رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن أصحاب الأذواق العالية

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن أصحاب الأذواق العالية
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
مما لا شك فيه أن أصحاب الأذواق العالية والراقية يعرفون قيمة المنظر الجميل والمظهر الطيب والثياب الحسنة عند اللقاء، ومدى تأثير ذلك في نفوس المستقبلين.
بعض الدعاة سامحهم الله لا يهتم لمظهره ولا لمنظره.. إذا ارتدوا ارتدوا زياً مبعثراً، شعر باد في منظر غير مقبول، وثياب غير منسقة ولا متناسقة، بعضهم فرط في طول زيه، والآخر أفرط في قصره، وبعضهم أتى بجلباب قديم متسخ غير عابئ بنظرات الناس إليه، ومثل هؤلاء يجترئ عليهم السفهاء والسقاط والهمل والرعاع والجهال.. ويسقطون من أعين الناس.. وتسقط معهم دعوتهم.
وبعض الدعاة بارك الله فيه يهتم بمظهره، ويختار زيه متناسق الألوان والأطوال مع الجسد، نظيفا أنيقا قد كسا صاحبه هيبة ووقارا.. لعلمه بما للظاهر من أثر في نفس الناظر والمستمع.
وقد عرف هذا الأثر أشج عبد قيس، حين هرول الناس لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم، فتأخر هو فارتدي أحسن الثياب، وهيأ نفسه جيداً لِلُقيا النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة].
إن المظهر الخارجي مع النشاط والحيوية واستقامة المشية والبسمة الحانية المرسومة على الجبين باستمرار من عوامل جذب الانتباه إلى الفرد.. بعض الدعاة للأسف الشديد يتأخرون في هذا الميدان، فيسرق غيرهم منهم الأبصار، بأناقة ملابسه وحيوية مشيته، أو يفقدون من المستمعين نوعا يوصف بأنه “بصري” إذا لم يجد منظرا حسنا فإنه يعرض ويغلق أذنيه وقلبه.
إن أولى الناس بالذوق الرفيع هم الدعاة الذين يوقعون عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فينبغي عليهم أن يسرقوا أبصار الناس وأفئدتهم ومشاعرهم وعواطفهم، وأن يساوقوا العصر؛ لأن أناقة الملابس وتناسقها ومناسبتها للموقف من عوامل نجاح الداعية في دعوته.
ولأهمية الذوق وتأثيره في نفوس المستمعين بوب الإمام البخاري بابا في كتابه فتح الباري في كتاب الخطبة أسماه “يلبس أحسن ما يجد”، ولأهمية هذا الأمر أيضا لفت الوحي الانتباه في بداية الدعوة إلى أهمية الذوق الرفيع والطهارة الدائمة والمتواصلة مع الزي، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وثيابك فطهر}..
وفي حديث جبريل عليه السلام الطويل ..عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحنُ عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يومٍ، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ حتى جلس إلى النبي – صلى الله عليه وسلم-، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟…](رواه مسلم)، وفي نهاية الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: [هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم].. نعم جاء يعلمهم نظافة المظهر كما يعلمهم معاني الإيمان والإسلام والإحسان وأشراط الساعة.
فعلى الداعية أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يكون قدوة لغيره، فيأخذ زينته عند كل لقاء جماهيري ومحفل عام.. إعمالاً وتطبيقاً لقول الله تعالى: {خذوا زينتكم}؛ فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس حرصاً على المظهر والعناية به.. كانت له عمامة تسمى السحاب كان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة.. وكانت ترى عليه وهو فوق المنبر قد أرخى طرفيها بين كتفيه..
والمخبر أيضا:
إننا لا نقول إن الداعية بمظهره فقط، ولكن نقول: إن جمال المظهر مكمل لكمال المخبر، وإلا فالمرء بعقله وعلمه، ولا قيمة لمظهر حسن وقلب خاو من العلم والإيمان والصدق، وإنما أردنا التنبيه على الاهتمام والعناية بالمظهر مع العناية بالمخبر..
فبعض الخطباء والدعاة لهم قدرة على التأثير القوي والوصول بسرعة فائقة إلى أفئدة روادهم ومستمعيهم وشعارهم: تكلم حتى أعرفك.. فجمال الوجه والملبس لا يكفي للمعرفة والقبول، والأدلة على ذلك كثيرة منها: أن عطاء بن أبي رباح عالم الدنيا في عهده مولى أفطس أسود أشل مفلفل الشعر، وكان الأحنف بن قيس حليم العرب قاطبة نحيف الجسم أحدب الظهر أحنى الساقين ضعيف البنية، وكان الأعمش محدث الدنيا من الموالي ضعيف البصر فقير ذات اليد ممزق الثياب رث الهيئة والمنزل، وكان “ميرابو” خطيب الثورة الفرنسية دميما حقا، ولكنه إذا تكلم أسكت فلا يحس المستمع بأنه ناقل كلام غيره إليه ولكن قلبه يفيض بالمعاني فيضانا.
إن هؤلاء ألقوا المعاني وقلوبهم تحترق، فسرقوا قلوب الناس ومشاعرهم وعواطفهم، والقلب إذا انفعل بالمعنى فلا تسل عن الشارة والإشارة ..
إن الخطيب الناجح هو الذي يقدم لجمهوره الجديد ويبدو أمامهم جديدا.. يقدم لهم الغذاء المناسب في هديه وزيه وكلامه ومعانيه ودروسه وعبره وأدلته.. ثم يحوط ذلك باحتراق ينساب على لسانه، ويُرى في بريق عينيه، ويُقرأ في قسمات وجهه.. فإذا المستمع أمام مائدة حافلة بأطايب الطعام المتنوع لا تملها النفس أبدا، ولا تقع منها على قبيح ولا مستقذر.
ولذلك ينبغي للخطيب والداعية دائما أن يهتم ـ بجوار اهتمامه بملابسه وزيه ـ بحفظ وتجويد القرآن الكريم ومراجعته باستمرار، وبتزيين اللفظ واختيار الكلمات وسوقها في أجمل العبارات، وتعطيرها بطيب البسمات، ووزن الجمل بميزان البلاغة والأدب.
وزن الكلام إذا نطقت فإنما .. .. يبدي عيوب ذوي العقول المنطق
“والمرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر عيبه..” مع بذل الجهد في تحضير الخطب والدروس لأنه يؤدي إلى توقير الناس له.. وعدم الاستعداد يؤدي إلى ضعف الداعية وسقوطه من أعين الناس.. والمشكل أن تجتمع الهيئة الرثة مع ضعف القراءة وسوء الضبط والأداء؛ فيسقط نهائياً من أعين القوم بلا رجعة.
 

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *