بعد قرع طبول الحرب … من سيطلق الرصاصه الاولي ؟

الكاتب الصحفى / مدحت مكرم

مدير عام / مدير تحرير جريدة اليوم التامن

 

من سيطلق الرصاصة الأولى فى تصاعد الحدة وطبول الحرب بين أمريكا وأيران فقد باتت الطبول الحرب بين أمريكا وإيران  تدوى، فى الذكرى السنوية الأولى لانسحاب واشنطن  من الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015، حيث قامت الأخيرة بإرسال طائرات وقوات إضافية إلى منطقة الخليج، فى خطوة لم تشهدها المنطقة منذ الغزو الأمريكى للعراق، ردًا على تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز، ورفضها الدعاوى الأمريكية الخاصة بإبرام اتفاق نووى جديد.

أسباب تحول أمريكا من سياسة العقوبات إلى الحشد العسكري:

شهدت العلاقات الأمريكية الإيرانية 40 عامًا من التوترات، منذ اندلاع الثورة الإسلامية بطهران، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، التى مرت بهدوء نسبى عقب توقيع الاتفاق النووى الإيرانى عام 2015، ولكن ما لبثت أن عادت إلى أسوأ ما كانت عليه، عقب انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى فى مايو الماضي.

وأفادت صحيفة الجارديان البريطانية، بأن الملف الإيرانى يحتل مقدمة جدول أعمال المسؤولين بدوائر السياسة الداخلية لترامب، ولا سيما جون بولتون مستشار الأمن القومى، ومايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي.

وأكدت الصحيفة على أن واشنطن ترى أن إيران تهدد مصالحها فى المنطقة منذ سنوات، ولا سيما فى ظل انخراطها فى الصراع السورى ووجود الحرس الثورى الإيرانى على مسافة قريبة من حدود الاحتلال الإسرائيلي، ودعمها للحوثين باليمن، بالإضافة إلى رغبتها فى إنشاء حكومة موازية بالعراق، وتدعيم حركة شيعية معارضة لازالت هشة بالبحرين، وقيام قواتها البحرية بأعمال عدائية بالخليج العربي.

وفى ظل تعقد الأزمة بين الطرفين، أرسلت واشنطن حاملة طائرات وقاذفات استراتيجية إلى الخليج، فى خطوة وصفها برايان هوك الممثل الأمريكى الخاص لإيران، بأنها محاولة لممارسة أقصى قدر من الضغوط على طهران لتغيير سلوكها.

وصرح باتريك شاناهان وزير الدفاع الأمريكي، بأن  بلاده أرسلت القوات بسبب تهديد جاد من القوات الإيرانية، واستجابة لمؤشرات تدل على تخطيط إيران لشنِّ هجوم على القوات الأمريكية بالمنطقة، حسبما أفادت مجلة “ذا نيشن” الأمريكية.
وأكد تقرير البنتاجون، أن طهران خططت لاستهداف القوات الأمريكية بالعراق وسوريا، فضلًا عن تنسيقها لشنِّ هجمات بمضيق باب المندب، ونيتها استخدام الطائرات المسيرة ضد أمريكا بالخليج العربي.

ما موقف إيران من الحشد العسكرى الأمريكي؟:

رفضت إيران المزاعم الأمريكية، ووصفتها بالكاذبة، وقال مجيد تخت روانجى سفير إيران لدى الأمم المتحدة، إن الإدعاءات الأمريكية من اختلاق نفس الأشخاص الذين فعلوا نفس الشئ قبيل الغزو على العراق، فى إشارة إلى جون بولتون مستشار الأمن القومى وأحد أفراد إدارة بوش فى فترة الغزو على االعراق.

وصرح البرلمان الإيرانى بأن ما تقوم به أمريكا “حرب نفسية”؛ لأن مجيئهم ومغادرتهم العسكرية أمر طبيعي؛ لاهتماهم بأوضاع المنطقة، وأن إيران لن تعقّد محادثات مع أمريكا، ولكنها فى الوقت نفسه لن تبدأ بالحرب، حسبما أفادت “رويترز”.

وقال على خامنئى المرشد الإيراني، بأن إيران توقفت رسميًا عن التقيد ببعض التزامتها بموجب الاتفاق النووى، وستواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وهو ما وصفة العلماء بالجزء الأكثر صعوبة فى عملية التخصيب، وفقًا لما نقلتة قناة “سكاى نيوز” البريطانية.

واستبعد على خامنئى المرشد الإيراني، احتمالية قيام حرب بين طهران وواشنطن، لكنه أكد على أن إيران عازمة على مواجهة “الشيطان الأكبر”.

وأفادت صحيفة “ذى نيشن” الأمريكية، بأنه على الرغم من التوترات المتزايدة بين أمريكا وفنزويلا، فإيران هى المكان المحتمل لحرب واشنطن القادمة.

ولكن يرى مراقبون آخرون أن هدف أمريكا من هذا التصعيد هو دفع إيران لعقد اتفاق جديد، يشمل الاتفاق النووى والبرامج الصاروخية، بعد انقضاء عام على انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيراني.

من جانبه صرح السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق بأن كل ما يحدث فى سوريا واليمن وليبيا والسودان والخليج، هو تسخين للصراعات الدولية، وهى سياسة انتهجتها أمريكا فى عهد ما بعد “كارتر” الذى عمل على تهدئة الأوضاع، ولهذا لم ينتخبه الأمريكان مرة أخرى.

وأشار إلى أن تهدئة الأوضاع ليست فى صالح سياسات أمريكا الخاصة بتصنيع السلاح، ففى ظل استحالة قيام حرب عالمية ثالثة، تقوم أمريكا بإقامة مناطق للتوتر بانتظام؛ لإنعاش صناعة السلاح الأمريكي، فبدون هذه التوترات لن تبيع صناعة السلاح لأحد.

وقال “بيومي”، إن احتمالية نشوب حرب بين أمريكا وإيران أمر صعب، فمزاج واشنطن العام ضد الحروب، وأقصى ما يمكن أن تفعله هو شن حروب بالتوكيل، من خلال تهييج أطراف الصراعات بمختلف دول العالم.

ويرى بعض الخبراء أن قوة إيران لايمكن أن تضاهى التفوق التكنولوجى الأمريكي، فى حين يرى البعض الآخر أن إيران أصبحت من أقوى جيوش الشرق الأوسط؛ لما اكتسبته من خبرة فى القتال بالعراق وسوريا.

وصرح حسين الكنانى القائد السابق للحرس الثورى الإيراني، بأنه بجوار كل قاعدة أمريكية هناك قاعدة مقاومة، وأن إيران لها قوى متحالفة معها فى العديد من دول الشرق الأوسط، مضيفًا أن ترامب “لاعب بوكر” يلعب بأوراق مفتوحة، ولكن خامنئى “لاعب شطرنج” يلعب تحت الطاولة، حسبما أفادت شبكة “سى إن إن”.

من سيحالف أمريكا ومن سيتجه لإيران، ومن الوسيط؟:

نظمت واشنطن اجتماع بوارسو فى منتصف فبراير الماضي؛ لبناء تحالف مناهض لإيران، ودعا مايك بنس خلاله الحلفاء الأوربيين للانسحاب من الاتفاق النووى الإيراني، وهاجم الجهود الأوروبية التى سعت للحفاظ عليه، من خلال البحث عن طريقة للتغلب على العقوبات التى فرضتها واشنطن.

ورفضت العديد من القوى الأوربية حضور المؤتمر، كما لم يرسلوا ممثلين على المستوى الوزارى، واكتفوا بتمثيل سفرائهم فى وارسوا، وقاطعت كلٌّ من تركيا وروسيا المؤتمر، فى خطوة أظهرت فشل واشنطن فى جذب الحلفاء ضد طهران، حسبما أفادت صحيفة “ذى نيشن” الأمريكية.

وصرح السفير جمال بيومي بأن الطرفين ليسا بحاجة لوسيط، ويمكن للأمريكان أنفسهم إيقاف كل ما يحدث بمكالمة تيلفون، كما نجحوا سابقًا فى إقناع إيران بإبرام اتفاق لتحجيم برنامجها النووي.

وأعلن عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة العراقى، فى تصريحات صحفية، أنه اتفق مع أمير الكويت على لعب دور الوسيط لإنهاء الأزمة.

ما موقف القوى الكبرى من التصعيد العسكرى بين الطرفين؟:

زار “بومبيو” بروكسل فى 13 مايو الجارى، فى خطوة لبيان زائف لوحدة الموقف الأمريكى الأوربى ضد إيران، ولكنه فوجئ بتشديد الجانب الأوروبى على أهمية الحوار، ورفضه التام لعملية التصعيد العسكرى، ماعدا فرنسا التى هددت بفرض عقوبات على إيران فى حال تخليها عن الاتفاق، حسبما أفادت إذاعة “دويتشة فيلة” الألمانية.

وأصدر الاتحاد الاتحاد الأوربى وعددٌ من الدول الأوربية بيانًا مشتركًا ينص على رفض مهلة الستين يومًا، التى أعلنتها إيران للتخلى عن البرنامج النووي، وأكد على التزامهم بالحفاظ على الاتفاق وتطبيقه بشكل كامل، ودعا إيران للعدول عن أي خطوات تصعيدية.

وأعرب مصدرو البيان عن “أسفهم لإعادة فرض الولايات المتحدة لعقوبات على إيران، بعد انسحابها من الاتفاق النووي”، كما أكدوا عزمهم “السعى لمواصلة التجارة المشروعة مع إيران”.

من جانبه ألقى الكرملين باللوم على السياسات الأمريكية ضد إيران، وقال ديمترى بيسكوف المتحدث بِاسم الكرملين، إن روسيا تريد الإبقاء على الاتفاق النووي، وإن دبلوماسييها يبذلون قصارى جهدهم خلف الكواليس لعقد محادثات مع مسؤولين أوروبين؛ لإنقاذ الاتفاق النووى الإيراني.

كيف ستتأثر دول الخليج فى حالة اندلاع حرب؟:

إن احتمالية نشوب حرب يثير التساؤل حول تداعيات هذا الأمر على دول الخليج، حيث أنها حليف قوى لأمريكا، وتربطها علاقات اقتصادية قوية بإيران، فبعض الخبراء يرون أن العراق سيكون الأكثر تضررًا؛ لحاجته لإيران على مستوى الطاقة والسلع والتبادلات المصرفية، ولذا حصل على استثناء من العقوبات الأمريكية.

ويرى بعض الخبراء، أن الإمارات ستكون الأكثر تضررًا؛ لوصول حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى 11 مليار دولار عام 2017، فضلًا عن استضافتها 800 ألف مستثمر إيراني،  كما ستتضرر كل من قطر والكويت؛ لعلاقتهما السياسية والاقتصادية القوية مع إيران، حسبما أفادت إذاعة “دويتشة فيلة”الألمانية.

وأكد هادى افقهى الدبلوماسى الإيرانى السابق، على أن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز سيؤدى إلى حدوث أزمة بترول عالمية، فسعى أمريكا لتصفير صارات النفط الإيرانية، دفع إيران للتلويح بإغلاق مضيق هرمز؛ بما يعوق كافة دول الخليج عن تصدير نفطها من خلاله.

وأشار إلى أن التعهدات السعودية الإماراتية بتعويض النقص الذى سيحدث مع قيام إيران بمنع تصدير البترول غير منطقية، فإيران تنتج مليون و300 ألف برميل يوميًا، ولن يمكن لهاتين الدولتين مضاعفة إنتاجهما لهذا الحد، وبالتالى قد تحدث أزمة بترول عالمية.

وأعلن السفير جمال بيومي، أن التصعيد سيؤدى إلى ارتفاع أسعار البترول، وبالتالى ينبغى أن تراقب دول الخليج هذا الأمر، وأن الأخيرة ستظل فى قلب هذه الصراعات التى لايمكن حلها إلا بالتراضى بين القوى الكبرى.

وصرح  “افقهي”، بأنه فى حالة قيام أمريكا بشن هجوم من أى أرض أو قاعدة عسكرية، فإن إيران ستقوم بالرد الفورى، وبغض النظر عمّا إذا كان البلد الذى شنت منه أمريكا الهجوم صديق أم عدو.

وقال الدكتور غسان عطية رئيس المعهد العراقى للتنمية والديمقراطية، إن عمليات التصعيد العسكرى قد تصل إلى ضرب باخرة أو استهداف طائرة، وبالتالى سترد إيران بضرب مواقع أمريكية بالخليج، بما سيعرض البنى التحتية والمواقع الاستراتيجية بشرق الخليج إلى ضربات انتقامية، وفقًا لما نقلته إذاعة “دويتشه فيله” الألمانية.

 

وسننتظر حتى تجيب الأيام القادمة عن سؤالنا هذا ووقتها سنعرف من سيطلق الرصاصة الأولى للحرب.

 

وللحديث معنا بقية مادام فى العمر بقية.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *