البذرة والثمرة
بقلم: الدكتور خالد السلامي- الإمارات
وضع الله سنن كونية محكمة، فكما هو السبب، حتمًا ستكون النتيجة. وكما لدينا البذرة، كذلك سيكون لدينا الثمرة. وكما هو العمل، كذلك ستكون النتائج.
قام أحد الأشخاص يوما ما بذراعة بذرتين في نفس التربة: الأولى بذرة فاكهة العنب السكري، والأخرى بذرة شجرة المُر، وهي شجرة شديدة المرارة. بذرتان في نفس الأرض، يرويهما بنفس الماء، وتعيشان تحت نفس أشعة الشمس، تتنفسان نفس الهواء؛ ويحصلنا على نفس الغذاء من الطبيعة لكليهما. يظهر نباتان صغيران ويستمران في النمو. إلا أن أحد الشجرتين كانت تحتوي على السكر في كل خلية من أليافها، والثانية احتوت على مع المرارة في كل أليافها. هنا نتساءل، لماذا قد يكون الله رحيما وكريما مع أحدهما دون الأخر؟
لا، لا، الأمر ليس كذلك، فالله سبحانه وتعالى لم يظلم أحد من عباده يوما. فالله سبحانه عادل، رزقنا جميعا وسخر لنا هذه الطبيعة بنفس القدر، لكنه وهب كل منا وسائله المختلفة التي تعمل وفق قوانين ثابتة، هذه المهارات هي التي تساعدنا فقط على إظهار جودة البذرة. فالغذاء الذي قدمناه لبذرة العنب لم يؤثر على طبيعتها، لكنه ساعدها فقط على الكشف عن الصفة الكامنة في ذاتها. فالعنب يتميز بجودة الحلاوة، لذلك لن يكون للنبات إلا ثمار حلوة. أما شجر المُر فتتميز بالمرارة، لذلك لن تجد من هذا النبات سوى المرارة. فكما هي البذرة، كذلك ستكون الثمرة.
فالمزارع يرعى شجرة المر، وينحني لتنظيف تربتها ثلاث مرات، وفي النهاية لن يجد منها غير المرارة. فهل يمكن أن نتخيل يوما أن هذا المزارع لو صلى كل يوم ودعا الله سبحان وتعالى “يا إلهي، من فضلك أعطني مانجا حلوة” هل تنمو ثمار المانجو على شجرة المُر؟ بالطبع لن يمنحه الله المانجو. فمن أراد ثمار المانجو، عليه أن يزرع بذرة شجرة مانجو. ثم لن يكون بحاجة إلى التوسل وطلب المساعدة من أي شخص. فهو لن يحصل حينها إلى على المانجو الحلو. فكما البذرة، كذلك ستكون الثمار.
إن مشكلتنا الحقيقية هي أننا نستمر في اللامبالاة أثناء زرع البذور. نحن نستمر في زرع بذور المُر، ولكن عندما يحين وقت حصاد الفاكهة نتعجب أننا لم نجني إلا مرارة الشجرة، ونكتشف فجأة أننا كنا نريد المانجو الحلو. ثم نستمر في البكاء والصلاة والدعاء على أمل الحصول على المانجو. صدقوني، هذا لن يعمل.