د السعدي الغول يكتب. تطوير التعليم وأشياء أخري
تطوير التعليم واشياء اخري.
بقلم دكتور السعدي الغول
منذ عام تقريبا وبينما اتخذت وزارة التربيه والتعليم بقيادة الوزير / طارق شوقى قرارا بتطوير نظام الثانويه العامه وجعل التابلت وبنك المعرفه هما حصانا الرهان فى منظومة التطوير المقترحه …والان بعد دخول المقترح لحيز التنفيذ وما صاحبه من مشكلات عديدة اعيد نشر جزء من المقالة لعل احدا من المسئولين بالوزارة يستمع لامثالنا وخاصة اننا نعتبر انفسنا معهم بنفس السفينة فنجاحهم نجاة لاولادنا ولوطننا الحبيب …
التابلت :
فى البدايه اؤكد اننى لست مقاوم للتطوير او صاحب مصلحه ولكنى عاشق لتراب وطنى داعما لكل تطوير مبنى على اسس علمية … فارجو من معالى الوزير ورجاله ان يستمعوا للاصوات الناصحه لاننا جميعا نبتغى مصلحه اولادنا ونريد ان نكون سندا لكم فى حلمكم ومشروعكم لتطوير التعليم ….ولنبدا حديثنا بحلم الوزير بجعل منظومة الثانويه ترتكز حول التابلت بدء من حصول الطالب على معلوماته حتى حصوله على نتيجته النهائيه مرورا بتقويمه وتقييمه ..
فاذا ما نظرنا للتعلم على انه تغيير فى سلوك المتعلم نتيجه المرور بخبره ..فتلك هى الركيزة الاولى التى لو وضعها اى مسئول نصب عينيه وهو يضع تصوره لتطوير التعليم فستكون نقطة انطلاقه ليست التابلت وانما تحسين البيئة المدرسية من مبانى ومختبرات ومعامل للحاسوب واللغات واماكن لممارسه الانشطة الرياضية والفنيه والعلمية …والمدارس بحالتها الراهنه المتهاكة فى مبانيها ومرافقها تفتقر لادنى المقومات لاحداث تغيير فى سلوك المتعلمين ومهما ادخالنا من وسائل تكنولوجيه حديثة سنفشل فى خلق بيئة مدرسيه جاذبه …
من هذه المقدمه نستنتج ان التابلت جزء بسيط من منظومة كبيرة فهو وسيلة ولذا لا يجب ان تبنى عليه سياسه دولة باكملها لتطوير تعليمها ….فمثلا عندما بدأت اليابان رحلتها لتطوير التعليم لم تعتبر السبورة والطباشير والمعلم التقليدى عارا على المنظومة التعليمية ولكنها حسنت البنيه التحتيه للمدارس وعالجت اوجه القصور بمدارسها وانشاءت مدارس كثيرة لخفض كثافة الفصول وطورت المناهج لجعلها قائمة على الانشطه وادخلت وسائل وانشطه وطرائق تدريس جديدة وكل ذلك لجعل المدارس جاذبه للتلاميذ …وبعد استقرار كل ذلك فكروا فى استخدام التكنولوجيا الحديثه ومنها التابلت …
ومن ناحية اخرى اذ ما كان المخرج النهائى الذى نبتغيه من التعليم هو تكوين انسان يمتلك ادوات المعرفه ولديه قدرا من المهارات تمكنه من الالتحاق فى عمل يناسب قدراته ومواهبه وقبل ذلك العمل على غرس القيم والاخلاق التى تجعله انسان صالح متزن نفسيا ووجدانيا …ومن هنا يجب ان تكون تلك الغاية هى الركيزة الثانيه التى يبدء منها اى مطور واضعا فى حسبانه اننا فى عصر العولمة والكوكبة والقريه الكونيه الصغيرة اصبح الحصول على المعرفه والمعلومات سهل وميسر للغايه ولذا فالهدف الامثل للمدرسه يجب ان يكون هو تعليم تلاميذها كيفية الانتقاء والفرز والنقد لسيل المعلومات المتدفقه عبر وسائل متعددة …ولذا فالتابلت وبنوك المعرفه على مستوى العالم مشكلة وليس ادوات لانماء الشخصيه فالتابلت الة تحتاج الى عقلية ناضجه وواعية وناقدة لاختيار المعلومات والبناء عليها واذا ترك بغير توجيه تكون اثار استخدامه سلبية واهمها تكوين شخصيات معقدة او منحرفه ولنا فى دول شرق اسيا القدوة فى كيفية التحكم فى الهواتف النقالة والتابلت والمسموح الاطلاع والدخول عليه من الانترنت ….
– الامتحانات فى الدول الناميه تمثل مشكلة وصداع مزمن للمسئولين لان اى خلل بها سيزيد الفجوة بين اصحاب السطوة والمال وعامة الشعب والدولة المصريه بقدر امكانياتها وبتدخل جهات سياديه تحافظ حتى الان على عدالة الامتحانات وتكافؤ الفرص واى عبث فى ذلك يهدد الامن والسلم الداخلى للبلاد …ووزير التعليم ورجاله يرون كون الامتحانات ستكون بالتابلت ومركزيه وتبث بالنت على تابلت كل تلميذ على حده فى ذلك ضمانه لتحقيق العدالة لعدم تدخل ايدى بشريه …ولا اعلم من اين لهم هذه الثقه وهم لم يقوموا بتجربه الفكرة ليتم تعميمها …ومعروف ان الهاكر واختراق الحاسبات وتغيير الدرجات حتى بعد رصدها سهلا للغايه للمتخصصين …واضف لذلك ان الامتحانات الالكترونيه لا تنمى الابتكار والابداع فالالة تعترف باجابه واحدة ولذا من ايجابيات الامتحانات الورقيه والعالم كله يعترف بها اذا اعدت بطريقه صحيحه بعيدة عن الحفظ لاعطت للتلاميذ فرصه لابراز فكرهم وتنوع ارائهم …وكان من الافضل الابقاء على الامتحانات الورقيه الموحدة لفترة حتى تستقر منظومة التطوير ويندمج معها الطلاب واولياء الامور والمدرسين وتتغير ثقافة المجموع وكليات القمة الى ثقافه الذكاءات المتعددة والتعلم الالكترونى .
– وان اتفقنا على جدوى التطوير بالتابلت يبرز السؤال الاهم حيث ان التعليم امن قومى هل وضعتم خطط بديلة لو قامت دولة معاديه بفصل الكابلات البحريه التى تنقل البيانات والمعلومات وبذلك ستتوقف الاجهزة تماما وستحدث كارثه تشبه تماما تسريب الامتحانات التى تمت فى ايام عبد الناصر ويومها اعدم عامل المطبعه الذى سرب الامتحانات ولكن فى عصر التابلت من سيعدم ؟
– اما بنك المعرفه الذى تأمل الوزارة ان يكون محتواه هو الحل السحرى لتطوير التعليم فالمعروف والمعلوم ان هناك الملايبن من المواقع المشابه لبنك المعرفه المصرى فالقضيه ليست فى المحتوى والمعلومات ولكن المعضلة الحقيقة تتمثل فى كيفيه الاستفادة من تلك البنوك وتحليل ما بها من معلومات …فنحن بحاجه الى اكساب اولادنا مهارات لتوظيف المعرفه وليس للحصول عليها…
– خروج التلميذ من المنزل واندماجه مع اقرانه وقيامه بانشطه فى مدارس بها ادنى متطلبات البيئة المدرسية الجاذبه كل ذلك يساعد على تكوين شخصيه متكاملة ومتزنه نفسيا …فهل التابلت وبنك المعرفة سيوفران تلك البيئة ام ان اولادنا سيزددون عزلة وانسحاب من المجتمع ونحن نعانى جميعا من قضاء اولادنا ساعات طوال امام التلفاز وبين احضان الهواتف مما يصيب الكثير منهم بحالات من الاكتئاب والشيزوفرينا وكانت المدرسه هى المتنفس الاخير لاولياء الامور لاخراج اولادهم من هذا الجو فهل سيقضى التابلت على هذا المتنفس ؟
– ماساة العصر والتى تعانى منها الدول الكبرى هى ادمان الانترنت والاعتماد فى الحصول على المعلومه من تلك الاجهزة الجامدة وهذا يقتل الابداع لدى التلاميذ والعربى بوجه عام استخدامه للاجهزة المتقدمة استخدام سئ وغير مسئول ولسنا هنا لمناقشة الاسباب بقدر توضيح ان وقت المدرسه يجب ان يكون لتنميه مهارات وممارسه انشطه وليس للجلوس امام التابلت للدخول على النت المجانى ولذا كان يجب فى عملية التطوير المنشودة تزويد المدارس بمكتبات الكترونيه يستخدمها التلميذ تحت اشراف متخصصين وليس ترك التلاميذ يبحثون على ما يشاءون وقتما يشاءون ..
الخاتمه :
منظومة التعليم متشعبة ومتداخلة فلا يجب ان نبدأ بجزء منها تاركين الباقى للاجتهاد وللوقت … والتكنولوجيا ومنها التابلت اصبح ادماجها فى المنظومة ضرورة ولكن لا يجب النظر اليها انه هو اساس التطوير …
حفظ الله مصر واهلها
دكتور السعدي الغول كلية التربية بالغردقة