الدكروري يكتب عن الرسالة التي أيقظت الرشيد

الدكروري يكتب عن الرسالة التي أيقظت الرشيد

الدكروري يكتب عن الرسالة التي أيقظت الرشيد

بقلم / محمــــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن البرامكة والخليفة هارون الرشيد، وقد ذكر الطبري عن ثمامة بن أشرس قال أول ما أنكر يحيى بن خالد من أمره أن محمد بن الليث رفع رسالة إلى الرشيد يعظه فيها ويذكر أن يحيى بن خالد لا يغني عنك من الله شيءا وقد جعلته فيما بينك وبين الله فكيف أنت إذا وقفت بين يديه فسألك عما عملت في عباده وبلاده فقلت يا رب إني استكفيت يحيى أمور عبادك، أتراك تحتج بحجة يرضى بها مع كلام فيه توبيخ وتقريع، فدعا الرشيد يحيى وقد تقدم إليه خبر الرسالة فقال تعرف محمد بن الليث قال نعم، قال فأي الرجال هو، قال متهم على الإسلام فأمر به فوضع في المطبق دهرا، فلما تنكر الرشيد للبرامكة ذكره فأمر بإخراجه فأحضر فقال له بعد مخاطبة طويلة يا محمد أتحبني.
قال لا والله يا أمير المؤمنين، قال تقول هذا، قال نعم وضعت في رجلي الأكبال وحلت بيني وبين العيال بلا ذنب أتيت ولا حدث أحدثت سوى قول حاسد يكيد الإسلام وأهله ويحب الإلحاد وأهله فكيف أحبك قال صدقت وأمر بإطلاقه، ثم قال يا محمد أتحبني، قال لا والله يا أمير المؤمنين ولكن قد ذهب ما في قلبي فأمر أن يعطى مائة ألف درهم ، فأحضر فقال يا محمد أتحبني قال أما الآن فنعم قد أنعمت علي وأحسنت إلي، قال انتقم الله ممن ظلمك وأخذ لك بحقك ممن بعثني عليك، قال فقال الناس في البرامكة فأكثروا، وكان ذلك أول ما ظهر من تغير حالهم، وهكذا فقد كان البرامكة يعيشون في ترف شديد جدا، حتى أنهم كانوا يبنون قصورهم ويضعون على الحوائط بلاط الذهب والفضة، وبنى جعفر بيتا له كلفه آلاف كثيرة من الدراهم.
وكان الرشيد في سفر ذات يوم، فلم يمر على قصر ولا إقليم ولا قرية إلا قيل له هذا لجعفر، وعندما عاد الفضل من حربه في الديلم أطلق لمادحيه ألف ألف درهم، هذا السرف جعل الرشيد يتابعهم في الدوواوين والكتابات، فأكتشف وجود خلل كبير في مصاريف الدولة، وذكر أن الرشيد أمر مسرورا مولاه أن يضرب الفضل بن يحيى مائتي سوط لإخفائه الأموال عنه، ولما بلغ الرشيد أن ليس لديهم شيءا من المال والجواهر قال وكيف وقد نهبوا مالي وذهبوا بخزائني، والفضل بن الربيع كان من موالي العباسيين، وكان شديد العداء للبرامكة، ويقال أنه هو الذي سعى بهم عند الرشيد وأظهر عيوبهم، وغطى محاسنهم، ووضع عليهم العيون، حتى استطاع أن يرصد حادثة هروب يحيى الطالبي عند جعفر.
فأخبر بها الرشيد، وزين له أن البرامكة يريدون الخلافة للطابيين، قال ابن خلكان، أن أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة، واسمه كيسان، فلما آل الأمر إلى الرشيد واستوزر البرامكة، كان الفضل بن الربيع يروم التشبه بهم ومعارضتهم، ولم يكن له من القدرة ما يدرك به اللحاق بهم، فكان في نفسه منهم إحن وشحناء.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *