رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الجوارح
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الجوارح
بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن الجوارح جوارح،وما زُرعت ضغائن واستيقظت فتن ودُقت أعناق وقامت صراعات وسُلت سيوف وكُشفت مخبئات إلا بسبب الجوارح
وإسلامنا ليس كلمة تُـقال باللسان فحسب ، بل هو اعتقاد وقول وعمل .
فإذا صدق المسلم في إسلامه وتوجهه إلى الله أسلمت جوارحـه .
ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده . رواه البخاري ومسلم .
وهذا من أفضل الناس منزلة .
بدليل ما جاء في رواية مسلم : أي المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده .
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه) متفق عليه،
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويُدخَل الجنّة فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وليأتِ إلى النّاس الذي يحبّ أن يؤتَى إليه) رواه مسلم، وتأسيسًا على ما تقدّم
جاءت النّصوص متضافرةً في الزجرِ الشديدِ من أذيّة المؤمنين، والإضرار بهم بأيّ شكلٍ من الأشكال؛ القوليّة أو الفعليّة؛ الحسّيّة أو المعنويّة،
إن من أشقى الناس وأتعسهم -في الحياة وبعد الموت- أولئك الساعين في إيذاء الناس وتنغيص حياتهم، وإنزال الضرر عليهم، وتضييق معايشهم، وتكدير صفو راحتهم، وقطع سبل السعادة عنهم.
إن أولئك المؤذين الأشقياء
يحملون في حناياهم شرَهَ الضباع، وعدوان السباع التي لا تحب العيش إلا على تدفق الدماء، وتناثر الأشلاء، ورؤية الضحايا والبؤساء.
بل هم أشرس من المفترسات العادية؛ لأنها إذا شبعت لم تتعرض للطرائد،
أما هم فمستمرون على جلب الضرر لغيرهم، فتخمة الأذى لا تفارقهم،
وعشق تعذيب الخلق لا ينفك عنهم.
قال الإمام البغوي -رحمه الله تعالى- : “أفضلُ المسلمين: من جمع إلى أداء حقوق الله -تعالى- أداءَ حقوق المسلمين، والكفَّ عن أعراضهم”.
وأشد الأذى
الذى يأتيك من ذوى القرابة
المخالطون للمرء، والقريبون منه؛
أذيتهم أشد حرمة من أذية غيرهم؛ لحرمة قربهم، وعظمة حقهم؛ ولتوقع تكرار وقوع الأذى عليهم؛
فأذية الوالدين عقوق،
وأذية القرابة قطيعة،
وأذية الزوج لزوجته سوء عشرة،
وأذية الزوجة لزوجها نشوز،
وأذية الوالد لولده سوء تربية،
وأذية الجار سوء جوار،
وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة ** على المرء من وقع الحسام المهند
#فيا أيها الناس جميعا
قيل للربيع بن هيثم: ما نراك تعيب أحداً!
فقال: لست عن نفسي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس
إن أذية المؤمنين من أشد المظالم، وأعظم المآثم التي توعد الله أهلها بالوعيد الأكيد، وتهددهم بالعذاب الشديد، في مثل قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾
ومن صور إيذاء المسلم: مكايدتُه، وإلحاقُ الشر به، واتهامُهُ بالباطل، ورميُهُ بالزور والبهتان، وتحقيرُه، وتصغيرُه، وتعيِيرُه، وتنقصُّهُ، وثَلْمُ عِرضِهِ، وغِيبَتُهُ، وسَبُّه وشتمُه، وطعنُهُ ولعنُهُ، وتهديدُه، وترويعُه، وابتزازُهُ، وتتبُّعُ عورته، ونشرُ هفوته، وإرادةُ إسقاطِه وفضيحتِه، وتكفيرُه، وتبديعُه، وتفسيقُه، وقتالُهُ وحملُ السلاح عليه، وسلبُه ونهبُه، وسرقتُه، وغِشُّه، وخداعُه، والمكرُ به، ومُماطَلتُهُ في حقه، وإيصالُ الأذى إليه بأيِّ وجهٍ أو طريق.
كل ذلك ظلمٌ وجُرْمٌ وعدوان
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تـحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا،
وعن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن رمى مسلمًا بشيءٍ يريد شَيْنَهُ به حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال” رواه أبو داود.
#يا من تجلسون على الطرقات
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إيّاكم والجلوسَ في الطرقات)، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بدّ في مجالسنا؛ نتحدّث فيها، فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا أبَيتم إلاّ المجلس فأعطُوا الطريقَ حقَّه )، قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: (غضّ البصر؛ وكفّ الأذى؛ وردّ السّلام؛ والأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكر) متفق عليه.
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من آذى المسلمين في طرقِهم وجبت عليه لعنتُهم) أخرجه الطبراني بسند حسن.
═◄وبالمقابل
عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنة، قال: “اعزِلِ الأذَى عن طريق المسلمين” رواه أحمد.
وعند مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مرّ رجلٌ بغُصن شجرةٍ على ظهرِ طريقٍ فقال: والله، لأنحِّينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخِل الجنّة).
#يا متتبعى عورات الناس
صعد النبي – صلى الله عليه وسلم – المنبرَ فنادى بصوتٍ رفيع فقال: (يا معشرَ من أسلم بلسانِه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلِمين، ولا تعيّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنّه من تتبّع عورةَ أخيه المسلم تتبّع الله عورتَه، ومن تتبّع الله عورتَه يفضحه ولو في جوفِ رحله) رواه الترمذي وصححه الألباني.
═◄وبالمقابل
روى احمد بسند حسن عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عنه وجهه النار يوم القيامة.
كُفَّ أذاك عن الناس قبل أن يُقضَى بينك وبينهم يومَ القيامة،
فإن صاحب الحق إن لم يستوفِ حقّه اليوم؛ فسوف يستوفيه في موقف عظيم رهيب؛
يوم يقوم الناس لرب العالمين، يستوفيه من حسناتٍ أنت أحوج ما تكون إليها،
فعن أبي هريرة – صلى الله عليه وسلم – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مَن كانت له مَظْلَمَةٌ لأحد من عِرْضِه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخِذ منه بقدر مَظْلَمَته، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه) أخرجه البخاري.
#يا من تأكلون أموال الناس بالباطل
ثبت في صحيح البخاري عن خولةَ الأنصاريةِ رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة))، وروى البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم ألحن بحجته – يعني أفصح في البيان – من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما فإني أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها )).
وروى الإمام مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)).
فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يارسول الله؟ فقال: ((وإن كان قضيباً من أراك)).
#يا من لا يسلم من أذاكم حتى الحيوانات
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) متفق عليه.
═◄وبالمقابل
في الصحيحين وغيرهما من رواية أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر.
وفي حديث آخر في الصحيحين أيضا عن أبي هريرة مرفوعا:
بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به.
#يا من هو مُستأمن على مصالح الناس
يا كل راع فى رعيته
يا كل من يتولّى للمسلمين عملاً من أعمالهم أو وظيفةً من الوظائف التي جُعلت لخدمتهم؛
ليعلم أنّه مستأمن فيما وُلِّي عليه؛
وواجبٌ عليه بذلُ الجهد في تحقيق مصالح الناس ورفعِ الضّرر والأذى عنهم،
ألا وإنّ المصيبةَ حينما يستغلُّ هذا المستأمنُ عملَه في أذية الناس وظلمهم،
وهو بهذا واقعٌ في إثم مبينٍ وعلى خطَر عظيم،
وقد وقعت عليه دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – التي دعاها بقوله: (اللهمَّ من ولِي من أمر أمّتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقُق عليه)،
وخسر دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم -: (ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به) رواه مسلم.
═◄وبالمقابل
فى الصحيحين
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة.
#يا كل مسلم على ظهر الأرض
ادفعوا الأذى ودافعوا عن الأقصى
ولو بالكلمة
ولو بالدعاء
ولو باستحضار نية الجهاد، والاستعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل الله إن قدر للمرء ذلك، وهذه النية لابد أن تكون ملازمة للمسلم في كل وقت يستجمعها ويستحضرها في صحوه ومنامه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ”. (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ”. (رواه النسائي). وقال صلى الله عليه وسلم : “إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَادِيًا إِلا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ” (رواه البخاري).
═◄وبالمقابل
عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ: أَنه سأَلَ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاةِ في بيتِ المقدسِ أفضلُ، أو في مسجدِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه، ولنعمَ المصلى، هو أَرضُ المحشرِ، والمنشر، وليأتين على الناسِ زمانٌ، ولَقِيدُ سوطِ ـ أو قال: قوسِ ـ الرجلِ حيث يَرى منه بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ له، أو أَحبُّ إليه من الدنيا جميعًا. صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والخلاصة:
وعَدَ الله أن المسجد الأقصى يُفتح بالجهاد لا بالسّلْم، وباب الأقصى أغلق بلا قفل ولا مفتاح ولن يدخله إلا من يؤمن بقلعه لا من يبحث عن مفتاحه .
روى البخاري ومسلم عن أبي شريح العدوي وأبي هريرة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره،)،
إن لم تكن مكرما لجيرانك فلا أقل من أن تبتعد عن التعدي أو الأذية أو الإساءة لهم،
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن )). قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه ))،
وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يدخل الجنة من لا يأمنُ جارُه بوائقَه )).
وهنا يتأكد حق الجوار سواءا كان الجار ذى القربى او الجار الجُنب أو الصاحب بالجنب في زمن نختبئ فيه خلف الكمامة كلما خرجنا من منازلنا.. خوفاً على النفس من وباء لا تعرف من أين سيأتيك،
قد أوصى النبِيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بالنِّساء في خطبة الوداع، كما وصَّى بِهنَّ وهو على فراش الموت، فويلٌ لِمَن أذى وصية النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – وظلَمَ النساء،
وويلٌ لمن آذَتْ زوجها؛ فإنَّ الملائكة تلعنها.
تأملوا حال تلك الصوّامة القوّامة المتصدّقة التي تفعل الخير .
قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانة تصوم النهار ، وتقوم الليل ، وتفعل ، وتصّدق ، وتؤذي جيرانها بلسانها . فقال : لا خير فيها ، هي في النار .
═◄وبالمقابل
قيل : فإن فلانة تُصلي المكتوبة ، وتصوم رمضان ، وتتصدق بأثوار من أقط ، ولا تؤذي أحدا بلسانها . قال : هي في الجنة . رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد .
أرأيتم كيف ذهبت حسنات تلك الصوّامة القوّامة المتصدّقة التي تفعل الخير ، لقد أذهبها اللسان وحده !
فلا هي سلمت من تبعات وخطورة لسانها ، ولا سلم أقرب الناس إليها من لسانها .
ها هى صدقة عظيمة تنفع المسلم وترفعه،
صدقة لا تحتاج إلى مال
ولا إلى بذل جهد جسدي
ولا لفظ قولي،
صدقة يستوي فيها القوي والضعيف والغني والفقير،
إنها صدقة المرء بكفه الشر عن الآخرين؛
فعن أَبي ذر قال: قلت يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضل؟
قال: الإِيمان بالله والجهاد في سبيله
قلت: أيُّ الرقاب أفضل؟ قال: أنفسُها عند أهلها، وأكثرها ثمنا.
قلت: فإِن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق
قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعُفتُ عن بعض الْعملِ؟
قال: تكف شرَّكَ عن النَّاسِ فإِنها صدقةٌ منك عَلَى نفسك “
متفق عليه.
#بل خذ هذه البُشري
عَنْ مَالِكِ بن مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟
قَالَ: الإِيمَانُ بِاللَّهِ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلا.
قَالَ: يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا لا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ؟
قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: يَصْنَعُ لأَخْرَقَ،
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا؟
قَالَ: يُعِينُ مَغْلُوبًا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟
فَقَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ مِنْ خَيْرٍ، تُمْسِكُ الأَذَى عَنِ النَّاسِ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟
قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلاءِ، إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، وقد صححه ابن حبان، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم .اهـ. وأقره الذهبي.
يختصم الناس بين يدي الله تبارك وتعالى فيطالب صاحب الحق حقه،
ويشتكي إلى الله المتعدَى عليه من المعتدِي، فيكون الحُكْم بين يدي الحَكَم العدل الذي ينصف صاحب الحق فيعطيه حقه وافيا،
فتؤخذ المظالم من الظالمين فترد إلى أهلها في يوم لا يملك أحد مالا فضلا عن أن يفتدي به، وإنما الحسنات،
فالقضاء يوم القيامة في هذه المظالم إنما يكون بما جمعه المعتدِي من حسنات؛
إن كان له عمل صالح فيؤخذ منه بقدر مظلمته،
وإن لم يكن له حسنات أو فنيت أُخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه،
ثم طرح في النار.
هذا نداءٌ وصيحة نذير إلى مَن لا يزال مستمرا في أذيّة آخرين،
تذكّر
أنّ الأذيّة ظلمٌ
وأن الإضرار بالمؤمنين بغيٌ،
وتذكّر أنّ معهم سلاحًا بتّارًا،
قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (واتّق دعوةَ المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب) وفي الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين )،
فلا تتهاون بمن آذيته أو ظلمته حينما يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.
اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وجنبنا الفواحش والآثام.
والخلاصة : تتمثل فى ذالكم الحديث الذى رواه مسلم
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
“المسلمُ أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره،
بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقِر أخاه المسلم،
كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ”
فاتقوا الله عباد الله،
وكُفوا أذاكم عن المسلمين، واشتغِلوا بعيوبِكم عن عيوب الآخرين، وتذكَّروا يوماً تُوقَفُون فيه بين يدي ربِّ العالمين.
يقول يحيى بن معاذ:
“ليكن حظُّ المؤمن منكَ ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرّه، وإن لم تُفرِحهُ فلا تغُمّه، وإن لم تمدحه فلا تذُمّه”.
وقال رجلٌ لعمر بن عبد العزيز:
“اجعل كبير المسلمين عندك أبًا، وصغيرهم ابنًا، وأوسطهم أخًا، فأيُّ أولئك تحب أن تُسيء إليه؟!”.