كتاب ومترجمون: معارض الكتب لها دور إيجابي في دعم مشاريع الترجمة
كتاب ومترجمون: معارض الكتب لها دور إيجابي في دعم مشاريع الترجمة
الرياض – زبيدة حمادنة
أكّد كتّاب ومترجمون على أهمية الدور الذي تلعبه معارض الكتب في التأثير إيجاباً على عملية الترجمة ودعم المبادرات الشبابية السعودية في الترجمة، متى ما استغلت هذه المعارض بتنظيم فعاليات موجهة لهذا الغرض، مشيرين إلى أن الكتاب المترجم يحظى بسرعة الانتشار خاصةً في المجال الأدبي، مطالبين بضرورة مناقشة التأهيل الأكاديمي في قطاع الترجمة.
ويرى الدكتور عبد الله الطيب، الحائز على جائزة وزارة الثقافة للترجمة، أن الكتاب الورقي ما يزال محتفظاً ببريقه وقدرته على مواكبة تطورات العصر والعبور من جيل لآخر، وذلك من خلال مشاهد الإقبال الكبير من الفئات العمرية المختلفة على معارض الكتب، وهو ملموس كذلك في زيادة عدد الناشرين في العالم العربي، معتبراً معارض الكتب بشكل عام فرصةً متميزةً لجمع الأطراف المعنية بالكتاب كافة في مكان واحد، ما ينعكس إيجابياً على إنتاج الكتب وبيعها ونشرها وترجمتها. واستطرد: “المعارض فرصة للقرّاء لرؤية الجديد والنادر واقتنائه، وهي فرصة للناشرين لعرض كتبهم والترويج لها، وفرصة للكتاب للقاء ناشرين وقراء محتملين وجمهور متابع”.
وقال الدكتور الطيب: “حين يتعلق الموضوع بدعم مشاريع ومبادرات الترجمة، فالأمر يتطلب وجود فعاليات موجهة نحو هذا الغرض، ضمن أنشطة المعرض وأجندته. مثلاً، جهود الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى بحاجةٍ إلى دعم مؤسساتي، مبنيّ على شراكات مع دور نشر أجنبية وأذرع إعلامية قوية في الدول الأخرى مثل أوروبا وأمريكا والصين”.
وشدد الطيّب على أن المترجم غالباً ما يصطدم بعتبة النشر والناشر، وهي أهم عتبة بعد اكتمال العمل المترجم كنص، مضيفاً: “فالأحرى أن نرى تفعيل هذا الدعم في معارض الكتب بتدخّلٍ من وزارة الثقافة وجمعية المترجمين، واستغلال البرنامج الثقافي للمعارض، في عمل فعاليات وأنشطة خاصة بالترجمة والمترجمين”.
وأشار الطيب إلى أن الحظوة في الانتشار للكتاب المترجم أعلى من نظيره العربي سيما في المجال الأدبي، لاعتبار أن الفنون السردية “الرواية والقصة” هي منتج أجنبي في ثوبها المعاصر، الأمر الآخر هو قدرة النصوص الأجنبية على التجديد والتجريب، دون قيود أو محاذير؛ فنرى تنوعًا كبيرًا في الأفكار الجديدة والمجددة والأساليب المدهشة والمبتكرة، والاحتراف المهني في صناعته هو ما يجعل الكتاب المترجم أكثر رواجًا.
واختتم الطيب حديثه قائلاً: “هناك حراك ملحوظ في الآونة الأخيرة، وبرزت أسماء مترجمين ومترجمات سعوديين وسعوديات، لديهم الكفاءة والمقدرة والذائقة اللازمة لإخراج الأعمال المترجمة بشكل يليق بالقارئ الحصيف والواعي، والساحة مليئة بأعمال مترجمة كثيرة، لكنها بحاجةٍ إلى ضبط لتأتي المخرجات على مستوى عالٍ يرتقي بمهنية المترجم وذائقة ولغة القارئ”.
من جهته، يرى الكاتب والمترجم فهد الطاسان، أن لمعارض الكتب دور كبير في تسليط الضوء وإبراز جهود الترجمة المحلية، مضيفاً: “حصل تغيّر طفيف خلال السنوات الماضية في كمية الإنتاج التي تملأ الساحة اليوم وهذا دليل على حركة في نشاط الترجمة، وأتمنى أن يتم إبراز دور هيئة الأدب والنشر والترجمة في هذا الدعم عبر إطلاق المبادرات كونها هي المظلة المُنظّمة لهذا القطاع، كما نرى المؤسسات المشابهة في معارض الكتب في الدول الأخرى التي تدعم الترجمة منذ سنوات طويلة. وبالنسبة للمعارض كفعالية ثقافية، فلا أعتقد أنّ دورهم مباشر، بقدر ما يُتوقّع منهم إبراز هذه المشاريع وتسليط الضوء عليها”.
ويذهب الطاسان إلى ما ذهب إليه الدكتور عبدالله الطيّب بأن الكتاب المترجم يعيش لحظته الراهنة، ويعزو هذا الأمر إلى جزءٍ من انتشار ثقافة دارجة تعتمد على الأفكار التي تتناولها الأفلام والمسلسلات التي يتابعها شريحة كبيرة من الشباب. واستطرد: “وليس في هذا بأس، إن كان الأساس هو اكتشاف عوالم مجهولة بالنسبة إلى عقولنا، فكل ما نعرفه يمكنه الامتزاج مع بعضه بطريقة ما”. وأكمل: “أضف إلى ذلك أنّ التوجه إلى الانفتاح على العالم من نتائجه انتشار هذا النوع من الكتب، وأعتقد أنه من غير المنطقي المجازفة والقول بأنّ الكتب الأدبية التي تقدم العالم وقصصه أو أنّ الكتب التي تتناول التنمية والمهارات والإدارة أو الكتب الفلسفية والفكرية، منتشرة أكثر من غيرها؛ لأنه لا يملك معلومة عن مبيعات تلك الكتب، ناهيك عن أنّ الأمر مُناطٌ بالمترجم والعنوان الذي يختاره بسبب الطلب عليه أو بسبب ذائقته”. مشدداً على أن هذا طبيعي بسبب الحثّ على اتّباع الشغف في الفترة الأخيرة بدءاً من أعلى قمة مجتمعنا، والشغف عابرٌ للجغرافيا.
ويختتم الطاسان حديثه قائلاً: لابد أن يبقى في الذهن أنّ الترجمة متعلّقة بالمحتوى، ومن الظلم لهذا الحراك، النظر إليه من زاوية الكتب المطبوعة فحسب، فالمحتوى يأخذ الكثير من الأشكال. بعد هذا، أعتقد أنّه يجب مناقشة التأهيل الأكاديمي، وأهمّ منه خارج حدود الجامعات. لم يعد الأمر متعلّقًا فقط بتأسيسك الأكاديمي، ولكن بقوة ومرونة لغتك ومفرداتك وقدرتك على التعبير بالعربية”