بقلم د/ شيرين العدوي
عزيزي القارئ شكرا لك من القلب على المتابعة ولرسائلك الملهمة الجميلة، لقد ارتأت جريدة الأهرام تخفيض عدد كلمات المقالات. ولذلك قد تشعر أحيانا بالاختصارالمخل؛ وعليه فقد قررت كتابة مقالي على جزئين حتى تتابع الأفكار بتسلسل وروية. اليوم ولعدة مقالات قادمة سأحدثك عن “امرأة سبقت عصرها” وفاقت الجمال جمالا. هذا الاسم بين علامتي التنصيص السابقتين هو عنوان الكتاب الذي يتناول سيرتها الذاتية بقلم د/ رفيعة غباش ابنتها.
وعوشة بنت الحسين لؤلؤة نادرة من لآلئ الإمارات الشقيقة، وملهمة الرجال والنساء معا، أم لطبيبة النفس الشهيرة ا.د رفيعة غباش، ولمجموعة من الأخوة المتميزين؛ بل إني اكتشفت تأثيرها الممتد الأمومي لكل من هم حولها. سيدة أعمال من الطراز الرفيع الذي بدأ مع حالة التحول الاقتصادي هناك في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين.امرأة خاطبها كل رؤساء العالم العربي وحكامه تقريبا.
في أول لقاء مع د/ رفيعة ابنتها العظيمة لفت نظري بساطتها، وأناقتها، وابتسامتها الساحرة، وروحها الطيبة الجميلة. جذبني شيء ما في حركاتها التلقائية فهي ما إن تتحدث حتى تضع يدها على قلادة معلقة على صدرها. تحدثنا طويلا وأخذنا الحوار لوالدتها. بدت لي كمن يتعلق بحبال النوركصوفي مجذوب في حضرة. حدثتني عن لحظاتها الأخيرة، وعشقها لمصر، وعبد الناصر، وكيف تسير مصر نحو التغيير على يد رئيسنا المخلص.
وأنها أبدا لا تتأخر عن زيارة مصر لولا كورونا التي عطلت زيارتها لأول مرة في حياتها. زاد شغفي لمعرفة والدتها، فرفعت القلادة التي تمسك بها دائما. كانت صورة لامرأة غاية في الملاحة كأنها أيقونة رسمت بيد فنان. في لقائي الثاني كان بي شغف لمعرفة والدتها فطلبت الكتاب. هالني كم التاريخ الموثق بالخطابات الذي يمكن أن يدرس في باب بمفرده، والسرد الشائق الذي يجعلك لا تترك الكتاب إلا وقد أنهيت قراءته، والشعر المتضمن في ثنايا السرد، وقصائد عوشة نفسها ،ومن كتب فيها، والدفاع عن المرأة وحقوق الإنسان، والفهم الصحيح لمفهوم الوطن.
إن عوشة بنت الحسين وطن في امرأة. وبمناسبة ذكرى وفاة الزعيم عبد الناصر سأتركك عزيزي القارئ مع مقتطفات من الكتاب لترى مصر والزعيم بعيون الأشقاء؛ وأكمل معك في المقالات القادمة مسيرة هذه السيدة العظيمة. تقول د/ رفيعة ” كانت بدايتي مع مصر، حين سألناك – تقصد الوالدة -: ” لماذا سميتِ أحد أبنائك جمالا ؟! فحكيتِ لنا تلك القصة الرائعة.
ومازلتْ أتذكر صوتِك الممتلئ ثقة واعتزازا : ” إنه جمال عبد الناصر”! وأخبرتنا أن قصتك بدأت معه عندما وصل المذياع دبي، كنتم تعيشون في ذلك الزمن في منطقة لا يربطها بهذا العالم إلا عدد قليل من الراديوهات، والمجلات المصرية. وكان صوت المذيع أحمد سعيد الهادر ينقل عدوى الثورة لمنطقة الخليج.
وكيف أنه في اليوم الذي أعلن فيه أن جمال عبد الناصر أمم قناة السويس، وانتصر في مواجهة العدوان الثلاثي حملتِ البندقية وأطلقتِ منها عدة عيارات نارية فرحا ومشاركة. ومن مصر انطلقت الثورات وعبرت الحدود، وأنك ربما أول امرأة في الخليج ترسل برقية تهنئة لعبد الناصر ويذاع اسمها في إذاعة صوت العرب”.
اترك تعليقاً