رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن حق الحياة في الشرائع السماوية
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الشباب
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخرى لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
مما لاشك فيه أن الله عز وجل خلقَ الإنسانَ وكرّمَهُ غايةَ التكريمِ، قالَ تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70]، ونفخَ فيهِ مِن روحِه، وأسجدَ لهُ ملائكتَهُ، وبعثَ النبيينَ والمرسلينَ ليدلُّوه على الحقِّ، وأنزلَ مع الأنبياءِ والمرسلينَ الكتبَ، ووضعَ اللهُ لهُ شريعةً محكمةً تضمنُ له السعادةَ في الدنيا والآخرةِ، تلك الشريعةُ التي تضمنُ حقوقَ الإنسانِ، وفي مقدمةِ هذه الحقوقِ حقُّ الحياةِ، ولا يجوزُ لأيِّ أحدٍ أنْ يسلبَ هذا الحقَّ أو يستبيحَ حماهُ؛ لأنَّ اللهَ وحدَهُ هو واهبُ الحياةِ، وليس مِن حقِّ أيِّ أحدٍ أنْ يسلبَ هذه الحياةَ إلّا خالقهَا جلّ وعلا.
* إنَّ الشرائعَ السماويةَ أجمعتْ علي ما فيه خيرُ البشريةِ، وما يؤدِّي إلي سلامةِ النفسِ والمالِ والعقلِ والعرضِ، وقيمِ العدلِ والمساواةِ والصدقِ والأمانةِ والحلمِ والصفحِ وحفظِ العهودِ وأداءِ الأماناتِ وصلةِ الأرحامِ وحسنِ الجوارِ وبرِّ الوالدينِ وحرمةِ مالِ اليتيمِ وهي مبادىءٌ إنسانيةٌ عامةٌ لم تختلفْ عليهَا الشرائعُ السماويةُ ولم تنسخْ في أيِّ شريعةٍ منهَا، قال تعالي: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }(153)(الأنعام).فقد ذكرَ سيدُنَا عبدُاللهِ بنُ عباسٍ أنَّ هذه الآياتُ آياتٌ محكماتٌ لم تُنسخْ في أيِّ ملةٍ مِن المللِ أو شريعةٍ مِن الشرائعِ .(الكليات الست).
عبادَ الله: إنَّ اللهَ تعالي أثنَي علي بعضِ عبادِه ونسبَهُم إلي نفسِه فسمَّاهُم عبادَ الرحمن ، لاتصافِهم بعدةِ صفاتٍ منها وعلي رأسِهَا ، احترامُ حقِّ الحياةِ، قال اللهُ تعالي :{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (الفرقان68).
إنّهُم لا يدعونَ مع اللهِ إلهًا آخرَ، بل لا يدعونَ إلّا اللهَ وحدَهُ، ولا يعبدونَ إلّا اللهَ وحدَهُ، ولا يستعينونَ إلّا باللهِ وحدَهُ، شعارُهُم :{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }(5)(الفاتحة).
بهذا حافظُوا علي الهدفِ الأولِّ مِن إرسالِ الرسلِ إلي الخلقِ، وهو إصلاحُ العقيدةِ، ولكنّ الرسلَ لم يأتُوا لهذا فقط ولم تنزلْ الشرائعُ السماويةُ لحفظِ العقيدةِ فقط، ولكنْ جاءتْ لحفظِ الدماءِ والأنفسِ أيضًا فعلينَا أنْ نقتدِيَ بهذه الفئةِ المباركةِ لننالَ هذا الشرفَ العظيمَ.
إنّ الاعتداءَ علي حقِّ الإنسانِ في الحياةِ جريمةٌ قديمةٌ قِدَمَ البشريةِ، فمِن قديمِ الزمانِ سولتْ النفسُ الأمارةُ بالسوءِ للناسِ أنْ يقتلَ بعضُهُم بعضًا، مِن أجلِ دنيَا تافهةٍ، أو مِن أجلِ غضبٍ طاريءٍ وفهمٍ خاطيءٍ، أو مِن أجلِ حسدٍ وكراهيةٍ، منذُ كانَ الناسُ أسرةً واحدةً حدثتْ هذه الجريمةُ، وهي قتلُ قابيل لأخيهِ هابيل كما ذكرَ اللهُ في كتاب.كه .
قال اللهُ تعالي :{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }(31)(المائدة).
هذا مِن قديمِ الزمانِ، فظُلمُ الإنسانِ لأخيهِ الإنسانِ قديمٌ، وأيُّ ظلمٍ أكبرُ مِن الاعتداءِ علي حقِّ الحياةِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ»(صحيح البخاري). أي جعلَهُ طريقةً متبعةً وسيرةً سيئةً، ولم يقتلْ قبلَهُ أحدٌ أحدًا، كما أنَّ مَن سنَّ سنةً حسنةً فلهُ أجرُهُا وأجرُ مَن يعملُ بهَا إلى يومِ القيامةِ، ومَن سنَّ سنةً سيئةً فعليهِ وزرُهَا ووزرُ مَن عملَ بها إلى يومِ القيامةِ.(فيض القدير).
إنَّ الإسلامَ وجميعَ الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ، أعطوا لكلِّ إنسانٍ حقَّ الحياةِ وهو حقٌّ مقدسٌ وله أنْ يتمتعَ بهذا الحقِّ، ولا يحلُّ لأحدٍ انتهاكَ هذا الحقِّ ولا أنّ يستبيحَ حمَاه..
إنَّ الإسلامَ نهَي عن التعدِّي علي حقِّ الحياةِ للإنسانِ، بل نهَي الإسلامُ عن التعدِّي علي حقِّ الحياةِ للحيوانِ فلا تقتلْهُ بلا غرضٍ صحيحٍ، وكذلك لا تذبحْهُ إلّا لتأكلَهُ، أمًّا أنْ تتخذَهُ غرضًا أو تحبسَهُ بلا طعامٍ ولا شرابٍ فهذا تعدِّي نهَي الإسلامُ عنهُ.
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»(سنن ابن ماجة).
ويقولُ اللهُ تعالَي في كتابِه عن قصةِ سليمانَ عليه السلامُ مع النملةِ: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (النمل:18).
فإنَّ سليمانَ لو شعرَ بالنملةِ وبأمةِ النملِ ما داسَهَا؛ لذلك قالتْ النملةٌ: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (النمل:18) فكم مِن رجلٍ آتاهُ اللهُ قوةً فاستغلَّ قوتَهُ في البطشِ والتعدِّي على مَن لا ينبغِي لهُ أنْ يتعدَّى عليهم، إنَّ النملةَ لها حقُّ الحياةِ، فلا ينبغِي أنْ يصادرَ حقّهَا في الحياةِ أبدًا.
وعَبْدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه ِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا». وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟» قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ»(سنن أبي داود).
مضى النبيُّ ﷺ لحاجتهِ فوجدَ الصحابةَ حمرةً، وهي نوعٌ مِن الطيور، معها ولداهَا، فأخذُوا ولديهَا، فجعلتْ تعرشُ، يعني تحومُ حولَهُم، كما هو العادةُ أنّ الطائرَ إذا أُخذَ أولادُهُ جعلَ يعرضُ ويحومُ ويصيحُ لفقدِ أولادِه، لأنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى جعلَ في قلوبِ البهائمِ رحمةً لأولادِهَا، حتى أنَّ البهيمةَ لترفعُ حافرَهَا عن ولدِهَا خشيةَ أنْ تصيبَهُ، وهذا مِن حكمةِ اللهِ عزّ وجلّ، فأمرَ النبيُّ ﷺ أنْ يطلقَ ولديهَا لها، فأطلقُوا ولديهَا، ثم مرَّ بقريةِ نملٍ (أي مجتمعِ النملِ في جحورِهَا) قد أُحرقتْ فقال: مَن أحرقَ هذا؟ قالوا: نحن يا رسولَ اللهِ.
أحرقُوهَا بالنارِ، فقالَ النبيُّ ﷺ: إنَّه لا ينبغِي أنْ يعذبَ، بالنارِ إلّا ربُّ النارِ فنهَى عن ذلك.(شرح رياض الصالحين ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا.(صحيح مسلم).
ورأي ابنُ عمرَ مَن يخالفُ أمرَ رسولِ اللهِ ﷺ فنهاهُم وأخبرهُم أنّ فاعلَ هذا ملعونٌ مِن رسولِ اللهِ ﷺ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «مَنْ فَعَلَ هَذَا لَعَنِ اللهُ، مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا»(صحيح مسلم).
وعن هِشَامَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ جَدِّي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَارَ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، قَالَ: فَقَالَ أَنَسٌ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ»(صحيح مسلم).
(الصبر) قال العلماءُ: صبرُ البهائمِ أنْ تحبسَ وهي حيةٌ لتقتلَ بالرمِي ونحوِه.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، سَأَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «حَقُّهَا أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا»(سنن النسائي).
إذا كان هذا حقُّ الحياةِ قد تكفلَ اللهُ بهِ للحيوانِ، فما بالُنَا بالإنسانِ لقد سدَّ النبيُّ ﷺ كلَّ الطرقِ والأبوابِ التي تؤدِّي إلي سفكِ الدماءِ، ولو كان السفكُ دونَ القتلِ كذلك لوكان الأمرُ محتملًا وليس واقعًا في الحقيقةِ، كلُّ ذلك خشيةَ أنْ يقعَ الإصابةُ بمكروهٍ، ولعلَّ الشيطانُ يُعينُهُ، وينزعُ في يدهِ، فيقعُ المحذورُ، ويَقتربُ منهُ.
فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ»(صحيح البخاري).
وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أيضًا أنَّ النبيَّ ﷺ قال : «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ»(صحيح مسلم).
(لأبيه وأمه) فيه تأكيدٌ لحرمةِ المسلمِ والنهيُ الشديدُ عن ترويعِه، وتخويفِه والتعرضِ له بما قد يؤذِيه، وقولُهُ ﷺ وإنْ كان أخاهُ لأبيهِ وأمهِ مبالغةٌ في إيضاحِ عمومِ النهيِ في كلِّ أحدٍ، سواء مَن يتهمُ فيه، ومَن لا يتهمُ، وسواءٌ كان هذا هزلًا ولعبًا أم لا، لأنَّ ترويعَ المسلمِ حرامٌ بكلِّ حالٍ، ولأنّهُ قد يسبقُهُ السلاحُ، ولعنُ الملائكةِ لهُ يدلُّ على أنَّهُ حرامٌ .(شرح مسلم للنووي).
وعَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا»(سنن أبي داود).
لأنَّه إذا كان مسلولًا لا يؤمنُ أنْ يحصلَ عن طريقِ الخطأِ أنْ يُجرحَ أحدهُمَا أو يُسقطَ على رجلِهِ ما دامَ أنَّه مسلولٌ، ولكنَّهُ إذا كان مُغمدًا يؤمنُ مِن وراءِ أنْ يباشرَ حدُّهُ الأجسامَ، فيتعاطَى السيفُ مغمدًا بحيثُ إنَّهُ لو مسّ بشرَه لا يؤثرُ فيهِ.( شرح سنن أبي داود).
ومَرَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى قَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مجْلِسِ يَسُلُّونَ سَيْفًا بَيْنَهُمْ ، يَتَعَاطَوْنَهُ بَيْنَهُمْ غَيْرَ مَغْمُودٍ، فَقَالَ: ” لَعَنَ اللهُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، أَوَ لَمْ أَزْجُرْكُمْ عَنْ هَذَا؟ فَإِذَا سَلَلْتُمُ السَّيْفَ، فَلْيَغْمِدْهُ الرَّجُلُ، ثُمَّ لِيُعْطِهِ كَذَلِكَ ” (مسند أحمد).
اللهُمَّ اعنَّا علي ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ، ربَّنَا هبْ لنَا مِن لدنكَ رحمةً إنّك أنت الوهاب، ربَّنَا آتِنَا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنَا عذَابَ النار، ربَّنَا اغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولِجميعِ المسلمينَ، اللهُمّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين
اترك تعليقاً