رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الوقاية من الأمراض من منظور الإسلام
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الوقاية من الأمراض من منظور الإسلام
بقلم \ المفكرالعربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه ان عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم؛ ذلك أن الإسلام كما قلنا مرارًا: يبني أحكامه على الواقع، والواقع أنه لا عِلم إلا بالصحة، ولا مال إلا بالصحة، ولا عمل إلا بالصحة، ولا جهاد إلا بالصحة، والصحة رأس مال الإنسان، وأساس خيره وهناءَته، ومن هنا عرَض القرآن الكريم للمرض، وكان له – في تشريعه الذي يعالج به القلوب – أعظم إيحاءٍ وأوضح إشارة إلى اتخاذ وسائل الصحة البدنيَّة والوقاية الصحية.
وإذا كانت أصول الطب التي وصل إليها الإنسان بتجاربه، تدور حول حِفظ القوة وعدم مضاعفة المرض، والحِمْيَة من المُؤذيات، واستفراغ المواد الفاسدة من البدن – فإنا نجد في القرآن وفي إرشادات النبي – صلى الله عليه وسلم – إشارات واضحة إلى كثيرٍ من الجزئيات والأمثلة التي تمثِّل هذه الأصول الطبية.
وأول ما نجد من ذلك أن الإسلام يُبيح للمسافر أن يفطر في رمضان؛ حتى لا تجتمع مشقَّة السفر مع مجهود الصوم، فتَضعُف القوة، وتُفقَد المناعة، وكذلك يُبيح للمريض أن يُفطر؛ حتى لا يزداد مرضه بالصوم وعدم الغذاء، ويُبيح لمن خاف المرض، وتأخُّرَ البُرءِ باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل – أن يتَيَمَّم، وهذا كله من قَبيل الحِمْيَة عما يُؤذي، ومن هذا القبيل تحريم الخمر والخنزير، والإسراف في الأكل والشرب، وما إلى ذلك من كل ما يَضرُّ ويؤذي.
وأباح للمُحرم إذا طرأ عليه مرضٌ، أو وجد برأسه أذًى – أن يَحلق رأسه، ويُزيل شَعثه مع تمام إحرامه، فتَزول الأبخرة المُؤذية، وهذا من قبيل استفراغ المواد الفاسدة، وقد جاءت آية كريمة تشير إلى الحِمْية من الأذى، وهي قوله – تعالى -: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ [البقرة: 222].
قرَّرت الآية أن دمَ الحيض أذًى ضارٌّ، وهكذا قرَّر الأطباء، قالوا: إن وقت الحيض أنسبُ وقتٍ لانتشار العدوى في الجهاز التناسلي، بسبب ما يُحدثه من الالتهابات التي من طبيعتها تقوية الجراثيم المرضية وإكثارها، وأن دم الحيض يُضعف درجة الحموضة التي تُقاوم الجراثيم، وأن الالتهاب الذي يُحدثه الحيض يقتل الحياة في مادة التناسُل؛ إذ لا تجد وقت الحيض مكانًا صالحًا للاستقرار فيه.
هذا، وقد كانت الإرشادات النبوية واضحة جليَّة في العلاج والوقاية؛ جاء فيها الأمر بالتداوي، وجاء فيها التحذير من العدوى، وجاء الأمر بعزْل المرضى عن الأصِحَّاء؛ ((إذا سمِعتم بالطاعون بأرضٍ، فلا تدخلوها، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم فيها، فلا تَخرجوا منها)).
ويُشير الحديث إلى وقت حضانة المرض المعروف في لسان الأطباء: “وفِرَّ من المجذوم كما تَفِر من الأسد”، وجاء فيها النهي عن قضاء الحاجة من بولٍ أو براز في الماء الذي يستعمله الناس في وضوئهم واغتسالهم، وسائر شؤونهم، وفي طريقهم الذي فيه يمشون، وفي ظلِّهم الذي به يستظِلون، وموارد مياههم التي عليها يجلسون، ومن ذلك شواطئ الترع والقنوات والأنهار؛ ((اتَّقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل)).
وأطلَق الرسول عليها الملاعن؛ لأنها تُسبب لعْن الناس لمن يَفعلها، وقد ثبَت طبيًّا أن هذا الصنيع مع قذارته وتقزُّز النفوس منه، يولِّد أمراضًا وبائيَّة، كما يولِّد أمراض الإنكلستوما، والدوسنطاريا، وهذا هو السر في كثرة المصابين بهذين المرضين من أبناء الريف الذي لا يتحرَّز أهله عن هذا الصنيع، وإني أعتقد أنهم إذا عرَفوا أنه مما يغضب الله ويُسخطه عليهم، ويستوجب اللعن والطرد من رحمة الله – لَما فعلوه، ولَما سكتوا عمن يَفعله.
وجاء أيضًا في الإرشادات النبوية التحذير من ترْك أواني الطعام والشراب مكشوفة؛ ((أطْفِئوا المصابيح بالليل إذا رقَدتم، وأغلِقوا الأبواب، وأوْكِئوا الأَسْقِية، وخمِّروا الطعام والشراب))؛ أي: غطُّوا الطعام واربطوا قِرَب الماء؛ وذلك حفظًا للطعام والشراب من سقوط الحشرات المُؤذية التي تُولِّد جراثيم المرض، وهذا كله من باب الوقاية والتحفُّظ من الأمراض وأسبابها.
وإذا كانت الوقاية – كما يقولون – خيرًا من العلاج، فإن الإسلام ضمَّن العبادات التي أمَر بها – تقرُّبًا إلى الله – كثيرًا من أنواع الوقاية التي تَحفظ الإنسان – إذا داوَم عليها وأدَّاها حقَّها – من التعرُّض للإصابات الجوية بسبب الأتربة والحرارة.
ومن ذلك:
أمَر في الوضوء للصلوات الخمس بغسْل الوجه والأطراف، الأيدي والأرجُل، وبمسْح الأُذنين، كما طلب السواك والمَضمضة والاستنشاق؛ حفظًا للفم والأنف والأسنان، ومن كلامه في السواك: ((ما لكم تدخلون عليَّ قُلْحًا، استاكُوا))، يريد تبكيتَهم على دخولهم عليه وأسنانهم مُصْفَرَّة، تَنبعث منها الرائحة، وفي السواك أيضًا يقول: ((لولا أن أشقَّ على أُمتي، لأمرتُهم بالسواك مع كل صلاة))، وكلنا يعرف شدَّة حِرص الأطباء وكثرة وصاياهم على تنظيف الأسنان التي تُولِّد قذارتها أنواعًا من الأمراض في كثير من الأجهزة.
هذه بعض الإرشادات التي جاء بها الإسلام قرآنًا وسُنة في المحافظة على الصحة وعلاج الأمراض البدنية، وقد أثبت الطب صحتها وعِظَم نتائجها في الوقاية وحِفظ الصحة، وقد جاءت هذه الإرشادات بجانب الإرشادات الأخرى التي رسَمها الإسلام لعلاج القلوب ووقايتها من أمراضها؛ كالشهوة والغضب والحقد، وما إليها، مما يُفسد على الناس مجتمعهم، وبهذه وتلك إذا ترسَّمها الإنسان، سلِم في قلبه وعقله، وفي صحته وبدنه، فتَسلَم له أداة التفكير والنظر في معرفة الحق، وتَسلَم له آلات العمل في تنظيم الحياة وعمارة الكون، كما يحب الله ويرضى، وبذلك تكتمل له سعادة الدنيا والآخرة.
عَود على بَدء
تلخَّص لنا مما سبق المبادئ الآتية:
أن الإسلام نحَّى الجنسية والإقليمية، والمذهبية الخاصة ونحوها – عن الاعتبارات البشرية عن مكانة الأساس الأول للجماعة الإنسانية، وجعل الأساس في بنائها شيئًا واحدًا هو الاعتصام بمبدأ الخير العام، والرحمة الواسعة، والعدل المطلق، ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 2 – 3].
هذا المبدأ الذي يدركه الإنسان بفِطرته، ويناجيه في خَلْوته، ويَفزَع إليه عند مُصابه، هذا المبدأ الذي تَشعر الفطرة بأن نسبة الناس إليه على حدٍّ سواء، وأنه لا يُرضيه منهم مهما اختلفَت طبقاتهم، وتبايَنت مراكزهم، إلا معرفة الحق والإيمان به، وإلا معرفة الخير وإقراره بين الناس؛ ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]، ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [البقرة: 138]، ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3].
وأن الإسلام أوصَد على الإنسان في هذه الحياة أبواب التبتُّل والزهد، والانقطاع عن الدنيا إلى العبادة الفردية، وأباح له التمتُّع بطيِّبات المأكل والمشرب والملبس، وما إليها؛ ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32]، ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 93].
وأن الإسلام طالَب الإنسان بالعمل، وحذَّره البطالة والكسل، وإراقة ماء الوجه بالسؤال، ولا نكاد نجد آية في القرآن تَذكر الإيمان إلا وتَعطف عليه عملَ الصالحات؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 277][1]، ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].
ولقد طلَب العمل والسعي في تحصيل الرزق والمعاش حتى وقت أداء عبادة الحج؛ ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَام ﴾ [الحج: 27 – 28].
وليست “الصالحات” – التي يحثُّ الله على عملها، ويَقرِن الإيمان بها – هي نصوصَ الصلاة والصوم والتسبيح والتهليل، وما إليها من العبادات الشخصية، التي لا يتعدَّى نفْعها إلى غير العامل، وإنما المراد بها كل ما يُصلح به المرء نفسَه وأُسرته وأُمته، فهي من الصلاح لا بمعنى “التقوى والتعبُّد” كما يَفهمها كثير من الناس، وإنما هي من الصلاح الذي يقابل الفساد، ومنه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: 220]، ومنه: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا ﴾ [البقرة: 160]، ومنه: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35].
ولولا ما دخل على كلمات القرآن العامة من التأويل الخاص لطائفةٍ من الناس نظرَت إلى الحياة بمنظار ضيِّق، واعتبرَت ما أدرَكته بهذا المِنظار مرادَ الله من الإنسان في الحياة، لولا ذلك لَمَا كنت في حاجة إلى التنبيه عليه، بل لَمَا كنتُ في حاجة إلى الكتابة في هذا الموضوع رأسًا.
وأن الإسلام حينما حثَّ الإنسان على العمل، وحرَّضه على تحصيل الأموال ومُتَع الحياة الطيِّبة – لم يترك الكون مغلقًا أمامه، بل قلب له صفحاته بآياته، وكشَف له غطاءَه، وأغراه بما فيه من أسرار، وبما سخَّره له وأخضَعه لسُلطانه.
أغراه بأصول الثروات التي يَحصل عليها لو عمِل لها، أغراه بالثروة الحيوانية والنباتية والمائية والجِبلَّية، أغراه بأن سخَّر له هذا الكون؛ ليَخوض غِماره، ويحصل على كنوزه، ويَظفَر بخير هذه الثروات، ولكن أتُرى الإسلام أغرى الإنسان هكذا بالحياة ومُتَعها، وترَكه يُولِّي وجهه شَطرها فقط، ويَحصر فيها تفكيره، فيتلهَّى بها عن تقْوِية الجانب الرُّوحي الذي يَربطه في تفكيره وأعماله بمبدأ الخير العام والرحمة الواسعة، الذي لا يُرضيه إلا الاعتصام ومراقبته واستشعار عظَمته، وتوخِّي ما رسم في الحياة؟!
وجواب هذا ما رأيته من قبلُ، وهو أن الإسلام مع هذا الإغراء وهذا الإعداد، احتاطَ لخير الإنسان، وقطَع عليه مسالك الطُّغيان في الانهماك والتكالُب على الدنيا، بما يُفوِّت عليه سعادة الروح بالمادية الجَشِعة التي تقتل في النفوس رُوح الشعور بمكانة التعاون وتبادُل المنافع، وتَغرِس فيها الشُّح، وتُنمي عوامل العداوة والبغضاء، وتَصُد عن ذِكر الله وعظَمته؛ ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 – 8].
وأن الإسلام قدَّر – كما هو الواقع – أن حصول الإنسان على خير هذه الحياة بالمبادئ التي رسَمها، ولا يمكن أن يكون إلا بإعمال العقل والتفكير فيما سخَّر له من مواد هذا الكون، فدعاه إلى النظر في ملكوت السموات والأرض؛ ليَعلم وينتفع، ومن هنا نوَّه القرآن بفضْل العقل، ومكانة العلم، وجعَل المحافظة على العقل من الضروريَّات الدينية الأولى، وحرَّم تناوُل ما يُفسده أو يُضعفه، وحقَّر في كثيرٍ من الآيات هؤلاء الذين أسلموا أنفسهم للأوهام والخُرافات، وأهملوا عقولهم، وسلَبوا أنفسهم حقَّها الطبيعي في الفكر والنظر؛ ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].
وفي سبيل الاحتفاظ بفائدة العقل، رفَع من شأن العلم والعلماء؛ ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].
وليس العلماء – كما جاء في التأويل الفاسد – هم أهل الفُتيا بالمسائل الفقهية في الحِل والحُرمة فقط، وإنما العلماء هم الذين يعلمون أحكام الله وشرائعه على وجهها الصحيح، والذين يعلمون أسرار الكون وخواصَّ أنواعه وعناصره، فيَستدلون بما يعلمون على عظَمة الخالق في علمه وقُدرته وحِكمته؛ ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ﴾ [سبأ: 6].
وفي سبيل الاحتفاظ بفائدة العقل، ذَمَّ التقليد وتَوارُثَ العقائد والآراء عن الآباء والأجداد، دون نظرٍ واستدلال.
قدَّر الإسلام – كما هو الواقع – أن الإنسان لا يُمكن أن ينتفع بهذه المبادئ ويُلبي في حياته نداءَها، إلا إذا تحسَّن بالصحة، فأمر بالوقاية والعلاج؛ حتى يَسْلَم جسمه، فيَسْلَم عقله، وتقْوَى جوارحه.
بهذه المبادئ التي مصدرها القرآن، رسَم الإسلام خطوط الحياة الفاضلة للإنسان الذي يتكوَّن المجتمع المثالي من أفراده.
فعلى القائمين بشؤون التربية والتعليم، أن يسلكوا إليها سُبلها، وأن يَصوغوا على مقتضاها أبناءَنا، الذين هم عُدتنا في بناء المجتمع الذي عليه يعملون، وله يترقَّبون.
[1] وهي مكرَّرة في القرآن.