فى طريق النبوه ومع نبى الله إبراهيم عليه السلام
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
إبراهيم ، ومعناها الأب الرفيع أو الأب المكرم، وإبراهيم كان مباركا من الله ، ووعد الله إبراهيم بأشياء كثيرة وعظيمة، حيث وعده الله بنسل عظيم وأن كل الأمم سوف تتبارك بهذا النسل ، ولد ونشأ سيدنا إبراهيم عليه السّلام في أرض بابل في العراق، وكان قومه يعبدون الأصنام والكواكب، وكان عمه آزر يصنع الأصنام، ويبيعها لقومه، ويعبدها معهم
ورغم ذلك لم يعبد إبراهيم عليه السّلام ، شيئًا منذ ذلك، فقد عصمه الله سبحانه وتعالى ، وآتاه منذ صغره عقلًا رشيدًا، أعانه على إدراك فساد معتقداتهم، وعندما بعثه الله سبحانه وتعالى ، رسولًا إلى النّاس، بدأ بدعوة أبيه بألطف عبارة، داعيًا إياه إلى تحكيم العقل، مبينًا له بُطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام ، فهي مجرد تماثيل لا تسمع ولا تبصر، ولا تجلب نفعًا و لا تدفع ضرًا.
وكان آزر ، عم إبراهيم الخليل عليه السلام ، منجم الملك النمرود ، وكان عارفا بنحت الأصنام، فكان ينحتها ويعطيها لأولاده، حتى يبيعوها للناس ، وكان إبراهيم يحترم عمّه آزر ، حتى أنه كان يناديه: يا أبه ، وقد أحب آزر ولد أخيه حباً شديدا ، ولما كبر إبراهيم ورشد، دفع إليه آزر بعض الأصنام التي كان قد نحتها، وأمره أن يبيعها، كما يبيع أُخوته
ولكن إبراهيم، كان نبياً عظيماً، يعلم إنّ هذه الأصنام ليست بآلهة، وإنما هي أشياء منحوتة ، فكان يعلّق في أعناقها الخيوط ، ويجرها على الأرض ويقول من يشتري ما لا يضره ولا ينفعه؟وكان يستهزئ بالأصنام ، فيُغرّقها في الماء والوحل ،ويقول لها إشربي ، وتكلمي .
وفي ذات يوم، وشى أخوته خبر ما يفعل إبراهيمُ بالأصنام إلى عمه آزر فنهاهُ آزرُ عن هذا العمل ، فلم ينته إبراهيم، عند ذلك، واغتاظ آزر فحبس إبراهيمَ في منزله ولم يدَعْهُ يخرج ، ولما انكشف أمرُ إبراهيمَ عند عمه آزر ، وأنه يعبد الله تعالى ولا يعبد الأصنام، التي كان آزر يعبدها، ذهب إبراهيم إليه، ليدعُوه إلى الله، وأخذ يدعوه بكلّ أدبٍ ولطفٍ، قال: يا أبتِ لم تعبدُ ما لا يسمعُ ولا يبصرُ ولا يغني عنك شيئاً ؟
يا أبتِ إني قد جاءني من العلم ما لم يأتِك ، وقد علمت أن هذه الأصنام ليست بآلهة، وإنما الإلهُ هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما ، فاتبعني أهدِكَ صراطاً سوياً ، يا أبتِ لا تعبدْ الشيطان ، فانك إذا عبدتَ الأصنامَ، كنت عبدتَ الشيطان لأنك قبلت قوله، وخالفت أوامر الله ، إن الشيطان كان للرحمن عصيّاً .
يا أبتِ إني أخاف أن يمسّك عذاب من الرحمن ، وهكذا أخذ إبراهيم، ينصح عمّه آزر بكلّ أدب ولطف، لكن عمّه اغتاظ من مقالة إبراهيم، وقال أراغِب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ؟ وتعبدُ إلهاً آخر؟ لئنْ لم تنتَهِ ، عن مقالك هذا، لأرجمنَّكَ ، بالحجارة، حتى تموتَ.
ثم طرد إبراهيم من عنده، وقال له ، اهجرني ملياً ، تغيّب عني مدة مديدة، حتى لا أراك ، ولما رأى إبراهيم هذه الخشونة والتهديد من آزر، ودّعه وداع متأدب، قال سلام عليك ، سلامُ وداع ، سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً ، وأطلب منه أن يغفر لك ، وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربّي شقياً ، وانصرف إبراهيم من عنده كئيباً.
وشرع إبراهيم عليه السلام أن يدعو إلى الله تعالى، ويأمر قومه بنبذ الأصنام، ولكن القوم لم يستجيبوا لإبراهيم دعوته وأصرّوا على الشرك ، وحاجّة قومه في ألوهيّة الأصنام قالوا: إن الأصنام هي الآلهة، واللازم علينا أن نعبدها ، قال أتحاجّوني في الله وتدعوني إلى أن اترك الله ، وقد هدانِ ولا أخاف ما تشركون به ، فإني لا أخاف من آلهتكم .
وأي ضرر يمكن أن يضرّني به الصنم أو الكوكب والقمر والشمس؟ كلاّ ، إنها لا تضر ولا تنفع ، إلا أن يشاء ربي شيئاً ، فانّ ربي هو الذي يضر وينفع، وأن أصنامكم لا تعلم شيئاً ، وسع ربي كلّ شيءٍ علماً ، يعلم كل شيء ، أفلا تتذكرون ؟
ثم خوفهم إبراهيم من عذاب الله، قال: وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله وجعلتم له شريكاً كذباً، لكنّ القوم أصرّوا في العناد ، ولم ينفعهم كلام إبراهيم ، ثم أخذ ينصحهم مرّة ثانيةً ، وحضر عيدٌ للقوم .
وخرج الملك الجبّار نمرود ، وأهل المدينة إلى الصحراء، لأداء مراسيم العيد هناك ولم يخرج معهم إبراهيم ، فلما ذهبوا، أخذ إبراهيم شيئاً من الطعام، وذهب إلى بيت الأصنام ، فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون؟ ما لكم لا تنطقون؟
فكان يدنو من كل صنم فيقول له: كل ، تكلم ، فإذا لم يجبه، أخذ القدّوم، فكسر يده ورجله ، ثم علّق القدوم في عنق الصنم الكبير، الذي كان في صدر البيت ، وخرج لشأنه ، ورجع الملك والقوم من العيد ، ولما دخلوا دار الأصنام، رأوا الأصنام محطّمة ، فكثر فيهم اللغو والصياح ، من فعل هذا بآلهتهم؟
ومن تجرّأ على مسّ كرامة مقدساتهم ، وأخذوا يستفسرون الناس ، قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الضالمين ، قالوا سمعنا فتى يذكرهم ، يذكر الأصنام بسوء ، يقال له إبراهيم .
قالوا فأتوا به على أعين الناس ، وإذا بالقوم يطلبون إبراهيم ، هنا وهنا حتى وجدوه وجاءوا به إلى مجمع الناس ، وهناك نظر القوم إليه في غضب واستنكار، وقالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟
ورأى إبراهيم الموقع مهيئاً، لنشر الدعوة فأشار إلى كبير الأصنام، الذي كان القدوم في عنقه، وقال: كسّر الأصنام هذا الصنم الكبير إن نطق ومعناه وإن لم ينطق فلم يفعل كبير الأصنام ذلك.
وأجمعوا أن يحرقوا إبراهيم عليه السلام ، وبذلك أنهم شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم من الأماكن فمكثوا مدة يجمعون له حتى أن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق ابراهيم ثم عمدوا إلى الحوية ، والمقصود بذلك هنا أرض مستديرة متسعة عظيمة ، فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار فأضطرمت وتأججت والتهبت وعلا لها شرر لم ير مثله قط ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق ، وهى آلة لرمي الحجارة ، صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له : هيون .
وكان أول من صنع المنجنيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه وهو يقول : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك ولا شريك لك ، فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ثم ألقوه منه إلى النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل وكما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد عليه الصلاة والسلام .
وروي عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم ” لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك ” وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، وتعليق سبحان الله صحيح أن إبراهيم حليم حتى وهو في مصيبتة لم يريد أن ينفعه غير الله لأنه علم أن الذي ينفع هو الله سبحانه وتعالى ، ويروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول : متى أمر فأرسل المطر؟ فكان أمر الله أسرع ، ” قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ” وقال علي بن ابي طالب : أي لاتضريه .
ولولا أن الله عز وجل قال ” وسلاما على إبراهيم ” لآذى إبراهيم بردها ، ولم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار ولم تحرق منه سوى وثاقه ويروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه ولم يصبه منها شيء غيره ، وكان معه أيضا ملك الظل وصار إبراهيم عليه السلام في ميل الحوية حوله نار وهو في روضة خضراء ، والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول ، ولا هو يخرج إليهم .
فعن أبي هريرة أنه قال : أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم ، إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال : نعم الرب ربك يا إبراهيم ، وأن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته : يا بني إني أريد أن أجيء إليك فأدع الله أن ينجيني من حر النار حولك ، فقال : نعم فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار ، فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت .
وقيل أن إبراهم عليه السلام مكث هناك فى هذه النار إما أربعين وإما خمسين يوما ، وأنه قال : ما كنت أياما وليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها عليه السلام .
ونشأ إبراهيم الخليل عليه السلام ، في أرض بابل في بيئة انتشرت فيها الوثنيّة، فقسم كان يعبد الحجارة، وقسم كان يعبد الكواكب والقمر والشمس، وقد ورد في القرآن الكريم أن إبراهيم ينحدر من نسل آزر .
ويقول الله عز وجل (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)، إلّا أنّه رويَ في نصوص العهد القديم أنه عمّه وليس أباه، وكان يخاطبه خطاب الأب لأنّه هو الذي رباه وعلمه .
وحول من هي أم سيدنا إبراهيم، فقيل بأنها بونا بنت كربنا بن كرثى من بني أرفخشذ بن سام بن نوح، وتسمى أيضا بحسب العهد القديم أميلة، وتم ذكر ذلك الاسم نفسه في العهد الجديد، وذلك في أناجيل متى ويوحنا ومرقص ولوقا، على اعتبارها من الشخصيات البارزة في العهدين ، القديم والجديد .
أما في القرآن الكريم فلم يتم التطرق لذكرها كثيرا لأنها لا تعد شخصية محوريّة، وإنما كان التركيز على النبي إبراهيم عليه السلام ، وقصته مع عمه آزر في تكسير الأصنام وإلقاء إبراهيم في النار.
وذكر الله سبحانه وتعالى مناظرة خليله إبراهيم ، مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية فأبطل الخليل عليه السلام دليله ، وبين كثرة جهله وقلة عقله ، وألجمه الحجة وأوضح له طريق المحجة .
وقال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار ، أن هذا الملك هو ملك بابل ، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح وإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان هم ذو القرنين وسليمان ، والكافران هم النمرود وبختنصر .
وذكروا أن نمرودا هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة ، وكان قد طغا وبغا وتجبر وعتا ، وآثر الحياة الدنيا ، ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الإمهال على إنكار الصانع .
فحاج إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية ، فلما قال له الخليل : ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ، ويعني أنه إذا أتي بالرجلين قد تحتم قتلهما فإذا أمر بقتل أحدهما ، وعفا عن الآخر ، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر .
وهذا ليس بمعارضة للخليل ، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة ليس بمنع ولا بمعارضة ، بل هو تشغيب محض ، وهو انقطاع في الحقيقة ، فإن الخليل استدل على وجود اللله عز وجل بحدوث هذه المشاهدات ، من إحياء الحيوانات ، وموتها على وجود فاعل ذلك الذي لا بد من استنادها إلى وجوده ضرورة ، وعدم قيامها بنفسها .
ولا بد من فاعل لهذه الحوادث المشاهدة ، من خلقها ، وتسخيرها ، وتسيير هذه الكواكب ، والرياح ، والسحاب ، والمطر ، وخلق هذه الحيوانات التي توجد مشاهدة ، ثم إماتتها ، ولهذا قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت .
فقال إبراهيم عليه السلام ، فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب ، أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها ، وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء ، فإن كنت كما زعمت من أنك الذي تحيي وتميت ، فأت بهذه الشمس من المغرب .
فإن الذي يحيي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ، ولا يمانع ولا يغالب ، بل قد قهر كل شيء ، ودان له كل شيء ، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا ، فإن لم تفعله فلست كما زعمت ، وأنت تعلم وكل أحد أنك لا تقدر على شيء من هذا .
بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها فبين ضلاله وجهله ، وكذبه فيما ادعاه وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه ، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به ، بل انقطع وسكت ، فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ، وهذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود يوم خرج من النار ، ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ فكانت بينهما هذه المناظرة .
وعن زيد بن أسلم أن النمرود كان عنده طعام ، وكان الناس يفدون إليه للميرة فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة فكان بينهما هذه المناظرة ، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطي الناس ، بل خرج وليس معه شيء من الطعام ، فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ منه عدليه .
وقال أشغل أهلي إذا قدمت عليهم ، فلما قدم وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام ، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاما طيبا فعملت منه طعاما ، فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه ، فقال : أنى لكم هذا ؟ قالت : من الذي جئت به .
فعرف أنه رزق رزقهموه الله عز وجل ، وقال زيد بن أسلم : وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكا يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه ، ثم دعاه الثانية فأبى عليه ، ثم الثالثة فأبى عليه وقال : اجمع جموعك وأجمع جموعي ، فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس ، فأرسل الله عليه ذبابا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس .
وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم ، وتركتهم عظاما بالية ، ودخلت واحدة منها في منخري الملك ، فمكثت في منخريه أربعمائة سنة عذبه الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمرازب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها .
وممّا تضمنته قصة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ، حرصه على نفع قومه، بتوعيتهم ودعوتهم إلى الحقّ والخير والصواب، مستخدمًا أسلوب الإقناع بالحجج والبراهين الدامغة، ونبذه التقليد الأعمى، وصبره وثباته عند الشدائد، وثقته بالله سبحانه وتعالى، وصدق طاعته له، وتوكله عليه .
ومما تضمنته أيضًا قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام ، حرصه على بر والديه، من خلال استعماله لأرق الألفاظ في مخاطبة والده، وحواره معه بكل أدب وتودّد وتلطف، وحرصه الشديد على ما ينفعه، وعلى إرادة الخير له .
ومما تضمنته أيضا ، أنه أول من قص شاربه، وأول من استحد، وأول من لبس السراويل ، ولما مات قبره ولده إسحاق، وقبر ولد ولده يعقوب، في المربعة التي بناها سليمان بن داود عليه السلام ببلد حبرون، وهو البلد المعروف بالخليل اليوم، وهذا تلقي بالتواتر أمة بعد أمة، وجيل بعد جيل، من زمن بني إسرائيل وإلى زماننا هذا، أن قبره بالمربعة تحقيقًا.
وتوفي سيدنا ابراهيم عليه السلام بعد عودته من بلاد الحجاز إلى فلسطين في عام 1900 قبل الميلاد، ودفن في مدينة الخليل التي سمّيت على اسمه إبراهيم الخليل، وبني قبره بجانب قبر زوجته سارة في مغارة المكفيله، ثمّ دفن في نفس المغارة النبي اسحاق وزوجته رفقه عليهم السلام ، والنبي يعقوب وزوجته ليئه عليهما السلام، وبني فوق هذه القبور الحرم الإبراهيمي الشريف المقدس من قبل اليهود والمسلمين على حد سواء، ولم يرد في الكتب السماوية عن سبب مؤكد لوفاته حيث توفي وهو يبلغ 175 عام.