حنين لأزمنة الطيبين

بقلم  : ميرا علي
ليست مجرد كلمة عابرة هي تلك التي يتلفظ بها كل من تجد حرارة الكلمة وهي تخرج من أفواههم، إنهم في ذكر دائم للماضي الذي صارت أحداثه تاريخاً، ومنجزاته تراثاً، وشخوصه أجداداً، وهم لهم أحفادا، لايكون الحنين لقيمه طالما هو متأصل، وله جذور وأساسات ثابته، فنحن جميعا اليوم لابد أن نعترف بأننا أفضل حالا وأننا نعيش في خير زمان، من أزمنة العوز والفقر الذي لم يكن مبصراً إذا تألمنا،
ولم يكن حانياً لو جعنا أو عطشنا، ولم يكن رحيما لو مرضنا، وقد ماتت أسر جراء مرض معدٍ لم يعرف له علاج، وماتت أمهات وهن يوضعن أبنائهن نتيجة نفس السبب، فعلا ( لو كان الفقر رجلا لقتله / علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) كما قال، والحقيقة التي عرفتها وتألمت كثيراً وأنا أسترجع الأحداث مع الذين التقيت بهم وهم يسردون وقائعاً ليست ببعيدة،
وعن حقائق فعلا كانت رهيبة، عن شظف العيش والشقاء، ورحلات الغوص في ملاحم الصراع من أجل البقاء ما بين الأجداد الذين كانوا يسعون لصيد اللؤلؤ، وأسماك البحر المفترسة التي كانت تصطادهم هي الأخرى، ما أجمل الحنين حينما يكون على القيم، وبقية السلوكيات، وهي تعتبر في أجملها قيماً إنسانية، وهذه إذا إفتدناها فلن نجدها في طيات الزمان وإن غازلناه بذكرنا له بزمن الطيبين،
وأتمثل هنا بقول الإمام الشافعي.. نعيب الزمان والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا، هناك عيب يمخر بنا ولا بد من وقفه بالوعي، وإلا فإنه سيصادر من هذا الزمان أجمل ما فيه، طالما الأفواه لا تذكر إلا بالسوء كل ما فيه، زماننا ليس به عيب، فنحن نقترب لبعضنا كل يوم بقوة هذا الزمان، لا بأزمنة ليس لها فضل علينا إلا بأنها إحتوت قيماً عاش بها أجدادنا، وإنتقلت إلينا القيم ذاتها ولكننا تجاهلناها، ثم تفكرنا فوجدنا أنه ينقصنا شيئ مهم لا بد من وجوده، وبلا وعي ظنناه ذاك الزمان، ولكننا لم ندرك بأن الزمان هو ذاته، إلا أن القيم وبنوعيها هي التي تغيرت فعلا، وأعني بالنوعين هنا القيم الربانية، والقيم المجتمعية الإنسانية.
حتى نكون أجمل لابد من جعل التراث في ڤاترينا رائعة تليق به إسمها الروح، والتأريخ في ڤاترينا أخرى إسمها الذاكرة، ثم ننطلق لبناء واقعنا وحاضرنا الذي ونحن نبنيه عينه على المريخ.. وكفى .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *