قف هناك وابق بعيدالشاعره سليمه ناصري

قف هناك
وابق بعيدا
لا تقترب حتى لا تذبل أوراقي و يزول عطري ، و اعلم أن اقترابك سيوقع نهايتي ، و أنا لا أريد أن أنتهي حتى لا أفقد نشوتي و أنت تدور في فلكي ، تعزف سمفونية الحب الحزينة ، الآملة المتأملة انصياعي أمامك .
لا تقل لي أحبك ، حتى لا أضطر ان أجيبك بتلك الجملة البالية الكلاسيكية ” و أنا أيضا أحبك ”
فالحب عندي شيىٔا مختلفا ، فلسفيا ، معقدا أو ….. لست أدري ، و لكنه ليس مجرد حاء و باء ملتصقان يُلفظان و كفى .
دعني أحبك بطريقتي .
لا تسترسل في عزف سمفونية الغرام تلك التي تجعلني أدوخ و أستفرغ ، فلي في الحب طقوس .
أتعلم؟
عندما كنت صغيرة أخذني أخي الأكبر كما العادة للتنزه في الغابة ، كان مولعا بالمغامرات و كنت مثله ، أحب الهدوء ، الخضرة و خرير المياه ، مولعة بالطين و الحجر .
و في كل مرة كان يشقيني في المشي في المنحدرات و المسالك الصعبة دون رحمة ، حتى عندما يراني متعبة كان يزيد في اصراره حتى أكمل الطريق ، كنت يومها اراه دكتاتوريا ، و كأنه كان يدربني على احتمال الصعب و الجلد ،
كان يعلم أن الغد سيكون صعبا ، و كان علي أن أتعلم منه الدرس ، و أدرك هذه الحقيقة اللتي بالفعل باتت واقعا .
مرة ، كنا نسير ببطىء شديد في طريق ليس بالوعر ، كنت أترقبه خفية و خوفا من أن يفاجىٔني كعادته بشيء غير متوقٌَع .
و فعلا ، فاجأني و هو يقول لي فرحا : ” أنظري هناك ، أرأيت السماء كم هي قريبة من الأرض ؟ ”
كان المنظر رائعا ، بل أروع مما تتخيل
لم أشعر الا و أنا أركض نحو السماء ظنا مني أنني سأمسكها بيدي .
لطالما استهوتني السماء
كان أخي يغرق ضحكا ، بل كان يضحك بجنون بينما كنت اركض ، لم أهتم له و هو يضحك ، كان اهتمامي منصبا في ذلك المنظر الرائع و الشمس قد بدأت تغادر .
كنت ازداد ركضا كلما ازداد ضحكا لسذاجتي.
اعتقدت يومها أنني سأتحدى أخي و سأصل لا محال لأن أمسك السماء بيدي ، ههههه كانت تلك أحلام طفلة ساذجة .
ركضت و ركضت نحو الحلم ، بل نحو المستحيل .
و لكنني اكتشفت اكتشافا مذهلا ، فلقد أدركت أن أجمل الأشياء ، هي تلك اللتي لا و لن نصلها لانها تشبه الخرافة أو الأسطورة ، هو المستحيل الجميل اللاملموس .
عندها و برغم اكتشافي المذهل ، الا أنه امتزج الفرح و الحزن بداخلي ، و انتابتني بعض المخاوف من المنتظر ، من الغد .
تعبت كثيرا و سقطت أرضا متأثرة بلفحة الشمس اللتي أحرقت جبيني الصغير ، و لم أحس الا و أنا محمولة بين يدي أخي الذي لا يزال يضحك لسذاجة الأخت الصغيرة .
كنت أتأمله و هو يضحك
آه يا أخي لو تعلم اكتشافي المذهل !
شكرا لأنك أضفت لي ما لم أكن أدركه .
هكذا أنت ، أيها الحبيب ، كن لي كما الخرافة ، كأجمل أسطورة ، و لا تقترب حتى لا أضطر لأن أركض هربا منك ، من غد ربما سيدمرنا معا ، و يومها ندرك كم ظلمنا أنفسنا انا و أنت ، لن أركض بعد اليوم ، فلقد مللت الركض ، أتعبني .
كن هنااااااااااك ، حيث المستحيل ، و دعني أكتب ، دعني أكتبنا معا أنا و أنت ، فلم يبق لي سوى أبجديتي ، فلا تقترب حتى لا تشل أبجديتي .
سلمى .

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *