بقلم المستشار الدكتور خالد السلامي
التسامح هو أحد أسمى القيم الإنسانية التي يحبها الله سبحانه وتعالى، يقول الله في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم }وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ { (البقرة، 237). فالتسامح خلق الأفاضل، وقيمة راقية عند الكرماء. التسامح يحثنا على حب الخير للجميع، واحترام من يختلف معنا في الرأي والثقافة، ورد السيئة بالحسنة والرحمة واللين. وقد خصصت الأمم المتحدة تاريخ 16 من نوفمبر من كل عام يوماً للتسامح العالمي.
التسامح هو الهواء الذي يجب أن نتنفس في منازلنا، بين أهلينا، وفي وسط مجتمعاتنا، ومع كل من هم حولنا طوال حياتنا. فالتسامح هو ذلك الجسر الذي يربط بين الشعوب على اختلاف لغاتهم وأعراقهم. وقد ضربت دولة الإمارات العربية المتحدة أروع الأمثلة في التسامح والتعايش، وضمت العديد من الجنسيات، الديانات، والثقافات على أرض واحدة.
إن التسامح هو شيمة الكرماء وخُلق النبلاء. التسامح شيمة هؤلاء الذين يؤمنون بالعفو والمغفرة، هؤلاء الذين طهروا قلوبهم من الغل والضغينة، وزرعوا فيها الكرم والنُبل. المتسامح إنسان يقبل المخالفين، ويؤمن بالتعدد في الفكر، ولا يعادى أحد لمجرد اختلافه معه في فكره أو معتقده. فالتسامح هو صمام أمان الشعوب، والدرع الواقي من التعصب والاضطهاد. الفرق الذي بيننا وبين سكان الغابة من المفترسات هو التسامح، فقد رفعنا الله بين كل المخلوقات بالعقل، ذلك العقل الذي هدانا إلى التسامح والرحمة.
للتسامح أثر إيجابي في الفرد والمجتمع، ثم ينعكس كل ذلك على العالم بأسره. مجتمع متسامح هو مجتمع متماسك قوي، يحظى بالنمو والرخاء. التسامح يخلق مجتمعات تنبذ العنف وتعايش في حب وسلام. التسامح يحرك عجلة البناء والتنمية، فقد سخر الشعب المتسامح وقته وطاقته للعمل والعطاء، وتخلص من الضغينة التي تضيع جهده ووقته في خلافات لا نهاية لها.
بلا تسامح لسنا سوى مخلوقات ذات قوة غاشمة، لا تعرف إلا السيطرة والانتقام. لن يكون هناك تسامح دون تنازل عن بعض الحقوق، فالمتسامح هو من يعلم أن الحق معه، ويتسامح في حقه رحمة بالأخر، أو تفاديا للصدام والتفكك المجتمعي. إلا أن ذلك لا يعني أبدًا، ولا تحت أي مبرر، أن نتنازل أو نضحي بثوابت ديننا وأخلاقنا. فتسامح بدون فخر وعزة، هو ذل وضعف.
اترك تعليقاً