فى نسائم الإيمان ومع الصحابى على بن أبى طالب

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

هو سيدنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو الحسن، وأبو تراب الهاشمي القرشي ، وأبوه أبو طالب كفيل النبي صلى الله عليه وسلم وحاميه ومربيه، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الأم أسلمت وهاجرت ، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة الزهراء، وأبو الحسن والحسين رضي الله عنهم أجميعين.

وكناه النبي الكريم صلى الله عليه و سلم بأبي تراب، وكان أحب أسماء علي رضي الله عنه إليه أبا تراب ، و إن كان ليفرح أن يدعى به ، و ما سماه أبو تراب إلا النبي صلى الله عليه و سلم ، و ذلك أنه غاضب يوماً فاطمة ، فخرج ، فاضطجع إلى الجدار في المسجد ، فجاءه النبي صلى الله عليه و سلم ، و قد امتلأ ظهره تراباً ، فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يمسح التراب عن ظهره و يقول : اجلس أبا تراب ” .

وعرف أيضا بأبي الحسن والحسين وأبي القضم الهاشمي، كان له من الإخوة طالب وعقيل وجعفر وكانوا أكبر منه، وله أختان أم هانئ وجمانة وكلهم من أمه فاطمة بنت أسد ، وإنه رضي الله عنه أمير المؤمنين ، ورابع الخلفاء الراشدين ، وأحد الستة أصحاب الشورى، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأول الفتيان إسلاما ، وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها و أخو رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمؤاخاة .

وأحد السابقين إلى الإسلام ، و أحد العلماء الربانيين ، و الشجعان المشهورين ، و الزهاد المذكورين ، و الخطباء المعروفين ، و أحد من جمع القرآن و عرضه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أبو السبطين رضي الله عنهما ، وكان اللواء في يده في أكثر المشاهد، ولما بعث صلى الله عليه وسلم بالرسالة كان أول من آمن به من الغلمان، فأخذ عنه، ونهل من صفاته وأخلاقه، وكان ممن توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم.

ولد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ثلاثين سنة من حادثة الفيل، ولدته أمه السيدة فاطمة بنت أسدٍ في جوف الكعبة، وأما أبوه فهو أبو طالب الذي ورث سيادة قريش بعد أبيه عبد المطلب ، ونشأ سيدنا علي كرم الله وجهه في مكة، وفي خير بيتٍ فيها، بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتربَّى في حجره الشريف، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تولَّى كفالته ، مساعدةً لعمِّه أبي طالبٍ وردًّا لجميله ، حيث كان أبو طالبٍ يكفل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل .

فكان سيدنا عليٌّ رضي الله عنه من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أحبِّ النَّاس لقلبه الشريف؛ ولأجل هذه النشأة المباركة لم يُرَ سيدنا عليٌّ يسجد لصنمٍ قطُّ قبل الإسلام؛ ولذلك كان عليٌّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أولَ من أسلم وهو صبيُّ صغيرُ، ابن عشر سنين، ومِن سعادة سيدنا عليٍّ ابن أبي طالب رضي الله عنه أنْ أكرمه الله بشرف زواجه من سيدةِ نساء العالمين، السَّيدةِ فاطمة الزهراء عليها السلام، بنتِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصار أبًا لبنيها الحسن والحسين وزينب عليهم السَّلام.

وقد كانت قصةُ زواجهما أنَّ امرأةً جاءت لسيدنا عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه وقالت: هل علمت أنَّ فاطمة تُخطب؟ وقالت: فاخطِبها، قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قلت: وهل عندى شئ أخطبها عليه؟ قَالَ: فوالله مازالت ترجينى حتى دخلت عليه .

وكنا نجله ونعظمه ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُلْجِمْتُ حَتَّى مَا اسْتَطَعْتُ الْكَلَامَ، قَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ»، فَسَكَتُّ، فَقَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: ” لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطُبُ فَاطِمَةَ “، قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ” هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ ” أي: مهر، قَالَ: قُلْتُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: ” فما فَعَلْتَ بِالدِّرْعِ الَّتِي كُنْتُ سَلَّحْتُكَهَا “. قَالَ: عَلِيٌّ وَاللهِ إِنَّهَا لَدِرْعٌ حُطَمِيَّةٌ مَا ثَمَنُهَا إِلَّا أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، قَالَ: ” اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا وَابْعَثْ بِهَا إِلَيْهَا “.

وبدأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه طريق البطولة مبكرًا ، فأول ما تُحدثنا به كتب السيرة: أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أول من شرى نفسه في سبيل الله، ووقى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففي ليلة الهجرة المباركة أتى جبريلُ عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا تَبِتْ هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.

قال: فلما كانت عتمة من الليل اجتمع على بابه المشركون لتنفيذ خطتهم المجرمة بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكانهم، قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: نَمْ على فراشي وتغطى ببردي الأخضر، فَنَمْ فيه، فإنَّه لن يصل إليك شيء تكرهه منهم.

وفي ليلة الهجرة فدى علي الشاب حبيبه وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، وكان الفعل مصدقا لشعار الصحابة رضي الله عنهم “فداك نفسي وأمي وأبي يارسول الله” إذ بات سيدنا علي رضي الله عنه في فراش الحبيب وهو يعلم أن السيوف مسلولة فوق رأسه قد تهوي في أي لحظة، وبقي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يهاجر إلا بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان قد أمره بقضاء ديونه ورد ودائع الناس وحقوقهم عنه .

ثم لحق به إلى المدينة بعد ثلاثة أيام وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سهل بن حنيف. وتزوج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنجب منها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وزينب وأم كلثوم رضوان الله عليهم أجمعين، وبعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها في السنة الحادية عشرة للهجرة، تزوج عدداً من النساء وأنجب الكثير من البنين والبنات.

وفي غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان الفارس المغوار، والبطل الكرار، الذي لا يشقُّ له غبار، شارك في معظم غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي غزوة خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ ” ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضوان الله عليه، وهو يشكو من عينه، فنفخ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينه فبرأت، ثم قال له: ” خُذْ هَذِهِ الرَّايَةَ فَامْضِ بِهَا حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ “.

وفي هذا اليوم رأى المسلمون كرامةً لسيدنا عليٍ رضي الله عنه تدل على تأييد الله له وللمسلمين؛ أنه لما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح درعه من يده فخلع علي أحد أبواب الحصن فجعله درعًا له!، فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتى فتح الله تعالى عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، يقول أحد الصحابة الذين كانوا معه: فلقد رأيتني في نفرٍ سبعةٍ أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه .

وشهد سيدنا علي رضي الله عنه جميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عدا غزوة تبوك إذ استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على أهله، وكان يحمل اللواء في أكثرها، ويتقدم للمبارزة، وقتل فيها عدداً من مشاهير أبطال العرب واليهود، وتجلّت شجاعته في معركة بدر والخندق وخيبر.

وكانت له في بدر اليد البيضاء فيها بارز يومئذ فغلب وظهر، وشهد أحدا وقد قاتل يومئذ قتالا شديدا وقتل خلقا كثيرا من المشركين وغسل عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم الدم حين شج في رأسه وكسرت رباعتيه و قال سعيد بن المسيب : ” أصابت علياً يوم أحد ست عشرة ضربة و ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه و سلم أعطاه الراية في يوم خيبر ، وأخبر أن الفتح يكون على يديه ” .

عاش سيدنا علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجاهدًا في سبيل الله، وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تولى مهام القضاء والفتوى في عهد الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين واشتهر بين الصحابة بعلمه لكتاب الله وفهمه الدقيق الثاقب، وكان مما أُثر عن سيدنا عمر رضي الله عنه قوله: ” اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس لها أبو الحسن”، يعني سيدنا علي كرم الله وجهه.

ولما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، بايع سيدنا علي سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فكان أحد وزرائه ومستشاريه، ثم بايع السبط الفاروق وكان سندا له في القضاء، وأحد مستشاريه ، كما كان أحد الستّة أصحاب الشورى الذين أوصى سيدنا عمر بأن يكون الخليفة منهم ، وعن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول علي مع القرآن و القرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض” .

ولما قتل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، بويع علي الإمام بالخلافة سنة 35هـ، واتخذ الكوفة عاصمة له ، وقال رجل لعلي بن أبي طالب : نسمعك تقول في الخطبة : اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين ، فمن هم ؟ فاغرورقت عيناه ، فقال : هم حبيباي أبو بكر و عمر ، إماما الهدى ، و شيخا الإسلام ، و رجلا قريش ، و المقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، من اقتدى بهما عصم ، ومن اتبع آثارهما هدي الصراط المستقيم ، و من تمسك بهما فهو من حزب الله .

وتولى سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة بعد فاجعة مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه سنة 35هـ، وقد كان لمقتل الخليفة الثالث وقع كبير على مسيرة عهد خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ حيث لم يمضِ وقتٌ قليلٌ على مبايعته رضي الله عنه بالخلافة من قِبَلِ أهلِ المدينةِ المنوَّرَةِ حتى رفض عددٌ من الصحابة مبايعته .

حتى يتم القبض على قتلة عثمان رضي الله عنه للقصاص منهم، لكن الإمام علي بن أبي طالب كان يرى أنَّ ذلك لا يكون إلا بعد استقرار الأمور؛ ليحدث تحقيق قضائي يُمَكِّن من معرفة الجناة، وبالتالي فالتسرع في مثل ذلك لا يؤدي للوصول للحقيقة بل قد يزيدها .

وكأن الإمام علي بن أبي طالب كان يرى تقديم الحقِّ العامِّ وهو استقرار الدولة واستتباب الأمن ، على الحقِّ الخاص وهو القصاص لسيدنا عثمان رضي الله عنه ، وحاول جمعٌ من الصحابة الصلح بين الفريقين وبعد أن كاد يحصل الصلح أسرع المتآمرون ورؤوس الفتنة إلى الوقيعة بين الفريقين؛ بأن قتلوا من جيش سيدنا علي ليلًا .

وفي نفس الوقت قتلوا من جيش أهل الشام، ثم تنادوا بينهم بالخيانة لتحصل واقعة مؤسفة بين الفريقين وسميت بموقعة الجمل، وبعد ذلك حدثت واقعة التحكيم بين الفريقين؛ لأجل الصلح وعند ذلك ظهرت فرقة الخوارج الذين كفَّروا سيدنا عليًّا كرم الله وجهه، فقاتلهم الإمام عليٌ رضي الله عنه بعد أن أرسل لهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه لنصحهم .

ولما أصرَّ باقيهم على العناد قاتلهم في النهروان، وسيدنا علي رضي الله عنه في كل ذلك يصر على نصرة الحقِّ الذي تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويريد أن يحفظ هيبة الدولة الإسلامية من تسلط دعاة الفوضى، ويُرجع وَحدة الأمة لما كانت عليه ، لكن وكان أمر الله قدرًا مقدورًا ، و تسلل أحد الخوارج المجرمين اسمه عبد الرحمن بن ملجم

تسلل وقلبه يمتلأ غيظًا وحقدًا على سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلة السابع عشر من شهر رمضان المعظم، سنة أربعين من الهجرة، وضرب سيدنا عليَّا على رأسه وهو يستعد للذهاب لصلاة الفجر، أملًا في الفوز برضا امرأةٍ من الخوارج، وعدته أن تتم زواجها منه إذا نجح في خطته في قتل أمير المؤمنين، فقتله ليخسر الدنيا والآخرة.

ويلحق الإمامُ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بسائر الخلفاء الراشدين المهديين في جنات النعيم مع سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وآله وسلم، ويتردَّدُ في أسماع المؤمنين حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخاطب سيدنا علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قائلًا: ” لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ ” .

ووصفه ضرار بن ضمرة الكناني لمعاوية بن أبي سفيان حتى أبكاه وأبكى القوم وجعله يترحّم عليه، بقوله : “كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلاً ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة طويل الفكرة، يقلّب كفّه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه ويأتينا إذا دعوناه، وينبّئنا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيّانا وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبةً له، فإن ابتسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين ويقرّب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله”.

ومن أقول على رضى الله عنه وأرضاه ، قال : خمس خذوهن عني : لا يخافن أحد منكم إلا ذنبه ، و لا يرجو إلا ربه ، و لا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم ، و لا يستحيي من لا يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم ، و إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد : إذا ذهب الصبرذهب الإيمان ، و إذا ذهبت الرأس ذهب الجسد .

وقال : الفقيه كل فقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، و لم يرخص لهم في معاصي الله ، و لم يؤمنهم من عذاب الله ، و لم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، لأنه لا خير في عبادة لا علم فيها ، و لا فهم معه ، و لا قراءة لا تدبر فيها .

ولسيدنا علي كرم الله وجهه قدم الرسوخ في الإيمان وسابقة السبق إلى الإسلام وعطاء الجهاد المستمر ونور العلم المزهر، توقف النبي صلى الله عليه وسلم عند رجوعه إلى المدينة من حجة الوداع سنة 10هـ في غدير خم وقال لمن معه: “من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” رواه أحمد.

أقام أمير المومنين سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الفتن بالكوفة وجعلها دار الخلافة، وفي رمضان من سنة 40 للهجرة طعنة عبد الرحمن بن ملجم الخارجي وهو يصلي الفجر في مسجد الكوفة وكان عمره يوم استشهاده 63 سنة ، وأبت روحه الشريفة إلا أن تلحق بركب الحبيب والصديق والفاروق شهيدة طاهرة زفتها ملائكة الرحمان إلى مقام القرب بين يدي الحق في مقعد الصدق.

وتولى غسله وتجهيزه الحسن والحسين ، وقد كانت مدة خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر، ويقع مرقده الشريف في النجف الأشرف ، وفي ليلة استشهاده استيقظ علي سحراً ، فقال لابنه الحسن ، رأيت الليلة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقلت يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد ؟ فقال لي : ادع الله عليهم ، فقلت : اللهم أبدلني بهم خيراً لي منهم ، و أبدلهم بي شراً لهم مني ، و دخل ابن الذباح المؤذن على علي ، فقال : الصلاة ، فخرج علي من الباب ينادي : أيها الناس الصلاة الصلاة ، فاعترضه ابن ملجم ، فضربه بالسيف.

أخرج عن عقبة بن أبي الصهباء قال : لما ضرب ابن ملجم علياً دخل عليه الحسن و هو باك ، فقال له علي : يا بني احفظ عني أربعاً و أربعاً ، قال و ما هن يا أبت ؟ قال : أغنى الغنى العقل ، و أكبر الفقر الحمق ، و أوحش الوحشة العجب ، و أكرم الكرم حسن الخلق ، قال : فالأربع الآخر ؟ قال : إياك و مصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، و إياك و مصادقة الكذاب فإنه يقرب عليك البعيد و يبعد عليك القريب ، و إياك و مصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه ، و إياك و مصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *