الحدود والدعوة إلى البدع بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحدود والدعوة إلى البدع بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان الجيران على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناوبون في تعلم العلم من النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي أحدهم جاره، فيعلمه ويخبره بخبر الوحي، ثم يفعل جاره معه مثل ذلك فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى عنهما، كما جاء في سورة التحريم ” إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ” حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق، عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرّز، ثم أتاني فسكبت على يده، ثم توضأ، فقلت يا أمير المؤمنين، مَن المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى عنهما” إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ” فقال عمر واعجبا لك يا ابن عباس؟ هي حفصة وعائشة “
ثم أخذ يسوق الحديث، قال كنا معشر قريش قوما نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه مثل ذلك” فهكذا شرعت الحدود، وهكذا ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها، فإنه متى كان قصده صلاح الرعية والنهي عن المنكرات، بجلب المنفعة لهم، ودفع المضرة عنهم، وابتغى بذلك وجه الله تعالى، وطاعة أمره ألان الله له القلوب، وتيسرت له أسباب الخير، وكفاه العقوبة البشرية، وقد يرضى المحدود، إذا أقام عليه الحد، وأما إذا كان غرضه العلو عليهم، وإقامة رياسته ليعظموه، أو ليبذلوا له ما يريد من الأموال، انعكس عليه مقصوده.
ولهذا قال عثمان بن عفان رضي الله عنه، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، أي يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن لكن متى علموا أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدعوا، وخافوا من عقوبة السلطان لئلا يفتنهم، أو يضربهم، أو ينفيهم من البلاد، فهم يخافون ذلك، وإن من صور الإفساد في الأرض، هو ما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم رحمهما الله وهي الشرك بالله عز وجل، والشرك هو مساواة غير الله بالله، فعبادة غير الله تعالى والذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والدعوة للقبور، والمزارات أن تعبد من دون الله تعالى، وأن تشد الرحال إليها، والتوكل عليها، والاستعانة بها، والحلف بها، كل هذا من الإفساد في الأرض، وكذلك أيضا نشر البدعة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من الابتداع في الدين، فقال في حديث السدة عائشة رضي الله عنها،أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” فمن يدعو الناس إلى البدع، وأن هناك بدعة حسنة، فإن هذا من تنقص دعوته صلى الله عليه وسلم واتهام للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يؤد الرسالة كاملة صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا نشر المنكرات والدعوة إليها، ونشر الفاحشة بين الناس، وتحبيبهم لها، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، والله عز وجل، قد نهى عن ذلك، وقد مدح الله تعالى من يأمر الناس بالمعروف وينهى عن المنكر، لأنهم يسعون في الأرض بالإصلاح، وكذلك من مظاهر الفساد هو السحر، فالسحر سمى الله عز وجل، فاعله مفسدا فقال الله تعالى فى سورة يونس ” فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *