النمام بقلم/ محمـــد الدكـــروري
النمام بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن أشكال الحساب مختلفة ومتعددة يوم القيامة وفقا لما قام به كل مرء على وجه الخصوص، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بالعباد فالحساب عام يشمل جميع الخلق إلا من استثناهم النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بلا حساب أو عذاب، ومن عدل الله تعالى ورحمته أنه لا ينقص أجر الحسنات التي عملها المؤمن في الدنيا، ويدخرها له للآخرة، أما غير المؤمن فيُجازى على عمل الخير في الدنيا، حتى إذا وصل إلى الآخرة لم يكن له حسنة يُجزى بها، وإن النمام هو من ينقل كلام بعض الناس لبعض بقصد الإفساد بينهم، والناس لا يحبون النمام ويكرهونه، وأن يكون ممن يُكرم اتقاء شره، لا محبة فيه، فعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنهم أخبرته أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال.
“ائذنوا له، بئس ابن العشير، أو بئس أخو العشيرة” فلما دخل عليه ألان له القول، فلما خرج، قالت عائشة قلت له الذي قلت، ثم ألنت له القول، فقال” أي عائشة، شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، من ودعه الناس، أو تركه الناس، اتقاء فحشه” متفق عليه، وفي لفظ “إن من شرار الناس، أو شر الناس الذين يكرمون اتقاء شرهم” رواه أحمد، وأن يكون ممن يكثر من الكلام بدون فائدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أنبئكم بشراركم؟ الثرثارون المتشدقون” رواه أحمد، وقال الإمام المناوي رحمه الله، الثرثارون هم الذين يكثرون الكلام تكلفا وتشدقا، والمتشدقون الذين يتكلمون بأشداقهم ويتمقعرون في مخاطبتهم” والناس لا يحبون الثرثار الذي يكثر من الكلام بدون فائدة، وأيضا أن يكون صاحب وجهين.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن من شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه” رواه مسلم، وقال الإمام النووي رحمه الله، المراد من يأتي كل طائفة ويُظهر أنه منهم، ومخالف للآخرين مبغض، وقال الإمام أيضا، يفعل ذلك على غير الإصلاح، بل في الباطل والإفساد بالكذب، يزين لكل فعله، وقال القاضي عياض رحمه الله، وهذا فيما ليس طريقه الإصلاح والخير، بل في الباطل والكذب، وتزينه لكل طائفة عملها، وتقبيحه عند الأخرى، وذم كل واحدة عند الأخرى” وأن هناك أعمال تجلب محبة الناس ومودتهم، حيث قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس، أي أن يحبوه، سواء كانوا مسلمين أو كفار، حتى نقول لا حرج عليه أن يطلب محبة الكفار له.
لأن الله عز وجل قال فى سورة الممتحنة “لا ينهاكم الله عن الذين لم يُقاتلونكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم” ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات، فسوف يُحبّونه، والمحذور أن تحبهم أنت” ولقد جاءت النصوص أعمال من قام بها، جلبت له محبة الناس ومودتهم، ومنها الإيمان وعمل الصالحات، حيث قال الله عز وجل فى سورة مريم “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدّا” وقال ابن عباس رضي الله عنه أى يحبهم ويحببهم إلى عباده، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله، أي في قلوب عباده، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله، يخبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين، الذين يعملون الصالحات، وهي الأعمال التي ترضي الله عز وجل، لمتابعتها الشريعة المحمدية، يغرس لهم في قلوب عباده الصالحين.
محبة، ومودة، وهذا أمر لا بد منه، ولا محيد عنه، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العلامة السعدي رحمه الله، هذا من نعمه على عباده، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، أن يجعل لهم ودا، أي محبة وودادا في قلوب أوليائه، وأهل السماء والأرض، وإنما جعل الله لهم ودا، لأنهم ودوه، فوددهم إلى أوليائه وأحبائه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدا نادي جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيُحبّه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض” متفق عليه.