القيادة أو الفوضى!

بقلم الإعلامية اللبنانية – ناريمان الشمعة

عند كل تحرك في طرابلس تعلو الأصوات: ماذا يحدث في طرابلس؟ ولما طرابلس؟ وكأننا لا نعيش في قلب وجع هذه المدينة، ولا نعلم حجم تأثرها بما يحدث في الوطن. ومع ذلك، فقد توسعت الاحتجاجات أمس لتطال العديد من المناطق، ولم تكن طرابلسية حصراً.

لبنان انهار، والارتطام الكبير قاب قوسين أو أدنى. فهل نتوقع أن يحدث الانهيار الاقتصادي وما تبعه من انعدام الأمن الصحي والغذائي دون أن يحدث انهيار اجتماعي وانفلات أمني؟
هل نتوقع أن تُذبح الناس من الوريد للوريد بلقمتها وصحتها وأرزاقها واستقرارها وتستمر ساكنة تصلي لراحة نفسها؟!
من يقوم بالتحركات؟ إنهم أفراد من مجتمعنا سوا أعجبونا أم لم يعجبونا. هم ضحايا هذه السلطة من إفقار وتجهيل وذل وقهر. هم من يتم استغلال جوعهم وحاجتهم في المعارك ونبذهم في غير ذلك. فكيف ننكر عليهم تحركاتهم باستخدام الوسائل التي يعرفونها؟
نريد تحركات على مقايسينا! نعم، أنا شخصياً أمقت العنف من منطلقات فلسفية وأخلاقية وأيضاً لاعتبارات أمنية واقعية حيث أن العنف لن يؤدي إلى لمثيله. وأرفض من حيث المبدأ الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة. ولكني لا يمكنني إلى أن أتفهم ما يقومون به. ولا يمكنني أن أرفض محاولات الاقتحام لرموز سلطة رأس المال الممثلة بالمصرف المركزي وبقية المصارف التي ساهمت بإيصال الأوضاع إلى ما آلت إليه. وبطبيعة الحال التوجه لمنازل السياسيين وهم المسؤولين مباشرة عن الجرائم الجماعية التي ارتكبت بحق بلدنا وحقنا، وهي جرائم لا مثيل لها في تاريخ الشعوب.
بالخلاصة، لا يمكنني أن أنظّر على المقهورين من وراء شاشتي وأنا مرتاحة على أريكتي، لأقول توجهوا هنا ولا تتوجهوا هناك. اقطعوا الطرقات أو لا تقطعوا. إذهبوا إلى بيوت السياسيين، فإن ذهبوا. لا شأن لكم بهم، إذهبوا إلى بعبدا! إن كان لكم رأياً مغايراً، لا بأس هذا أمر طبيعي وصحي، انتفضوا عن أرائككم ونفذوه، ولا تطلبوه من الآخرين.
المطلوب منا أكثر من التنظير على المقهورين. نحن جميعاً بكل فئاتنا الاجتماعية وتوجهاتنا السياسية تقع علينا المسؤولية للقيام بدور قيادي متعدد المستويات، من التخطيط والتنظيم وصولاً للعمل الميداني. هذا الدور القيادي الذي يجب أن ينطلق من مشروع سياسي ثوري قادر على إحداث التغيير عبر حكومة انتقالية لبناء دولة مدنية فعلية قادرة على إنقاذ لبنان، لا حكومة انتخابات تعيد إنتاج مكونات السلطة الحالية.
إلى الآن، النخبة الثورية في طرابلس متخلية عن دورها. متخبطة مشرذمة محبطة مستسلمة لا رؤية سياسية ولا تنظيم. سمحت لأتباع الزعماء باختراقها وتفتيتتها.
نحن بحاجة لمراجعة سريعة للنفس وتقييم الأداء والنهوض سريعاً. طرابلس بحكم واقعها الجغرافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي هي نواة التغيير شئنا أم أبينا. فإما أن نكون قادته، ممسكين أدواته. أو سنكون كورقة شجر خريفية في سيل جارف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *