الصدق في تطبيق الإسلام بقلم / محمـــد الدكـــروري
هنيئا لمن كتبهم الله من الصابرين، فنالوا مقامات الصديقين المقربين، فقد جعل الله تعالي هذه الدنيا دار الفناء، ومنزل الاختبار والبلاء، فلا ينجو من بلائها غني ولا فقير، ولا عظيم ولا حقير، ولا مؤمن تقي ولا كافر شقي، بل إن حظ المؤمن من البلايا أكبر، ونصيبه أعظم ليُكفر الله عز وجل سيئاته، ويرفع له درجاته، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه ” والنصب هو التعب، والوصب وهو المرض، وإن الصدق في تطبيق الإسلام هو أن تطبق الإسلام في نفسك وبيتك وعملك ومجتمعك، وهذا لا يكون إلا بالتقوى، لذا قرن الله بين الصدق والتقوى، فقال تعالى كما جاء فى سورة التوبة.
” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” ويكفي أن نعلم أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذاب النار إلا صدقه فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ” وأما جزاؤهم، فكما قال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” لهم درجات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنه ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ” وكما جاء فى سورة يونس ” وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ” وكما جاء فى سورة القمر ” إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ” وهذه حقائق يجب إدراكها، ويجب علينا أن نتعرف عليها، وأن نعيشها، وأن يدخل كل منا في نفسه، وأن يتهم كل منا نفسه، فما لم نتهم أنفسنا، فنحن على خطر عظيم، ولسنا بصادقين في إيماننا، لذا قال أحد السلف “لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره”
وإننا نعيش في عصر كل منا فيه يتهم غيره ويظن في نفسه أنه كامل لا عيوب فيه، سبحان الله، فكان المسلم يقابل المسلم، فيقول له يا أخي دلني على عيوبي غفر الله لك، أما مسلم اليوم، فإنه يمتلئ كبرا وتيها وإعجابا بنفسه، ولا يريد أن يسمع كلمة نصح أو وعظ، ويعتقد أنه لا ينبغي أن ينصح أو يوعظ، لأنه أفضل من كل الناس، فهل هذه تصرفات الصادقين حقيقة؟ لذلك نجد كثيرا من المسلمين اليوم منحرفون عن الحق، والغون في الضلال، خاضعون للشيطان، متبعون للهوى والشهوات، وأن زعموا بأنهم خلاف ذلك، وإن حياة الرياء والنفاق والضلال والانحراف، وعدم الصدق مع الله، والتي يعيشها بعض المسلمين اليوم، لهي حياة لا تجلب لهم نصرا، ولا ترفع لهم رأسا، ولا تعطيهم من الله عزا، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين الصادقين، وليست للكاذبين المنافقين.
فهل يغيرون من أحوالهم ونتغير نحن معهم إلى الصدق مع الله قولا وعملا، فنحن نرجو ذلك، لأننا إن فعلنا فسنكسب في الدنيا والآخرة، وصدق الله سبحانه وتعالى الذى يقول فى سورة محمد ” طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ” فإن خلق الصدق دليل الإيمان ولباسه، ولبه وروحه، كما أن الكذب بريد الكفر ونبته وروحه، والسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب، وإن الصدق هو من الأخلاق التي أجمعت الأمم على مر العصور والأزمان وفي كل مكان، وفي كل الأديان على الإشارة به وعلى اعتباره فضله، وهو خلق من أخلاق الإسلام الرفيعة، وصفة من صفات عباد الله المتقين، ولذلك فقد وصف الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه جاء بالصدق، وأن أبا بكر وغيره من المسلمين هم الصادقين.
اترك تعليقاً