رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإرهاب فى القانون الدولى
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإرهاب فى القانون الدولى
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن ظاهرة الإرهاب , أخذت تشمل المجتمع الدولي كله . والفعل الإرهابي الواحد يمكن أن يشارك في تنفيذه أشخاص من جنسية معينة أو جنسيات متعددة ومختلفة بينما يكون ضحاياه من دول أخرى , أما مكان ارتكابه فقد يكون إقليم دولة ثالثة ( أو عدة دول) .فحوادث اختطاف الطائرات واحتجاز ركابها كرهائن وهم ينتمون إلى جنسيات مختلفة , تمتد آثار فعلها إلى عدة دول ويترتب على ذلك أثار قانونية محلية ودولية . وادى انتشار ظاهرة الإرهاب في المجتمع الدولي كله , واستحضار الأفعال الإرهابية وتنفيذها في دول مختلفة إلى شيوع مصطلح ( الإرهاب الدولي lnternational terrorism) .
أن تحديد الإرهاب الدولي أكثر صعوبة من تحديد مفهوم الإرهاب العادي . فالتعنف هو ظاهرة مشتركة بين أفعال الإرهاب الدولي وبين الأنشطة التي تمارسها حركات التحرر الوطني وحركات التحرر من الاحتلال الأجنبي ومناهضة العنصرية . ورغم أن تلك الأفعال وهذه الأنشطة ليست من طبيعة واحدة , ألا أن الكثير من الطروحات , خاصة الغربية , لاتميز بين هذين النوعين , مما يؤدي إلى خلط في ممارستها في دوافع كل منها , وبالتالي تؤدي إلى تباين على موقف متميز حيال كل منهما . وعليه لابد من دراسة مفهوم الإرهاب الدولي في جوانبه السياسية والإجتماعية والقانونية بهدف تحديد المفهوم الدقيق للإرهاب الدولي تميزه عن غيره من النشاطات الأخرى التي تشترك معه في بعض المظاهر , ألا أنها تختلف عنه في الأهداف , وفي بعض الوسائل والنتائج , وخاصة وأن مفهوم الإرهاب سواء الداخلي والخارجي ظل عصياً عن التعريف من قبل المنظمة الدولية , بسبب تدخل الولايات المتحدة التي تصر على تحريم جميع أنواع الإرهاب مهما كانت ومن أية جهة يصدر , وبغض النظر عن الهدف التي تكمن وراءه .
الإرهاب الدولي في التشريعات الدولية والإقليمية
يعتبر الإرهاب الدولي جريمة من الجرائم الدولية . والجرائم الدولية في ظل القانون الدولي هي جرائم يحق لكل دولة أن تمارس إزائها اختصاصا جنائياً بغض النظر عن جنسية مرتكبيها أو ضحيتها أو مكان ارتكابها. وهناك عدد من الاتفاقات الدولية التي تلزم أطرافها من الدول بممارسة هذا الاختصاص مثل أتفاق طوكيو 1963 الخاص بالجرائم والأفعال الأخرى التي ترتكب على متن الطائرات , واتفاق لاهاي 1970 لقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات , واتفاق موتنريال 1917 لقمع جرائم الاعتداء على سلامة الطيران , والاتفاق الدولي لمناهضة ارتهان الأشخاص 1979. ويعد الإرهاب في الفقه الدولي , هو كل اعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة , مخالف لأحكام القانون الدولي , وعليه يعد الفعل إرهابا دولياً وجريمة , سواء قام به فرد أو جماعة أو دولة(4).ويعود اهتمام المجتمع الدولي بمشكلة الإرهاب إلى عام 1934حين تقدمت فرنسا بطلب إلى سكرتير عصبة الأمم , ودعت فيه إلى أتفاق دولي لمعاقبة الجرائم التي ترتكب بغرض الإرهاب السياسي أثر مقتل الملك الكسندر الأول ملك يوغسلافيا ومعه وزير خارجية فرنسا ( لوس باروتو) في 1934,وفر الجناة إلى إيطاليا ورفضت الأخيرة تسليمهم بحجة أنهما أرتكبا جريمة سياسية . ووضعت اللجنة التي شكلتها عصبة الأمم لدراسة قواعد القانون الدولي المتعلقة بالعقاب عن النشاط الإرهابي في عام 1935مشروع معاهدة للعقاب عن الإرهاب. وعقدت أتفاقية عام 1937حرمت الإرهاب ونصت أن الأفعال الإرهابية تشمل الأفعال الإجرامية الموجهة ضد دولة عندما تكون هدفها أحداث رعب لدى أشخاص أو جماعات معينة أو لدى الجمهور .. وتشمل الأفعال العمدية الموجهة إلى حياة رؤساء الدول وسلامتهم . . والأفعال الموجهة ضد دولة وسلامتها . . والأفعال الموجهة ضد الأشخاص القائمين بوظائف أو خدمات عامة , كما تشمل التخريب العمدي وإلحاق الضرر بالأموال العامة . إذ يتوفر فيها شرط الركن المادي للإرهاب
التمييز بين الإرهاب وغيره من النشاطات الأخرى المشابهة
الإرهاب والعنف السياسي
. هناك خلط بين الإرهاب والعنف السياسي بسبب التقارب الشديد القائم بينهما ، فكلاهما يرمي إلى تحقيق أهداف وغايات سياسية ويمارسها بصورة منظمة لتحقيق تلك الأهداف من خلال استخدام القوة أو التهديد باستخدامها . وعلى الرغم من هذا التداخل توجد فوارق دقيقة بين المفهومين . فالعمليات الإرهابية غالباً ما تهدف إلى تحويل الأنظار إلى قضية تهم الإرهابيين , بينما يسعى القائمون بالعنف السياسي إلى تحقيق أهداف مغايرة ليست بالضرورة إثارة الرأي العام وجلب انتباهه. وتكون أهداف العنف السياسي اكثر ضيقاً وتحديداً وتسعى إلى هدف مباشر , فالإرهاب يتعدى الهدف المباشر الذي وقع عليه الإرهاب بنية توجبه رسالة أو الإيحاء إلى طرف أخر لتحذره من أتخاذ قرارا أو الرضوخ إلى مطاليب الإرهابيين أذاً الاختلاف الجوهري بين العنف السياسي والإرهاب هو في كون الأول وسيلة أو أداة , بينما الإرهاب هو ناتج العنف . فأغتيال شخصيات سياسية أو أجتماعية مهمة هو نوع من العنف إذا كان بسبب هدف سياسي واضح أو لمجرد التخلص من شخصية غير مرغوب فيه ، في حين يكون إرهاباً إذا كان قصد الأغتيال زرع الذعر والرعب في نفوس القياديين السياسيين أو إثارة وضع من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي .
الارهاب والعدوان
.العدوان هو أستخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد سيادة دولة أخرى أو وحدتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي أسلوب أخر يتناقص وميثاق الأمم المتحدة (21).ويختلف العدوان عن الإرهاب في أن الأول قد يكون وسيلة من وسائل الإرهاب أو لا يكون , وقد يهدف الى تحقيق غاية معينة أو قد يكون لمجرد الاعتداء , وأن أسباب العدوان تكون محط استنكار من قبل الأفراد والمجتمعات والدول , بينما تكون دوافع الإرهاب مقبولة لدى بعض الأطراف
الأرهاب والحرب
.الحرب صراع مسلح بين دولتين أو كثر لفرض إرادة الطرف المنتصر على المغلوب . وأوجه تباين الحرب عن الإرهاب تتخلص في أن للحرب قوانين وقواعد مقررة ومعروفة دولياً تنظمها , بينما ليس للإرهاب غير المشروع قواعد أو أعراف دولية . ومن ناحية أخرى تكون الحرب عادة صراعاً بين دول , بينما الإرهاب في الغالب عبارة عن جماعة /منظمة تضرب في الزمان والمكان الذي تريده ولا تتوقع غالباً رداً مقابلاً مباشراً . وتحدث أثناء الحرب عمليات إرهابية ، ولكن لا يشترط أن تحدث الحرب في اثناء الأحداث الإرهابية أو بعدها, وأن جرائم الحرب التي ترتكب من قبل الأطراف المتحاربة منصوص عليها في قانون الحرب ( القانون الدولي الإنساني ) , في حين لم تقتن جرائم الإرهاب بعد .
الإرهاب وحرب العصابات
.حرب العصابات أسلوب للقتل المحدود تقوم به جماعات ضد قوة معادية نظامية صغيرة لا تخضع لقواعد ثابتة
وتتميز بالمباغتة والاستخدام المرن للقوات لكسب المباداة , ويلتقي الإرهاب مع حرب العصابات في التقائهما على عنف منظم يحمل معه أهداف سياسية .
أما أوجه الاختلاف مابين الاثنين فهي :
أ. حرب العصابات تعتمد في الأغلب على الدعم المادي والمعنوي والمأوي من السكان المحليين , بينما لا يتمتع الإرهاب بقواعد إسناد ثابتة .
ب. مسرح عمليات الإرهاب يتركز غالباً في المناطق الحضرية , بينما الميدان الرئيس لحرب العصابات المناطق الجبلية والأرياف ومراكز تجمع القوات النظامية .
ج. تستهدف حرب العصابات استنزاف العدو وتحرير الأرض التي يحتلها أو التخلص النهائي من وجوده العسكري , بيما يستهدف الإرهاب الدعاية ولفت النظر وإثارة المشاريع لكسب ود الرأي العام تجاه القضايا التي يعمل من أجلها الإرهابيون , أو ابتزاز الجماعات والسلطات المنافسة .
الارهاب والجريمة المنظمة
الجريمة المنظمة عبارة عن عنف منظم بقصد الحصول على مكاسب مالية بطرق وأساليب غير شرعية (24) .وتختلف عن الجريمة الاعتيادية بأنها تأتي بعد تدبير وتنظيم وتنفيذ أفراد العصابة , وأساليبها السطو والاحتلال والقتل والتزوير .وتشترك الجريمة المنظمة مع الإرهاب بطبيعة العمل الذي يتميز بالعنف والتنظيم والقيادة عبر مجموعات أو منظمات تخطط للقيام بأعمالها بسرية ودقة , وأن كليهما يسعى لإفشاء
الرعب والخوف والرهبة في النفس الموجهة إلى المواطنين والسلطات في آن واحد , إلا أن هدف الجريمة من ذلك الحصول على أموال الناس وردع رجال الشرطة عن التدخل والتصدي , في حين أن عمليات الإرهاب قد ترهب المواطنين لإثار الرأي العام ضد السلطات وإظهار عجزها عن حمايتهم . ويختلف الإرهاب عن الجريمة المنظمة بأن وراءه دوافع تتمثل في قناعة الإرهاب التامة بفكرة أو قضية مشروعة من وجهة نظره ,بينما تقف وراء المجرم دوافع ذاتية ضيقة, وفي حين يترك الفعل الإجرامي تأثيراً نفسياً لا يتعدى نطاق ضحايا العمليات الإجرامية , فأن العمليات الإرهابية يتجاوز أثرها نطاق الضحايا كما سبق وأن يبنا , كما أن أساليب التدريب والتجهيز والتسليح هي الأخرى مختلفة بين الطرفين .