المغرب والجزائر لاالشّيخ ولاالشّيطان

المغرب والجزائر لاالشّيخ ولاالشّيطان

 

الكاتب الإماراتي أحمد إبراهيم

 

كما الشيخ أقنَعها ببعض الحجاب، كذلك الشيطان يبدو نجَحَ في إقناعها ببعض التبرجّ! إذ دخلت علىّ في وقتٍ متأخرٍ من الليل، وكنت وشيكَ الخروج من مكتبي.!

 

لم يُطرَقَ الباب ولكنه فُتِح بلطفٍ وهدوء، كانت فتاة ثلاثينية محتَشَمة بالزيّ الإسلامي الفضفاض من الرأس إلى أخمص القدمين، أللهم إلاّ خصلاتٍ من شعرها تركتها (قاصدةً) تتراقص على الجبين، كما كشفت الكاميرات لاحقا وقتَ دخولها، كانت باليُمنى تُعالج خصلاتٍ من شعرها على الجبين بعد إخراجها من الحجاب، وباليُسرى تفتح الباب.!

 

مشهدٌ جدّد لي صوت المطرب العراقي ناظم غزالي “عَلْحَواجِب يلعبُ الشّعرِ الحرير .. وأنا بين العين والحاجب أسير” .. سلّمَتْ بكل أدبٍ وإحترام، وجلست دون مقدّمات قائلةً “اريد التحدث إليك قليلا..!”

 

هذا القليل من جانبها في حدود البحث عن وظيفة في دبي، قادنا الى الكثير من الجانب(المغربي الجزائري) عندما سألتها (من يقود اليوم، مسرحَ المقاطعة بين الجارتين الشقيقتين:/ “الشيخ أو الشيطان.؟”)

 

أجابت:/ “الشيطان لاطريق له الى الشعبين” أعجبني تشبيهَها البلدين بكِلْيتين، وأن الكثير يعيشُ بكِلْية واحدة ليرى جنبه من يستحق الحياة بكليته الثانية، هكذا وضْعُ البلدين الجغرافي، وطبْعُ الشعبين العِرقي، كلٌّ جانب منهما يستيطع العيشة بكِلْيةِ الجانب الآخر، وأواصر مايجمع بين الطرفين أكثر مما يفرّق بينهما، وأن الشيطان لاخارطة له الى الخريطة الجغرافية الوُدّية للبلدين .. وان الشيطان هو من يريدُ سلبَ كلٍّ منهما كليتَيهِما ليرُقص بهما فوق النعوش والتوابيت رقصةَ الإنتصار.!

 

هذه الفتاة المُباغِتة أيقظتني، ولازلتُ أشكرها إقتَحامَها، وإكتشافي بأنها كانت تتنفّس بأنفاس40 مليون مغربي وأنفاس50 مليون جزائري .. أى لمست في صوتها أرواحَ وأنفاسَ 90مليون عربي .. يُخطئ من يستشفُّ من الغوغائيات، أنّ هناك إنقساماً في وحدة الصف للجارتين.!

 

إنّه لحلمٌ عربيٌ من الخليج الى المحيط، أن لانرى المزيدَ من الجرح والتعديل، والمرهمَ والتّضميد في الخِيام بين جاريتين، فما بالك على الحدود بين جارتين .. كفانا مافعلته بنا جائحةُ(الحاج كورونا) وقد أغلق علينا الكثير بين تلك الحدود، دون تمييزٍ بين شعوبٍ وقبائلَ في واديٍ، لهم أنسابٌ وأقرانٌ على الجانب الآخر من الوادي.!

 

لقد زرتُ المملكة المغربية الشقيقة مرارا، وكلما زرتها زاد حبي لها ولشعبها الكريم المضياف من خلال عرش جلالة الملك حفظه الله .. كما وتجوّلت في ربوع الجزائر من الحدود الى الحدود، أقود مركبتي بنفسي، أقطع بها آلآف الأميال بمفردي، وإكتشفت السِمةَ المشترَكة بينهما جمال المناخ والطبيعة الخلاّبة، إلى جانب حبّ الضيف وإكرامه بفطرة إنسان المغرب العربي المِضياف على إمتداد عواصمها من القاهرة الى نواكشوط.!

 

ضيفتي المقتَحِمة لم تعد بمفردها بعد أن كبستُ أنا على أزرار المذياع لوكالات الأنباء، إذ دويُّ صداها إقتحمتني أنا وهى، وكلٌّ منا أذنٌ صاغية بأن:/ “أكثر من مئتي شخصية مغربية وجزائرية يلوحون بعريضة مشتركَة تتنّفس معاً أنفاس الشعبين والبلدين، تنادي العقل لا الجهل، الوفاق لا الشِقاق، وتدعو للتقارب لا للتباعد..!

 

وصوت العريضة الموقّعة (والكلام لآخر وكالات الأنباء العالمية) أنها بالصوت والصدى للمثقفين والجامعيين والمدنيين من الطرفين، يطالبون بنعم للتّوطيد ولا للتصعيد، بل نعم لتصعيد بناء الغد المشترك الواعد بخيراتٍ من الطرفين، تُزرَع  على طرفٍ وتُثمَر على الطرف الآخر .. فتُجنى من الطرفين.!

 

وأعتَبَر الموقّعون (والكلام لازال بسخونة آخر الأنباء نفس أولَها) أن الجزائريين والمغاربة الحقيقين ليسوا هم الوقواقيون في الفضائيات والسوشيل ميديا، دون أن يكشفوا نواياهم ولا عن هوياتهم.!

 

وإنما الحقيقيون هم اولئك الذين يستنطِقون الحِكمة فينطق العقل، ذلك العقل الذي يرفض سباقَ التّسلح على حدود للبلدين، بل ويرجّحُ سباق التّصنيع على الجانبين بالمنافسة الشريفة، حيث ماصُنع بالمغرب من الثمار والثروات البحرية تفتخربها الجزائر في الأسواق العالمية، وما تنتجه الجزائر من الثروات المعدنية، وحتى النفط والغاز تفتخر المغرب بنقلها عبر أراضيها الممتدّة الى بوابات أوروبا والعالَم.

 

  • وهنا الشيخُ بكفّةِ الرُّجحان على الشيطان..!

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *