رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن أسلوب الحوار وآدابه

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن أسلوب الحوار وآدابه
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخرى لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
مما لا شك فيه أن من الأساليب التي استخَدمها القرآن الكريم؛ من أجْل إقامة الحُجَّة على العباد، والدَّلالة على وحدانيَّته – تعالى -، وعلى صِدْق ما جاؤوا به من رسالات، وبلَّغوا به دينَ الله في الأرض، هو الحوار، أو ما يُسمَّى بالحوار القرآني، الذي يتوصَّل به المرسلون إلى إيصال الحقِّ.
وبهذا نرى أن القرآن استعمَله لإظهار الحق على الخَلْق، وهو من أحكم الأساليب التي تُقنع العقول بعد إقامة الحُجة عليها، فترضَخ القلوب.
المحور الأول: الحوار في اللغة:
الحوار في اللغة: مأخوذ من الحَوْر؛ أي: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، والمحاورة: هي المجاوبة، والتحاور: هو التجاوب[1].
المحور الثاني: الحوار في الاصطلاح:
هو نوع من الحديث بين شخصين، يتمُّ فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما، فلا يتأثَّر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبُعد عن الخصومة والتعصُّب[2].
وبهذا المعنى ورَد في القرآن في عدة مواضع:
الأوَّل في قوله – تعالى -: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)[الكهف: 34].
الثاني في قوله: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)[الكهف: 37].
والثالث في قوله: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)[المجادلة: 1].
ومن هذا نَستنتج أنَّ الحوار بهذا المعنى هو عبارة عن نِقاش؛ إمَّا بين طرفين، أو عدة أطراف، ويَهدف إلى الوصول إلى حقيقة، أو من أجْل إقامة الحُجَّة على أحد الطرفين، وقد يُستخدَم الحوار لدفْع شُبهة ما، أو تُهمة وغيره.
وفي القرآن الكريم يوجَد الكثير من النماذج التي تبيِّن لنا ما هو الحوار، وبأنه يكون بين عدَّة أطراف، كالحوار الذي حصَل بين الله والملائكة في موضوع خلْق الله لأدمَ؛ كما جاء في سورة البقرة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)[البقرة: 30].
وكذلك الحوار بين الله وإبراهيم – عليه السلام -: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: 260].
وكذلك حوار الله وموسى – عليه السلام -: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)[الأعراف: 143].
وغيرها من الحوارات التي ورَدت في القرآن؛ كحوار الله مع عيسى، وقصة أصحاب الجنَّتين، وقصة قارون، وداود – عليه السلام – مع الخَصْمين، والأمثلة على ذلك في القرآن الكريم، وهذا يدلُّنا على أهميَّة الحوار في الدعوة وإقامة الحُجَّة على الآخرين.
المحور الثالث: الفرق بين الحوار والجدال:
من الأمور الواضحة عندنا أنه يوجد فرْقٌ بين الحوار والجدال؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما له مَدلولاته وأهدافه، والفرق بينهما في أنَّ الجدال في اللغة هو اللَّدَد في الخصومة، والقدرة عليها، وإقامة الحُجة بحجة أخرى[3].
أما في الاصطلاح، فهو: المقاومة على سبيل المنازعة والمُغالبة، وقيل: الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبَه على الجَدَالة، وهي الأرض الصُّلبة[4].
والحوار قد ينقل المحاور إلى الجَدَل المذموم إذا تخلَّلتْه العصبيَّة في الحوار والتمسُّك بالرأي بتعصُّب، ومن خلال هذا نستنتج أنه حوار بين طرفين على سبيل المنازعة والتعصُّب للرأي الشخصي.
وورَد في القرآن في أكثر من موضع يبيِّن الجدل بمعناه المذموم، باستثناء عددٍ قليل منها، مثل قوله – تعالى -: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[النحل: 125]، وكقوله – تعالى -: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[العنكبوت: 46]، وكما في سورة المجادلة.
فالجدال لَم نؤمَر به لا في القرآن ولا في السُّنة، وإنما أُمِرنا فقط بالمحاورة بالتي هي أحسن، والتي هدَفُها: إيصال الحق إلى الخلْق، والابتعاد عن الجدال والمِراء الذي نهانا عنه النبي – صلى الله عليه وسلم -.
المحور الرابع: آداب الحوار:
1 – الابتعاد عن التعصُّب للفكرة أو للأمر الذي أدعو إليه؛ لأنَّ هذا المحاور إن كان معه الحقُّ، فلا بد أن يوصِّله إلى الآخرين بعيدًا عن الأهواء الشخصيَّة، وإنما هدفه يكون نشْر الحقِّ.
2 – استخدام الألفاظ الحَسَنة، مع البُعد عن جرْح الآخرين بمجرَّد طرْح فكرة تُعارض فكرته[5].
3 – الحوار من خلال الاعتماد على حُجج صحيحة، ومن خلال الاعتماد على الدليل الصحيح.
4 – البُعد عن التناقُض في الردِّ على أقوال الآخر، والثبات على مَبْدأ ونقطة الحوار.
5 – أن يكون الهدف الوصول للحقِّ، وليس الانتصار للنفس[6].
6 – التواضُع بالقول والفعل؛ قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((الكبر بَطَرُ الحق، وغَمْطُ الناس))، الإنكار – الاحتقار.
7 – الإصغاء وحُسن الاستماع.
المحور الخامس: سمات لا بد أن تكون في المحاور الناجح:
إنَّ المحاور الناجح هو الذي يكون على قدْرٍ من العلم والاطِّلاع، فلا بدَّ من أن يكون على علمٍ؛ حتى يستطيع إقامة الحُجة الحقَّة على الآخر، معتمدًا على الأدلة الصحيحة، والبُعد عن الاعتماد على الأقوال التافهة البعيدة عن الصحة والحق، ولا بد أن يكون قد قام بالبحث وتوصَّل بعدها إلى القناعة المعتمدة على الدليل، بعد أن قامَ بالبحث والمقارنة والترجيح بين الأقوال الموجودة أمامنا.
ولا بد للمحاور من أن توجَد فيه سِمة فقه الحوار والكفاءة في الحوار[7]، وكذلك لا بد للمحاور من أن يكون على قدْرٍ من القدرة على إبطال الفكرة، باستخدام كلمات وعبارات جذابة وواضحة، لا لبْسَ فيها، بعيدة عن احتمال ورُود أكثر من معنًى فيها، وأن يكون قويَّ التعبير وفصيحَ اللسان، ويُحسن البَيان[8].
وهذا نستنتجه من خلال حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي قال فيه: ((إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إليّ، ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحُجته من بعض، فأقْضي له على نحوٍ مما أسْمَع منه…)) الحديث[9]، والشاهد في هذا الحديث هي كلمة “ألْحَن”، وهو الذي يُحسن التعبير، فقد يزيِّن الباطل على صورة حقٍّ، وقد شرَح هذا الحديث ابن حجر العسقلاني في “الفتح”، وعلَّق عليه قائلاً:
“ففي هذا الحديث الشريف أن التعمُّق في البلاغة – بحيث يحصل اقتدار صاحبِها على تزيين الباطل في صورة الحقِّ وعكسه – مذمومٌ، فإن المراد بقوله: أبْلَغ: أي أكثر بلاغةً، ولو كان ذلك في التوصُّل إلى الحق، لَم يُذَمَّ، وإنما يُذَمُّ من ذلك ما يتوصَّل به إلى الباطل في صورة الحق”[10].
ومن خلال هذا أيضًا نرى أنه لا بدَّ من توجيه الخطاب والحوار إلى الناس، مع مُراعاة مستوياتهم، وألاَّ نُحَدِّثهم بما يَعسُر عليهم فَهْمه.
ونلخص:
• جودة الإلقاء، وحُسن العرْض، وسلاسة العبارة.
• حسن التصوير.
• ترتيب الأفكار.
• العلم.
• الفهم مع العلم، قد تخذُل الحقَّ بضَعْف عِلْمك، أو تقتنع بالباطل لجَهْلك بالحقِّ.
• الإخلاص.
• التواضع.
المحور السادس: مثال على الحوار في القرآن:
قال – تعالى -: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأعراف: 59]، فالله – تعالى – بعَث نوحًا إلى قوْمه يدعوهم، طالبًا منهم عبادة الله وحْده، وقال – تعالى -: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ)[هود: 25 – 26].
فها هو نوح – عليه السلام – بُعِث إليهم؛ ليُنذرهم ويُرشدهم إلى عبادة الله دون سواه، وهذه هي رسالة كل الأنبياء – عليهم السلام – فما بُعِثوا في قوم إلاَّ وأرْشَدوا أقوامَهم إلى عبادته – سبحانه – وحْده لا شريكَ له، وهي توحيد الألوهيَّة، وتعريف أقوامهم لصفات الله – تعالى -وأفعاله[11].
ومِن خلال آيات القرآن الكريم التي تحدَّثت عن دعوة نوح – عليه السلام – إلى قوْمه، تجد أنه استخدم عدة أساليبَ؛ من أجْل أن يوصِّل لهم دعوته، من أجْل إقناعهم بعبادة الله وحْده، وأن يتمسَّكوا بالحقِّ دون سواه.
وقد استخَدَم – عليه السلام – عدة أساليب؛ منها: ما كان مرغبًا ومحبَّبًا ومُرهبًا، وتارة كانت دعوته سرًّا، ومرة عَلنًا، ومرة ليلاً، وأخرى نهارًا[12].
ومن أسلوب التحبُّب ما تراه في قوله – تعالى -: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)[الأعراف: 59].
فقد تحبَّب إليهم وتقرَّب إليهم؛ من أجْل أن يَقبلوا دعوته، وهذا في قوله: (يَا قَوْمِ)، ويظهر لهم رحمته ورأفته بهم في قوله: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، وهذا يدلُّنا على رحمة نوح – عليه السلام – بقوْمه، وقد رغَّبهم بقوله: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)[نوح: 10 – 12].
ونوح – عليه السلام – واجَه الملأ من قومه الذين وجَّهوا أتْباعهم لمواجهة نوح – عليه السلام – بدفْع شُبهاتهم، ولَم يرضَ بالواقع، ولَم يَخضع لتهديداتهم وتحدِّياتهم، وحارَبَهم بإيمانه بالله تعالى[13].
وهذه الآيات تبيِّن تلك المواجَهة في قوله: (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأعراف: 60 – 63]، فهذا كان ردُّ نوح – عليه السلام -.
إلا أنَّ كلمات نوح – عليه السلام – لَم تؤثِّر فيهم وفي نفوسهم، وعانَدوه قائلين: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)[هود: 32]؛ أي: إننا غير قابلين لِما تقول[14]، وبعد هذا الفساد لجَأ نوح إلى ربِّه بسبب ما لاقَاه من قومه قائلاً: (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[هود: 34].
ومعنى: (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي)؛ أي: إبلاغي واجتهادي في إيمانكم.
(إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ)؛ أي: لأنَّكم لا تَقبلوا مني نُصحًا.
(إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ)؛ أي: يُضلُّكم[15] بدعوته إلى التوحيد، والتحذير من العذاب، إن كان الله يريد إغواءَكم؛ ليُدَمركم.
(هُوَ رَبُّكُمْ)؛ أي: مالك أمركم، وإليه تُرجعون؛ أي: بعد الموت، فيُجازيكم بأعمالكم[16].
المحور السابع: قواعد لا بد مِن مراعاتها في الحوار:
1 – الاحترام بين المتحاورين.
2 – البُعد عن الاستعجال في الردِّ على الخَصم.
3 – الهدوء في الحوار.
4 – التركيز على الفكرة والموضوعية في الحوار.
5 – أن يكون هدف الحوار الوصول إلى الحقِّ.
6 – تحديد موضوع الحوار والهدف منه.
ومن أهداف تحديد موضوع واحدٍ؛ حتى لا تَكثر النقاط المُتحاوَر عليها؛ لأنه تَصعب المحاورة في هذه الحالة، كان الشافعي إذا ناظَره إنسان في مسألة، فغدا إلى غيرها، يقول: نَفرغ من هذه المسألة، ثم نَصير إلى ما تريد.
7 – مناقشة الأصول قبل مناقَشة الفروع.
8 – الاتفاق على أصل يُرجَع إليه.
كالقرآن والسُّنة في المسائل الشرعيَّة، وأقوال العلماء الذين يُحتج بهم، وغير ذلك.
9- اختيار المكان والزمان، والإنسان المناسب.
10- الموضوعيَّة[17].
فمن الموضوعية التالي:
1- تحديد الموضوع، ويقتضي ألاَّ تخرج من نقطة حتى تنتهي منها.
2- مناقشة الموضوع وليس الشخص وشخصيَّته.
3- عدم إدخال موضوع في آخر.
4- عدم استخدام الأيمان المغلَّظة.
5- تجنُّب الكذب في النقاش.
6- تجنُّب بَتْر النصوص.
7- قولك: “لا أدري”.
8- التوثيق العلمي.
المحور الثامن: آفات الحوار:
1 – رفْع الصوت.
2 – تهويل مقالة الآخر.
3 – أخذ زمام الحديث بالقوة[18].
يقول دايل كارنجي في “كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء”: “إذا كنت تريد أن ينفضَّ الناس من حولك، ويسخروا منك عندما تُوليهم ظهْرك وتتركهم، فإليك الوصفة: لا تُعطِ أحدًا فرصة للحديث، تكلَّم دون انقطاع، وإذا خطَرت لك فكرة بينما غيرك يتحدَّث، فلا تنتظر حتى يتمَّ حديثه، فهو ليس ذكيًّا مثلك، فلماذا تُضيِّع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف؟ اقتحِمْ عليه الحديث، واعترِضْ في منتصف كلامه، واطْرَح ما لديك”.
4 – الاعتداء في وصْف الآخر، لا تقل شيئًا إلا بدليل، فلا تتَّهم النيَّة مثلاً [19].
خلاصة:
1- الحوار يغلب عليه الهدوء.
2- الحوار نوع من الحديث، والنِّقاش يكون بين طرفين أو أكثر.
3- الحوار أوسع من الجدال.
4- القرآن الكريم اهتمَّ بالحوار وحرَص عليه.
5- يهدف الحوار إلى تحقيق عدة أمور.
6- من خلال الحوار نستطيع إيصال الفكرة إلى الآخرين.
7- الحوار يعلِّمنا سَعة الصدر، وقَبول الآخرين.
8- لا بدَّ أن يكون المحاور على درجة من الثقافة والعلم.
9- الحوار يقوم على قواعد وضوابط وآليات.
10- لا بد في المحاور من آداب تتخلَّله.
11- إنَّ الحوار له أصل مِن القرآن والسُّنة.
12- عدم إلغاء الطرف الآخر في الحوار.
أسأل الله – تعالى – أن يوفِّقنا لِما يحبُّه ويرضاه، وأسأله الإخلاص والسَّداد، والحمد لله ربِّ العالمين
_________
[1] ابن منظور؛ لسان العرب، مادة حور.
[2] فنون الحوار والإقناع؛ محمد الراشد.
[3] لسان العرب؛ ابن منظور، مادة جدل.
[4] الأصفهاني؛ المفردات في غريب القرآن.
[5] الميداني: عبدالرحمن حبنكة؛ فقه الدعوة إلى الله.
[6] آليات الحوار الناجح؛ د. عبدالرحمن بن سعد الداود.
[7] فنيَّات الحوار؛ منى إبراهيم اللبودي.
[8] فن الحوار؛ الحاشدي.
[9] صحيح مسلم، كتاب الأقضية.
[10] العسقلاني؛ فتح الباري، كتاب الأحكام (7181)، ج 13 ص 177.
[11] العقيدة الطحاوية، التوحيد، بتصرُّف.
[12] صلاح الخالدي؛ القَصص القرآني.
[13] صلاح الخالدي؛ القَصص القرآني، بتصرُّف، ج 1 ص 171.
[14] باختصار، برهان الدين البقاعي؛ نَظْم الدُّرر في تناسُب الآيات والسور.
[15] القرطبي، باختصار.
[16] باختصار، تفسير القاسمي: محمد جمال الدين؛ محاسن التأويل.
[17] آليات الحوار الناجح؛ د. عبدالرحمن بن سعد الداود.
[18] دايل كارنجي في “كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء”.
[19] آليات الحوار الناجح؛ د. عبدالرحمن بن سعد الداود.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *