التقوى في نفوس الأطفال
التقوى في نفوس الأطفال
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد جاءت بلاغة القرآن الكريم وفصاحته للأمة المتلقية للدعوة الأولى، ولمن جاء بعدهم ممن عرف لسانهم، هؤلاء الذين سيحملون عبء الدعوة، وسيسيحون بها في شتى بقاع الأرض، فإذا ما انتشرت الدعوة، كانت المعجزة للناس الآخرين من غير العرب شيئا آخر، فالغيبيات التي يخبرنا بها، والكونيات التي يحدثنا عنها، والتي لم تكن معلومة لأحد، نجدها موافقة تماما لما جاء به القرآن، وهو منزّل على نبي أميّ، وفى أمة أميّة غير مثقفة، فهذه كلها نواحي إعجازٍ للعرب وغيرهم، وما زلنا حتى الآن نقف أمام آيات وننتظر من العلم أن يكشف لنا معناها، ولقد كان الطفل المسلم ينشأ في المجتمع الأول وسط مجموعة تدين لله تعالى بالاستقامة، فيرى قدوات أكثر من الكلام.
ولكن الآن الطفل لو حصل على شيء منا سيحصل على توجيهات وكلام، لكن القدوة قليلة، ولذلك لا ينشأ أولادنا في استقامة كبيرة، ولا ينشئون في نفسيات إسلامية ونشأة صحيحة بسبب أن الوسط الذي هم فيه البيئة في البيت في المدرسة في الشارع لا تساعد على الاستقامة، الآن البيئة تساعد على الانحراف، إذ اذهب ولدك على المدرسة، وكنت ممن يخشى ستضع يدك على قلبك وتقول الله يستر، الولد ماذا سيرجع اليوم؟ أي بلية سيعود، فلابد أن ندرك الفرق بين البيئة التي يعيش فيها الولد الآن والبيئة التي كان يعيش فيها الولد أيام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فكان ابن عباس غلام صغير، قال “بتُ عند خالتى ميمونة” فانتبه الولد في الليل فوجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قام وتوضأ وقام يصلي الليل.
فقال ابن عباس وهو الولد عنده قدرة على المحاكاة والاتباع، قام وتوضأ مثلما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وقام عن يساره، فأداره فجعله عن يمينه، وإذا نعس أخذ بأذنه، فصلى بجنب النبي صلى الله عليه وسلم فنشأ الولد من صغره على قضية قيام الليل لأنه رأى نموذج واقعي بدون تمثيليات وبدون إملاءات وكلام، وإنما رأى عملا أمامه، فقلده وحاكاه، والنبي صلى الله عليه وسلم انتهز فرصة أن ابن عباس رضى الله عنهما وراءه ذات يوم، فقال” يا غلام،إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، أو وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله” رواه أحمد، فهى عبارات قصيرة معانيها عظيمة التوحيد في نفس الولد، وتعلقه بالله.
إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، ولكن الآن في بعض البلدان يضعون حول رقبة الولد تمائم وخرزات، ويعلمون الولد إن هذه التميمة أو هذا الخرز تقيك من الشرور ومن العين ومن الحسد ومن الضرر ومن الأذى ومن المرض، فبدلا من أن يتعلق بالله يتعلق بالتمائم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لابن عباس “إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ” رواه الترمذى، فلا بد أن نربي التقوى في نفوس الأطفال، وعلى قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع المرأة وإناء اللبن، لما استند عمر بن الخطاب وهو يعُس في الليل على المسلمين، يسهر على حمايتهم، سبحان الله يعُس الشوارع في الليل، في النهار يجلس لهم وفي الليل يسهر عليهم.
فاتكأ إلى جدار ليرتاح فسمع امرأة تقول لابنتها قومي إلى هذا اللبن بالماء، فقالت البنت ألم تعلمي أن عمر بن الخطاب الخليفة نهى عن ذلك، قالت إن عمر لا يرانا، وما يدري عمر أننا خلطنا اللبن بالماء، قالت إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا، هذه البنت المؤمنة، مباشرة عمر رجع وخطبها لابنه، خطب البنت لابنه، وهذه كانت جدة عمر بن عبد العزيز.