رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن قوة التعلم
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن قوة التعلم
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبدالقوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحادالعالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أنه لا أحدَ منَّا يولَد عالمًا؛ فمداركُنا ومواهِبُنا ومهاراتنا كلُّها تَحصيلُ مسيرة تعليميَّة في مدرسة الحياة، وما يميِّز الناجِحَ عن غيره أنَّه فقط يتعلَّم، وما يتعلَّمه يصبح قوَّةً إضافيَّة تؤهِّله إلى تَحقيق الهدف الآنيِّ أو (الإستراتيجي) بعيدِ المدى، وهناك ثلاثُ قواعدَ تَحكمُ معادلةَ النجاح والتعلُّم:
القاعدة الأولى: المعرفة قوة:
يقول أينشتاين: “عليك أن تَعرف قواعدَ اللعبة، ثمَّ عليك أن تعرف كيف تَلعبُ أفضلَ مع الآخرين”، فمهما كان ساعِدُك قويًّا، فإنَّ قوَّةَ الرَّمي شيءٌ آخَرُ غير قوَّة السَّاعِدِ؛ إنَّها مَهارات نظريَّة تحتاج إلى تمرُّس، والمعادلةُ الرياضيَّةُ التي تحكم قاعدةَ النجاح هنا هي:
قوة + مهارات علمية = نجاح
إنَّ إتقان الأعمال الإيجابيَّة من المقاصد الشرعيَّة؛ ففي الحديث الصحيح: ((إنَّ الله يحبُّ إذا عمِل أحدُكم عمَلًا أن يُتقِنَه))؛ رواه الطَّبرانيُّ وصحَّحه الألباني.
ولا يُتصوَّرُ الإتقانُ بدون تعلُّمٍ لمنهجيَّة العمل وطريقتِه؛ فالإداريُّ يحتاج إلى عِلْمِ الإدارة لإتقان عمَلٍ، والمهندسُ والمقاول، والمدرِّسُ والطبيب – كلُّهم يتعلَّمون لكسْبِ مهارات الإتقان والنجاح؛ إذًا فقوَّة نجاحك تَكمن في قوَّة معارفك ذات العلاقة بصَميم عملك وتخصُّصك.
القاعدة الثانية: تعلَّم من أخطائك:
فالذي لا يتحرَّك لا يمكن بأيِّ حال أن يَسقط؛ فهو بسُكونه وجمودِه في غاية السقوط أصلًا، فكيف سيَسقط؟! يقول أينشتاين: “الطَّريقة الوحيدة لعدَم ارتكابِ الأخطاء هي عدَمُ فِعْل أيِّ شيء جديد”.
جرِّبْ أن تكون رفيقًا في الكلام؛ لتجِد الآذانَ المُصغِيَة، جرِّبْ أن تبتعد عن الفَظاظةِ؛ لتَحظى بروح التعاون مع فريق عمَلِك، جرِّبْ أن تَستشير الخُبراءَ؛ كي تتجنَّب العديدَ مِن القرارات الخاطئة، جرِّبْ أن تَعمل في نِطاقِ تخصُّصك؛ فأنت بأغواره أَدْرى، جرِّبْ أن تفكِّرَ قبلَ أن تقرِّر، وأن تجرِّبَ قبلَ أن تثِق؛ وهكذا… وتذكَّر أنَّك “إذا تعلَّمتَ مِن الفشَل، فأنتَ لم تفشَل أبدًا”؛ زيج زيجلا.
وتبقى المعرفة حِبرًا على ورَق ما لم تَخرج إلى حيِّز الوجودِ بالعمَل والممارسةِ؛ فالتطبيقُ هو ما يصقلُ المواهِبَ، ويُكسِبُ الخبرات، ويجعلك تتعلَّم مِن أخطائك، فـ “التجربة معلِّمةٌ قاسية؛ تَجعلك تخوض الامتحانَ أوَّلًا، ثم تعلِّمُك الدَّرسَ”؛ فيرنون ساندرز لو.
لقد كان ابنُ عرفةَ فقيهًا مالِكيًّا نِحريرًا، كتب مؤلَّفًا في مَناسِك الحجِّ، لكنَّه حين حَجَّ سَعى بين الصَّفا والمروةِ أربعةَ عشر شَوطًا؛ فمعرفتُه بالمناسِك كانت نظريَّةً مَحضة، لم يتعلَّمْ كيفيَّتَها عمَليًّا؛ ما جعله يخطئ حين الممارسة؛ فالتجاربُ العمليَّة تصحِّح عادةً مفاهيمَ النَّجاح النَّظرية؛ ليُصبِحَ الطَّريق إلى النَّجاح معروفًا بالممارسات اليقينيَّة، يقول كولن بويل: “ليس هناك أسرارٌ للنَّجاح، هي نَتيجة التحضير، والعمَلِ الجادِّ، والتعلُّمِ مِن الأخطاء”.
القاعدة الثالثة: تعلَّم أثناء المسير:
لا حدودَ للمعرفة، كما لا حدودَ للجَديد والمتغيراتِ، فإذا اكتفيتَ مِن التعلُّم انتفيتَ، وإذا توقَّفتَ تأخَّرتَ، كلُّ مجالٍ تطمح إلى النَّجاح فيه يتميَّز بتطوير أساليبِه وتغيُّر أدواته، فإذا لم تكن مُستوعِبًا لواقِعِ تخصُّصِك ومتغيراته وتطوُّراتِه، فلن تسايِرَ رَكْبَه أبدًا، فليس هناك مِكانٌ للسُّكون؛ إمَّا أن تواصِلَ السَّيرَ فتتقدَّم، وإمَّا أن تبرحَ مكانَك فتتأخَّر، ولا يلزم مِن التعلُّم أن تتفرَّغ كلِّيًّا، ولكن أن تُعطي من وقتك أولويَّةً لتوسيع دائرة مَعارفك؛ وهذا ما يسمُّونه: التعلُّم أثناءَ المَسير.