الدكروري يكتب عن حال الصحابة مع كتاب الله
الدكروري يكتب عن حال الصحابة مع كتاب الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عنهم مع كتاب الله عز وجل
فيأتمرون بأوامره، ويبتعدون عن نواهيه، لذلك بلغوا ما بلغوه من الفضائل والرفعة بفضل العمل بالقرآن الكريم، واستجابة لأوامره، لقد حفظ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سورة البقرة في ثماني سنوات ليس لبطء في حفظه ولكن لأنه كان يحرص على العلم والعمل معا، ولقد كانت الآية تنزل فيقرأها النبي صلى الله عليه وسلم فتتحول في التو واللحظة إلى واقع، وكان الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين يفقهون آيات القرآن الكريم ويتعايشون معها وجدناهم يسارعون إلى طاعة أوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه، فقد كان الصحابة فى المدينة يشربون الخمر ولم تحرم بعد، فلما دخل صحابي عليهم.
وكؤوس الخمر بينهم نزلت آيات النهي عن شرب الخمر ونادي منادى ” ألا إن الخمر قد حُرّمت” وقرأ عليهم قول الله عز وجل من سورة المائدة ” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون” فلما قرأ الآية عليهم تجاوبوا جميعا مع القرآن فقيل والله ما أكمل صحابي جرعة الخمر في يده وما قال نكمل هذه الجرار، وهذه الكؤوس وننتهي لا بل كان من في يده شيء من الخمر رماه، والذي كان في فمه شربة مجّها، والذي كان عنده خمر في أوان أراقها، استجابة لأوامر القرآن الكريم، وقام أنس بن مالك فسكب آنية وجرار الخمر وسكب الصحابة الخمر في الشوارع حتى سالت في طرقات المدينة وامتلأت بها سكك المدينة وقالوا انتهينا يا ربنا.
وقالوا على لسان رجل واحد، كما جاء فى سورة البقرة ” سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير” وكذلك حين نزل قول الله تعالى فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم” قام الصحابى الجليل أبو الدحداح إلى أجمل حديقة عنده وأحبها إليه وتصدق بها، ومن هنا استطاع الصحابة الكرام رضي الله عنهم حفظ كتاب الله لأنه لم يكن بالنسبة لهم مجرد كلمات، بل كان منهجا تربويا سلوكيا إيمانيا ظهر في تعاملاتهم فيما بينهم بل ومع غيرهم، فإن من شأن المؤمن أن يتفاعل كيانه كله مع كلام الله عز وجل، فكانوا إذا سمعوا القران اقشعرت جلودهم ولانت قلوبهم إلى الله رب العالمين وكانوا إذا مروا بآيات فيها ذكر النار صرخوا منها خوفا كأن النار خلقت لهم.
وكأن الآخرة أمام أعينهم، وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال قلت لجدتي أسماء كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن قالت تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله، وقيل أنه قدم أناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضى الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه “هكذا كنا” وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قيل عنه أنه صلى بالجماعة صلاة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته، وفي رواية أنه كان في صلاة العشاء، فيدل على تكريره منه، وفي رواية أنه بكى حتى سُمع بكاؤه من وراء الصفوف، ويقول عبد الله بن شداد بن الهاد سمعت نشيج عمر بن الخطاب، وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ من سورة يوسف يقول “إنما أشكو بثي وحزني إلى الله”