رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإمام أبو حنيفة النعمان والشعر

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإمام أبو حنيفة النعمان والشعر
بقلم \  المفكر العربي خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
نُسِبَ في بعض الكتب الحديثة التي تتناولُ موضوع التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الإمام أبي حنيفة (70- 150هـ) قصيدةٌ، فيها هذه الأبيات:
يا سيّد السادات جئتك قاصدًا
أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
والله يا خيرَ الخلائق إن لي
قلبًا مشوقًا لا يرومُ سواكا
ووحقِّ جاهك إنني بك مغرمٌ
والله يعلم أنني أهواكا
أنتَ الذي لولاك ما خلق امرؤ
كلا ولا خلِق الورى لولاكا
أنتَ الذي من نورِك البدرُ اكتسى
والشمس مشرقةٌ بنور بهاكا
أنتَ الذي لمّا رُفعت إلى السما
بك قد سمتْ وتزينتْ لسراكا
وقد استغربتُ هذه النسبة، ولغة القصيدة لا تشبه لغة القرن الثاني، ورجعتُ إلى عددٍ من تراجمه، فلم أجد فيها أنه قالَ شعراً، ومن الكتب التي راجعتُها:
1- أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري (ت: 436هـ)[1].
2- الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر (ت: 463هـ).
3- وفيات الأعيان لابن خلكان (ت:681هـ)، (5/ 405).
4- تاريخ الإسلام للذهبي (ت:748هـ) (3/ 990).
5- سير أعلام النبلاء له (6/ 390).
6- البداية والنهاية لابن كثير (ت:774هـ)، (10/ 137).
7- الجواهر المضية في طبقات الحنيفة لعبد القادر القرشي (ت: 775هـ) (1/ 26)[2].
والقرشي أول مَنْ صنَّف في طبقات الحنفية.
وكان معتنياً بترجمة الإمام، وله عنه كتابٌ كبيرٌ مفردٌ سمّاه: “البستان في مناقب إمامنا النعمان”، وقد أشارَ إليه في ” الجواهر المضية”.
8- الخيرات الحسان في مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان لابن حجر الهيتمي (ت: 973هـ)[3].
9- سلم الوصول إلى طبقات الفحول للحاج خليفة (ت:1067هـ)، (3/ 372).
10- الأعلام للزركلي (ت: 1396هـ)، (8/ 36).
♦ ♦ ♦ ♦
• وقد ذكر ابنُ حجر الهيتمي أنّه تمثَّل بالشعر، ففي “الخيرات الحسان” ص 63:
” وأجاب في مسألةٍ، فقيل له: لا يَزالُ هذا المصر – أي الكوفة – بخيرٍ ما أبقاك الله تعالى فيه. فقال:
خلت الديارُ فسدتُ غيرَ مسوَّدِ
ومن العناء تفرُّدي بالسُّؤددِ”
• وفيه -أي “الخيرات الحسان”-ص73:
” قال ابنُ عبدالبر: كان أبو حنيفة يُحْسَدُ، ويُنسَبُ إليه ما ليس فيه، ويُختلقُ عليه مالا يليق به. وقد أقبل عليه وكيعٌ فرآه مطرقاً مفكِّراً، فقال له: من أين؟ فقال: من عند شريك. فأنشأ يقول:
إن يحسدوني فإني غير لائمهمْ
قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسِدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهمُ
وماتَ أكثرُنا غيظًا بما يجدُ”[4].
والبيت الأول (خلت الديار) لحارثة بن بدر الغُداني التابعي[5].
والبيتان الآخران منسوبان إلى خمسة شعراء، وهم الكميت بن معروف الأسدي، ومحمد بن عبيدالله العرزمي، ولبيد بن عطارد، وبشار بن برد، وأبو تمام[6]، ولعل الراجح أنهما لمحمد بن عبيدالله العرزمي (ت:155هـ).
♦ ♦ ♦ ♦
وبعدُ:
فقد كنت سألتُ الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة – رحمه الله – عن القصيدة المشار إليها في أول هذ المقال، فقال: (لا تصح. وهو غير مُسْتَبْعَدٍ عليه نظمُ الشعر، ولكنه لم يُعْرَفْ عنه أنّه قاله).
ثم رأيتُها ضمن قصيدةٍ نسبها الأبشيهي (ت:852هـ) لنفسه في كتابه “المستطرف” (1/ 491-493)[7].
♦ ♦ ♦ ♦
ومن المُستغرب قولُ تقي الدين التميمي الغزي (المتوفى سنة 1010هـ) في “الطبقات السنية في تراجم الحنفية”:
(وأما ما يُنسب إلى أبي حنيفة من الشعر فكثيرٌ، منه قوله:
إن يحسُدُوني فإنِّي غيْرُ لاَئمهمْ…
البيتين السابقين[8].
ومنه قوله -وقد اتفق له مع شيطان الطاق في الحمّام لما رآه الإمامُ مكشوفَ العورة، ونهاه عن ذلك، ما هو مشهور-، وهو:
أقول وفي قولي بلاغٌ وحِكمةٌ
وما قلتُ قَوْلاً جئتُ فيه بمُنكَرِ
ألا يا عباد الله خَافُوا إلهَكمْ
فلا تدخلوا الحمَّامَ إلاَّ بمِئزرِ
وأما ما كان يتمثل به أبو حنيفة من الشعر، وما مُدح به رضي الله تعالى عنه من النظم، فكثيرٌ لا يدخل تحت الحصر)!
♦ ♦ ♦ ♦
قلت: والذي وجدتُهُ منسوبًا إلى أبي حنيفة ما ذكره الإمامُ الرافعي (ت: 623هـ) في “الأمالي الشارحة” في المجلس (28) إذ قال:
(يُذكر أن أبا حنيفة أنشد لنفسه:
مَنْ طلبَ العلمَ للمعادِ
فاز بفضلٍ من الرشادِ
فيا لخسران طالبيهِ
لنيلِ فضلٍ من العبادِ
وأنه كان يُنشِدُ كثيرًا:
كفى حزنًا ألّا حياةَ هنيئةٌ
ولا عملٌ يرضى به اللهُ صالحُ).
♦ ♦ ♦ ♦
وجاء في “تنوير بصائر المقلدين في مناقب الأئمة المجتهدين” للكرمي (ت:1033هـ) ص92:
(قال محمد بن الحسن: إن أبا حنيفة قال لعيسى بن موسى أمير الكوفة:
كسرةُ خبز وقعب ماء
وفردُ ثوبٍ مع السلامهْ
خيرٌ من العيش في نعيمٍ
يكونُ مِنْ بعده ندامهْ
ومن كلامهِ أيضًا:
ومن المروءة للفتى
ما عاش دارٌ فاخِرهْ
فاشكرْ إذا أوتيتَها
واعملْ لدارِ الآخِرهْ).
ويجبُ التثبتُ من نسبة هذه الأبيات إليه.
وليت القراء يتابعون البحث في تراجم الإمام أبي حنيفة، لاسيما تراجمه المفردة ككتاب الصالحي والسيوطي، وغيرهما.
________________________________________
[1] دار الكتاب العربي، بيروت، ط،، 1986م.
[2] دائرة المعارف النظامية، الهند، 1332هـ.
[3] المطبعة الخيرية، مصر، 1304هـ.
[4] والخبر في “تاريخ بغداد” (13/ 367) وغيره، ولم أجده في “الانتقاء”.
[5] وقد جمَعَ شعرَه الدكتور حاتم الضامن في كتاب، واستنزله عنه الدكتور نوري حمودي القيسي، وأخذه ونشرَهَ في كتابه ” شعراء أمويون”. (بغداد 1396هـ-1976م).
[6] نُسِبا إليه في “غرر الخصائص الواضحة”، ولكن ذكرهما أبو تمام في “الحماسة”، ولم ينسبهما إلى نفسه، فنسبتهما إليه لا تصح.
[7] وقد جاء فيها:
(أنا طامع في الجود منك ولم يكن
لابن الخطيب من الأنام سواكا)
وغيَّر بعضُ الناس قوله: (لابن الخطيب من) فجعله: (لأبي حنيفة في)!!
[8] والصحيح أنَّ الإمام تمثل بهما وليسا له.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *