القرون الوسطى استبدلوا الدسر المعدنية بحبال تربط أجزاء السفينة حتى يتسنى لراكبيها إصلاحها بكل سهولة لكون المسامير المعدنية تصدأ بسهولة ويصعب جدا إصلاحها خاصة إذا كانت السفينة مبحرة ولذلك أصبحت الحبال التي وضعت بدل الدسر المعدنية تسمى كذلك دسرا، حتى ذهب بعض المفسرين إلى القول بأن دسر السفينة هي حبالها، وعندما جاء وعد الله إلى قوم نوح وظهرت بوادر العذاب بتفجر الينابيع، وانفراج السماء بالمطر الغزير.

أسرع نبى الله نوح عليه السلام بفتح السفينة، ليُدخل فيها من آمن برسالته، كما حمل فيها من كل حيوان زوجين اثنين، ذكرا وأنثى، ليستمر وجود جميع المخلوقات على الأرض، وبعد أن حملت السفينة من آمن من قوم نوح وغيرهم من هوام الأرض ودوابها، ارتفعت المياه في مناحي الأرض من شتى الجهات، واشتد المطر حتى التقت مياه الأمطار بمياه ينابيع الأرض، وارتفع الموج وازدادت شدته، فعمَ اليابسة من شدّته، فغرقت الأرض، ولم يبق من الأحياء إلا من ركب السفينة مع نوح عليه السلام، وفي ذلك الوقت جرت سفينة نوح وسط الأمواج، وقد استمر الطوفان زمنا لا يُعرف مقداره.

حتى جاء أمر الله بأن تكف الأمطار عن الانهمار، وأن تبتلع الأرض ما أخرجته من مياه، وأن ترسو السفينة وتستقر على جبل الجودي، وحدث الطوفان عن طريق هطول أمطار غزيرة وانفجار عيون الأرض وذلك فى قوله تعالى ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ) وكذلك طغيان الماء وذلك فى قوله تعالى ( إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَـٰكُمْ فِى ٱلْجَارِيَةِ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَٰعِيَةٌ ) وفوران التنور وهو حسب بعض المفسرين نبوع الماء من التنور من الأرض وهي إشارة لنوح بركوب السفينة .

وذلك فى قوله تعالى ( فاذا جاء أمرنا وفار التنّور) والفوران حسب المعاجم اللغوية هو ارتفاع سائل بسخونة نتيجة تعرضه لمصدر حرارة، أما التنور هو وجه الأرض حسب قول ابن عباس وعكرمة والزهري وابن عيينة، وقد وصف هول الطوفان في قوله تعالى ( وهي تجري بهم في موج كالجبال ) وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ( لنجعلها لكم تذكرة ) قال :لأمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكم من سفينة قد هلكت وأثرها قد ذهب، يعني ما بقي من السفينة حتى أدركته أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

فرأوه كانت ألواحها ترى على الجودي، والجودي حسب ما ذكره أغلب المفسرين هو جبل يقع في ناحية الموصل أي في اتجاه الموصل، ويقال كذلك بأنه موضع أو منطقة، والموصل هي محافظة عراقية تقع في الحدود مع العراق وتركيا في الشمال الغربي للعراق والجنوب الشرقي لتركيا، ويقال هو جبل بآمد، وآمد هي أكبر وأشهر مدينة في جنوب شرق تركيا وقد أطلق عليها العرب لاحقا اسم دياربكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *