الدكروري يكتب عن الكاذبين الثقفي والحارس والأخرس

الدكروري يكتب عن الكاذبين الثقفي والحارس والأخرس

بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة أنه ظهر بعد العهد النبوى كذابون دجّالون متنبئون، منهم المختار بن أبي عبيد الثقفى، وقد شهد عليه بدعوى النبوة والكذب الصريح جماعة من أهل البيت، بل شهد عليه حديث الإمام مسلم في صحيحه عن السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في قصتها مع الحجاج بن يوسف الثقفى، وهي تقول له “أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن فى ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المُبير فلا إخالك إلا إياه” فقام عنها، ولم يراجعها” والمبير هو الجبار المُهلك، والمراد به هنا هو الحجاج بن يوسف الثقفي، والمراد بالكذاب هو المختار بن أبي عُبيد الثقفى، وذلك بإجماع العلماء، كما قال الإمام النووي.
في شرحه لصحيح مسلم، ومن أقبح أكاذيبه وهو دعواه أن جبريل عليه السلام كان يأتيه بالوحي، ومما ورد في ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن رفاعة الغسانى قال” دخلت على المختار، فألقى إليّ وسادة، وقال لولا أن أخى جبرائيل قام عن هذه وأشار إلى أخرى عنده لألقيتها لك” وقد يكون من العجب أن أباه أبا عبيد الثقفى كان رجلا صالحا، واستشهد أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في حرب المجوس، وكذلك أخته صفية بنت أبي عبيد وكانت امرأة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وكانت امرأة صالحة، وترجم لها ابن حبان في الصادقين الثقات، وأما المختار فأجمعوا على أنه رأس من رؤوس الكذب والضلال، وقد أخذه الله تعالى على يد مصعب بن الزبير بالكوفة.
وكان ذلك سنة سبع وستين من الهجرة، ثم ظهر من بعد المختار دجّالون متنبئون من هؤلاء الذين حدثنا عنهم الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم الحارث بن سعيد الدمشقي، الذي ظهر في أيام عبدالملك بن مروان، واغتر به خلق كثير إلى أن وقع في قبضة عبد الملك بن مروان، فسجنه وقتلة، ومثل إسحاق الأخرس الذى ظهر في خلافة أبي العباس السفاح، ومن أخباره أنه نشأ بالمغرب، وتعلم القرآن، ولم يترك علما حتى أتقنه، ثم ادعى أنه أخرس تمهيدا لدعواه النبوة، ثم رحل إلى أصفهان، ونزل بها عشر سنين، ثم زعم أن ملكين جاءاه بعد خلوة أربعين يوما، فأيقظاه وغسّلاه، وسلما عليه بالنبوة، في نبأ نقله صاحب كتاب “الدعاة” وآخر هؤلاء الأفاكين كأَولهم، وكلهم أعرق الناس ضلالا.
وأسخفهم أقوالا، وأبعدهم عن العقل والفضل مجالا، وقد قطع الله دابرهم، ووقَى العالم شرورهم، ولم يبق من أخبارهم إلا نوادر وأحاديث تتفكه بها كتب الأدب والتاريخ قصدا إلى الترويح والتسلية، لكن الحكيم العليم الذي يبلو عباده بالشر والخير فتنة، والذي جعل لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ولا يزال يبتلي هذا الدين الحنيف وأهله بأرؤس من هؤلاء المخبلين، تتحرك ثم تقطع، ثم تبقى أذنابها تتلوى حينا على عمى وتخبط، إلى أن يتبعها الله أرؤسها بأيدى أولي بأس من عباده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *