د. شيرين العدوي تكتب : المستقبل بين جيلى زيد وألفا
د. شيرين العدوي تكتب : المستقبل بين جيلى زيد وألفا
في البداية أود أن أشكر وزارة التعليم العالى والبحث العلمى وما تفضل به د.عادل عبدالغفار من خلال مقاله المهم المعنون بـ «وزارة التعليم العالى وتنمية قدرات النشء وتعزيز الإبداع» بتاريخ 30 نوفمبر 2024 بجريدة الأهرام الغراء ردا على مقالى السابق «كيف تعرف طفلك المبدع» وإنى إذ أثمن مجهودات الوزارة الرائعة وتوافق الرؤية مع توجهات فخامة رئيس الجمهورية فى اتجاه بناء الإنسان ورؤية مصر 2030. فقد فتح هذا الرد الجميل الأمل والآفاق أمام من لا يعرف ما تقوم به الوزارة من جهود بناءة وداعمة للمجتمع. وكنت أتمنى أن تُتَبنى المواهب وتعزز فى السنى الأولى أى ما قبل دخول الطفل المرحلة الدراسية، بعمل اختبارات لاكتشاف تلك المواهب، وإن كان هذا ضربا من المستحيل فهو أمل تمنيت تحققه. وقد حلمت بتوجيه الآباء والأمهات كيف يتعاملون مع النماذج الإنسانية الفارقة من أبنائهم، ومتابعتهم خلال دراساتهم منذ اللحظة الأولى لدخول المدرسة.
وأخرج من هذه الرؤية لجيلين نتعامل معهما الآن وهما جيل زد وجيل ألفا؛ حيث يشهد عالمنا المعاصر صعود أجيال جديدة تحمل معها قيما وعادات مختلفة مثل جيلى زد وألفا، وعلى الرغم من تداخل جزئى بين الجيلين فإن هناك فروقا جوهرية تفصلهما وتحدد رؤيتهما للعالم. ويعرف جيل زد بأنه الجيل الرقمى الأول الذى ينحصر فى السنوات (1997- 2012) وقد نشأ هذا الجيل فى عصر التكنولوجيا الرقمية، فالهواتف الذكية والإنترنت جزء لا يتجزأ من حياته اليومية، ويعتمد بشكل أساسى على وسائل التواصل الاجتماعى للتعبير عن نفسه وبناء علاقاته الاجتماعية فلم يعد العالم الرقمى عالما افتراضيا له وإنما عالم حقيقى. ويتميز هذا الجيل بالوعى بالمشاكل الاجتماعية والبيئية ويسعى للمشاركة فى حل هذه المشكلات، وهو جيل أكثر واقعية من الأجيال السابقة عليه، ويهتم أفراده بالأمن المالى والاستقرار الوظيفى.
أما جيل ألفا الذى ينحصر فى السنوات (2012-2025) فهو الجيل الرقمى المحمول، ولد أفراده وفى يدهم الأجهزة الذكية يستخدمونها بشكل بديهي. وهذا الجيل يقبل التنوع والاختلاف، ويسعى لبناء مجتمع أكثر تعددية وشمولية، يتميز بخياله الخصب الواسع ويقدم دائما حلولا مبتكرة وخارج الصندوق، يركز المنتمون إليه على ذواتهم ويهتمون بتطوير أنفسهم ومهاراتهم ويسعون لتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
أما عن الاختلافات فى رؤية جيلى زد وألفا للعالم فيرى جيل زد العالم مليئا بالفرص والتحديات ويسعى جاهدا لتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية، أما جيل ألفا فيرى العالم كقماشة بيضاء يمكنه من خلالها تصميم عالمه وتشكيله كما يشاء. كما يعمل الفارق العمرى بين الجيلين على العديد من الاختلافات فى تجاربهما ووجهة نظرهما. وعلى الرغم من أن الجيلين نشآ فى عصر التكنولوجيا فإن جيل ألفا لديه علاقة أكثر عمقا بها. وتختلف القيم والمعتقدات بين الجيلين، حيث يركز جيل زد على الواقعية والأمن بينما يركز جيل ألفا على الإبداع والابتكار. أما ما يواجهنا حقا فهو كيفية استيعاب جيل الآباء والأمهات للتغير الحادث فى بنية أبنائهم المعرفية بإعادة تأهيل أفكار الأمهات والآباء لفهم أعمق لأبنائهم لسد الفجوات المعرفية التى نشأت دون قصد بين الأجيال.