رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن فلسفة الجمال في الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فلسفة الجمال في الإسلام
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
ما أكثر ما ظلم الجمال عبر الأزمان مع تعاقب الحضارات واختلاف المفاهيم بين جاحد متزمت وصاحب هوى مسرف، وما أكثر ما تغنى به شعراء وهاجمه أدباء، ولا يخفى على كل منصف أن قضية الجمال وجدت نفسها بتوازنها وبهائها المميز لها في رحاب المنهج الإسلامي بوسطيته المعهودة وتقديره المتوازن لكافة الأمور ومارس الجمال في ظل دوحة الإسلام دورا ملموسا سواء في العقيدة أوفي الجانب النفسي أوفي الأحكام الفقهية ليظهر في المنهج الإسلامي بثوب قشيب أهم سماته الطهارة والنقاء التي لم يعهدها في أي حضارة أخرى.
• في الجانب العقائدي: كثيراً ما تشهد الآيات القرآنية بروعة وجمال الخلق كدلالة على وجود الخالق المصور المبدع ذو القدرة المطلقة والمشيئة النافذة.. قال – تعالى -:
– (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب)[الصافات: 6]
– (تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمرا منيراً)[الفرقان: 61]
– (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها وألقينا في رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد)[ق: 6-10]
– (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك ذكرى لأولي الألباب)[الزمر: 21]
قال ابن القيم: ” ومن أسمائه الحسنى الجميل ومن أحق بالجمال ممن خلق كل جمال في الوجود؟! فهو من آثار صنعه فله جمال الذات وجمال الأوصاف وجمال الأفعال وجمال الأسماء فأسماؤه كلها حسنى وصفاته كلها كمال وأفعاله كلها جميلة”.
• في إشباع الجانب النفسي والروحي من رحيق الجمال: أحل الله – تعالى -للمسلم التمتع بكل ما هو جميل طالما انتفت المضرة في نفسه وفيمن حوله بلا إسراف ولا مخيلة فيقول – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله – تعالى -جميل يحب الجمال و يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويبغض البؤس والتباؤس)) [رواه البيهقي]
– (( كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة)) [رواه أحمد]
وكان – صلى الله عليه وسلم – يحب المنظر الحسن والوجه الحسن والاسم الحسن، وكان -بأبي هو وأمي يقول-:
– ((إذا بعثتم إلى رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم)) [رواه البزار]
– ((خصلتان لا يجتمعان في منافق: حسن سمت [أي حسن هيئة] ولا فقه في الدين)) [رواه الترمذي]
ويندرج تحت هذا الجانب علاقة الرجل والمرأة التي وجدت في الزواج الشرعي فرصة الإشباع المشروع لهذا الجانب الغريزي، وقد هيأ الشارع لهذه العلاقة كل مقومات التمتع الكامل والطاهر بحث كل من الزوجين ـ خاصة الزوجة ـ على الحرص على أن يكونا في أجمل صورة وأبهى منظر في عين الآخر، بل جعل من أوجب حقوق الرجل على زوجته أن تتزين له، وله أن يطالبها بحقه من الزينة منها إن هي أهملت هذا الأمر.
وبتخصيص زينة المرأة لزوجها وحجبها عن عيون الآخرين استطاع الإسلام بتوازن منقطع النظير ملائمة الفطرة السوية وتقيد أسباب الرزيلة فحل بذلك أصعب معادلة حارت فيها البشرية.
• في الجانب الفقهي والتشريعي: كان للجمال وزنه وثقله في الأحكام المنوطة به ولا أدل على ذلك من البحوث المستفيضة لفقهاء المسلمين حول اعتبار الجمال أحد المقومات التي يفضل أن تكون في الزوجة فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله – عز وجل – خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته…)) [رواه ابن ماجة]، ومنها ضرورة نظر الخاطب لخطيبته قبل العقد عليها والدخول بها لترتبط الحياة الزوجية برباط الاقتناع والمحبة فيدوم خيرها وهنائها.
– فعن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) [رواه أبو داود]
– وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما [أي أجدر أن يدوم الوفاق بينكما])) [رواه الترمذي]
بل أجاز الشارع للمرأة أن تختلع من زوجها لدمامة فيه، كما حدث مع حبيبة بنت سهل الصحابية وكانت زوجة ثابت بن قيس بن شماس وكان رجلاً دميماً، فقالت: يا رسول الله والله لولا مخافة الله إذا دخل علي لبصقت في وجهه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فردت عليه حديقته، قال: ففرق بينهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم-)).
• وختاماً.. وفي الآخرة، يحط الجمال رحاله كأعظم جزاء ينتظر الموحدين.. إنها الجنة التي يتجسد فيها الجمال بأروع حلله بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فهي نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في دور عالية بهية سليمة، ونصوص الكتاب والسنة تتكاثر في وصف هذا الجمال لتشحذ همم العاملين وتوقظ أفئدة الغافلين، قال – تعالى -:
– (وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً) [الإنسان: 20]
– (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى) [محمد: 15]
– (إن الأبرار لفي نعيم على الآرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون) [المطففين: 22-28]
ويصفها – صلى الله عليه وسلم – بقوله: ((لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم ولا ييأس ويخلد ولا يموت ولا يبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم)) رواه أحمد ((إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً)) [رواه مسلم]
إن قضية الصراع بين الدين والجمال ما هي إلا محض أوهام نسجها الحقد الدفين لهذا الدين في عقول أعداء الرسالات السماوية، محاولين أن يظهروا دائما موقفا عدائيا بين الدين والمتعة.
لكن شتان بين توظيف الجمال ومعاداته.
شتان بين المتعة الحقيقية والمتعة التي لا يلوي أصحابها على شيء.
شتان بين الطهارة النقية والدنس المشوب بكل قذارة.
شتان بين أن نكون آدميين وأن نكون شهوانيين.
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *