رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن العمل الخيري رؤية حضارية
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
ينبع مفهوم “الخير” من أصول الرؤية الإسلامية للعالم، وتشكل النـزعة الخيرية ركنًا من أركان بناء الوعي الإسلامي للذات الإنسانية، وتوفر أساساً من أسس تكوين الذات الفردية والجماعية في الخبرة الحضارية الإسلامية. فالخير مقصد عام وثابت للشريعة، وله مقاصد أخرى على نحو ما سيأتي بيانه، وتتضمن الأصول الإسلامية (القرآن والسنة) نظرية متكاملة للخير وتطبيقاته وأبعاده النفسية والاجتماعية والاقتصادية، الفردية والجماعية.
ولتنوع صور عمل الخير ودلالاته يمكن وضعها في ثلاث فرائض هي بمثابة ثلاثة أطر يندرج تحتها جميع ما يكلف به الإنسان من مسؤوليات لعمل الخير.
أولا: فريضة الدعوة:
المسلم مأمور بالدعوة إلى الله بل بالعمل على ذلك بأحسن القول والفعل ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]، وليست الدعوة هنا مقتصرة فقط على التعريف بالإسلام كدين، بل الدعوة في جوهرها هي عرض الإسلام كحضارة وسلوك وقيم ومبادئ فالمسلم قبل كل شيء مأمور بأن يكون قدوة ومثل يهدي الله به العاصين ويفتح الله بفعله على غير المسلم وليس أنفع في ذلك من عمل الخير، وكم من الناس آمن بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم نتيجة معايشه فعله أو رؤية سلوكه، والمسلم ملزم بأن يقوم بمسؤولية الدعوة إلى من حوله بدءاً بنفسه بتهذيبها وحسن سلوكها ثم بيته ثم مجتمعة، كما في قوله تعالى:﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عليهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عليهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عليهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [التحريم: 6-7]،كما أن الوظيفة الدعوية للمسلم ليست متوقفة عند أئمة المساجد والخطباء والدعاة بل هي تقع على عاتق الجميع يقول الدكتور يوسف القرضاوي (قد كان النبي “صلى الله عليه وسلم” سياسيا بجوار كونه مبلغاً ومعلماً وقاضياً فقد كان رئيساً للدولة وإمام الأمة
ثانيا: فريضة بناء الأمة:
مفهوم الأمة هو مفهوم رسخه الإسلام ليس فقط على مستوى النظرية بل على مستوى التطبيق، فالحضارة الإسلامية التي قامت منذ أكثر من أربعة عشر قرنا قدمت نفسها في إطار تكويني سما بالأمة، وقد جاء المصطلح وروداً في القرآن والسنة قال تعالى:﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، والأمة الواحدة تبدو قضية واضحة المعالم، يدركها قارئ كتاب الله عز وجل حين يتأمل أي سياق ورد في قصص الأنبياء، بل قد نص كتاب الله عز وجل على ذلك تعقيباً على قصص الأنبياء قائلاً: ﴿ وإن هذه أمتكم أمة واحدة ﴾، وهذا الأمة الواحدة لا ينتهي مداها في دار الدنيا بل يمتد هناك إلى الدار الآخرة حين يقف الناس للحساب والجزاء والمساءلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدعى نوح يوم القيامة فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال: لهم هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال لنوح من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته ،قال: فذلك قوله “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” قال:والوسط العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولأننا كما بيَنا دعاة في أصل حركتنا وهي وظيفة ومسؤولية لصيقة بمن ينتمي إلى هذه الأمة فإن الداعية ينبغي أن يعيش قضية عصره، وهموم قومه وأمته، فلقد كان الأنبياء عليهم السلام -مع أن أقوامهم لم يستجيبوا بعد لقضية التوحيد- يتحدثون عن الفساد والضلال والانحراف الذي كان في عصرهم، فلا ترى سورة يذكر فيها لوط إلا ويذكر فيها الحديث عن الفساد والشذوذ الذي كان عليه قومه وإنكاره لفعلهم، ولا سورة يذكر فيها شعيب إلا وترى حديثه عن الفساد الاقتصادي وعن بخس الناس أموالهم وحقوقهم، ومع ما تعيشه الأمة من حالة تخلف وتأخر وضعف استفحلت – في مجتمعنا – على أثره مظاهر الفساد والانحراف عن الطريق القويم والصحيح، وانتشرت فيه مآس مجتمعية تمثلت في روابط مقطعة، وتلوث فكري وانهيار قيمي، وفساد سلوكي، فإن الكل منا مأمور بأن يؤدي مسؤوليته ويسعى إلى تحقيق أمن مجتمعه ونشر القيم السلمية، ومواجه السلوكيات والأفكار المنحرفة الهادمة، فتعليم الأمي أصبح مسؤولية على المتعلمين بعد أن وصلت نسبة الأمية في عالمنا العربي أكثر من 37%، وإطعام الفقير أصبح مسؤولية بعد أن أصبحنا من أكثر المجتمعات فقراً، وإنشاء محاضن التربية أصبح أيضا مسؤولية تقع ضمن حدود البناء….. وهكذا فدعوة الرجل في أهله، ونصيحة الشاب في أصدقائه والتزام الفتاة بما أمر به الشرع من عفة ووقار، وقيام الأم بتربية أبنائها ورعايتهم هي كلها مسئوليات لا تقل في جزء منها عن الآخر بل إننا مأمورون بأن نقيمها ونؤديها (كل منكم على ثغر فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله)، ولعل القيام على البناء لا يستطيع أن يقوم به فرد دون غيره أو مجموعة أو هيئة دون غيرها، فبناء الأمة وكما بين مالك بن نبي يقوم على ثلاثة عناصر:
◘ عالم الأشخاص.
◘ عالم الأفكار.
◘ عالم الأشياء
فتكاتف السواعد مطلوب، وتجميع الأفكار مطلوب وشرط من شروط البناء، وتوفير الإمكانيات أيضاً مطلوب؛ وذلك نظرا لعظم المسؤولية وجلالها، وهو ما فتح الباب للمطالبة بمسؤولية أكبر للهيئات والمؤسسات بدأ بالدولة ثم القطاع الخاص ثم الأفراد وما ينشئوه من مؤسسات اجتماعية مدنية وأهلية.
ثالثا: فريضة إصلاح المجتمع:
المسلم هو ذلك الكيان الذي يمثل غيثاً أينما حل نفع، والإصلاح والخير هو أمر وفريضة نثاب عليها إن أديناها ونأثم أن خالفناها وتركناها، والإصلاح يتجلي في العمل والتواصل والتعايش السلمي السليم الذي لا يضر بالآخرين ويحقق النفع للإنسان ولا يحقق ذلك لغيره الضر، بل إن الإصلاح يتجاوز تحقيق المصلحة إلى العمل على درء ومنع المفسدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال:رجل يا رسول الله أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي فالصلاح لا يقتصر على النفس بل لابد أن يعكس ذلك على المجتمع وأمر الله بذلك، فالفساد لا يقتصر ضرره على من يقوم به كما في قوله تعالى، ﴿ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال:25]، وقال مالك بن دينار: إن الله عز وجل أمَرَ بِقَرْيَة أن تُعَذَّب، فَضَجَّتِ الْمَلائكَة، قالت: إنَّ فِيهم عَبدك فُلانا. قال: أسْمِعُونِي ضَجِيجَه، فإنَّ وَجْهَه لَم يَتَمَعَّر غَضَبًا لِمَحَارِمِي، ولنا في قصة موسى والخضر عظة عظيمة في أن الإنسان في حركته مأمور بالإصلاح وفعل الخير دون انتظار للأجر أو نظر للمردود الشخصي ﴿ فانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عليهِ أَجْرًا ﴾ [الكهف: 77].
اترك تعليقاً