محنة و إبتلاء ، فترة زمنية مختلفة ،فارقة ومؤثرة في تاريخ البشرية كلها
لا شك أنها أزمة قاسية أثرت فينا عميقاً !
إجتاحت العالم و هددت البشرية ، وعلا الهلع و الحزنُ الوجوه بفقدان أعزاء ! فهو يحصد كل يوم أرواحا ! بدأ اليأس يطاردنا ، سببت لنا الكثير من الخسائر الاقتصاديه و ارتفعت نسبة الاكتئاب بين الناس
وحالات العنف و المشاكل الأسرية ما أضفى إلى ارتفاع نسب الاكتئاب وصاحبه الإنطواء بشكل ملحوظ ، توقف التعليم في كثير من الدول على اختلاف مراحله ، وضرب كل القطاعات على إختلاف أعمالها و نشاطاتها مست مناحي الحياة !
فقد الكثيرون أعمالهم وخسروا وظائفهم وتعطلت في حالات ثانية ، لم تفرق بين دولة متقدمة و أخرى فقيرة و كشفت العيوب و المحاسن في الدول والمجتمعات !
تغيرت طباعنا عاداتنا الاجتماعية وتاقلمنا مع ظروف جديدة ، حيث تعلمنا دروساً و عبرا، أثرت سلبيا وايجابيا ، غيرت وجهة نظرنا للحياة
قرارات هنا و تعليمات هناك
زيادة الاهتمام بالنظافة و اساليب الوقايا لوعي الناس بانها خيرا من العلاج لحماية انفسهم من الوباء
جلبت أزمة كورونا سلبيات وتحديات غيرت الكثير من مظاهر الحياة، وما تبعها من إجراءات وقائية فرضت طابعاً مغايراً على ما اعتادته العائلات والأفراد نتيجة عدم تمكنهم من ممارسة حياتهم بالشكل العادي و المألوف بما فرضته من الحجر المنزلي بنوعيه ،
فكانت قاسيه وأثرت فينا تأثيرا كبيرا وقلبت أحوال العالم رأسا على عقب بما طرحته من نظرية ا لمؤامرة و الحرب البيولوجية !
ثغرات خطيرة أظهرتها “كورونا”، في العلاقات بين الدول و الشعوب ! حيث استغلت أخطر للفجوات الرهيبة !
قيم ضربت في الصميم ! و خيانات عظمى نسفت بكل الإتفاقيات التاريخية الموقعة كانوا ملزمين بتنفيذها أو على الأقل احترامها لارتباطهم بها كاتحاد !
و من رحم الأزمة إستيقضت ضمائر وتبدلت سلوكيات ! كما خرج من ركام المحنة أبطالا في خط الدفاع الأول سطروا كتابا للإنسانية دون بحث عن ريادة أو أضواء بل كانت تضحيات في سبيل حماية الشعوب والحرص على سلامتها !
يواجهون خطر الإصابة بالوباء من جراء تعاملهم المباشر مع المرضى !
و من جهة ثانية استغل البعض الأزمة و راح لينتفع و يحقق مكاسب شخصية ،متاجرة غير أخلاقية في البلازما ممن تماثلوا للشفاء!
فأظهرت كورونا أسوأ ما فينا ! دول تسطو على الكمامات والكحول و أخرى و حين دقت لحظة الإختيار أنقذت الشباب تاركة كبار السن يموتون بدون رحمة و لا شفقة !
ولطالما تغنت هذه الدول بالديموقراطية و الإنسانية ! فطغت المصلحة ! والجشع كان هو السائد و المسيطر على المشهد ولكنه مغلف بالحب والديمقراطية المصطنعة ! لتصبح قيم العالم الغربي درب من الخيال !
وثالثة تتجاهل جارتها ! ضاربة بالتضامن الإنساني الذي يسمو فوق كل اعتبار ، في أوقات المحن ، عرض الحائط !
الصدمة الوحشية عصفت بأخلاقيات و مواقف العالم ! فضحت إتحادات هشة على الورق و أشعلت أزمات فاقت حدتها ما شاهدناه من قبل من أزمات !
عالم إزدادت معاناته من الانقسام و التعددية القطبية،
ودخلت فيه الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي إلى حالة غير مسبوقة ! و ضغوطات كثيرة مختلفة و متداخلة ! كشفت عيوب “العالم المتحضر”! و جبروته
تعايشنا مع كورونا ،
بثقافة و وعي و سلوكيات شعوبنا المتباينة و المتفاوتة و التي تدعو للتفاخر حينا والدهشة و العجب والحسرة و الصدمة و الإستغراب أحيانا أخرى لتسيبها و عدم إنضباطها و إكتراثها و تهاونها و استهتارها و التقيد بالتعليمات النافذة !
سقطت أسطورة تسمية البلدان المتقدمة و العظمى ، حين كشفت عن نقائصها واحتياجاتها لكل شيئ ! بل كانت محل مساعدة في وقفات و هبات تضامنية من نظيراتها من دول العالم الثالث الفقيرة !
الفيروس وضعنا على المحك كدول و شعوب ! لذلك نأمل أن تكون هذه الأزمة المحرك لاعادة الحياة من جديد الى مسارها الصحيح والطبيعي و الذي سيدفع الإنسانية للنهوض من جديد برؤيا إيجابية لآفاق مستقبلية
فالبشرية مرت على مدار التاريخ بكوارث أشد من كرونا، وعادت أقوى و أصلب وذات خبرات تراكمية أكثر ومقدرة فائقة على المواجهة و إدارة الأزمات ، لهذا لا أشك في أن القادم أفضل .
إنها دعوة صادقة للتامل و مراجعة النفس و الحسابات، و إعادة النظر في كل شيئ ، لنمنح الأشياء قيمتها ، لا لما تمثله ، بل لما تعنيه و عليه يحق لنا تسميته فيروس تصحيح المسار.